لم تكد تمضي ساعات على نشر "الوطن" للحلقة الأخيرة من الوثائق السرية المسربة لها من داخل حزب الله ومخططه للسيطرة على منطقة القلمون السورية، بهدف تأمين شمال العاصمة دمشق، حتى بدأت البنود الأولى للخطة في التحقق، إذ نص المخطط -كما نشرت الصحيفة- على قصف جوي مكثف من قبل طائرات النظام، والمدفعية الثقيلة للحزب تجاه المنطقة ومحيطها، وهو ما بدأ بالفعل أول من أمس، واشتدت حدته أمس بشكل غير مسبوق، نفذ خلاله الطيران عددا كبيرا من الطلعات الجوية، ما دفع آلاف العائلات للنزوح لبلدة عرسال الحدودية اللبنانية. وعلق عضو المجلس البلدي بعرسال أحمد الحجيري، قائلا "وصلت حوالى ألف عائلة منذ الجمعة". في حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، أن "الاشتباكات العنيفة مستمرة منذ الجمعة في محيط قارة بالقلمون، ما يشير إلى معركة كبيرة قادمة". وتهدف خطة الحزب إلى تحويل كامل محيط دمشق لمناطق شيعية، وتهجير السكان السنة، بدءا من عرسال، وانتهاء بدرعا جنوبا، مرورا بجميع بلدات القلمون، كما أن من المنتظر أن يعمل الحزب على إنشاء ضاحية شيعية جنوب العاصمة. تحتم خطة حزب الله اللبناني التي بدت بوادرها تلوح في الأفق، على تنفيذ سيناريو تحويل كامل محيط دمشق إلى مناطق شيعية، وتهجير سكانها السنيين، بدءا من عرسال اللبنانية، وانتهاءً بتخوم درعا جنوبا، مرورا بحمص، وكل بلدات القلمون. ومن المفترض أن يبدأ المخطط بالالتفاف واقتحام جنوبدمشق، ثم العمل على إنشاء ضاحية شيعية جنوباً، وبدء العمليات في شبعا لفتح الطريق، ثم مناطق الذيابية، والحسينية، وسبينة، ومن ثم داريا والمعضمية، مع ضرورة ربط تلك المناطق بخط بيروت قدسيا وقرى الأسد، وجعلها محمية شيعية لا وجود للسنة فيها، مع التمدد جنوباً إلى درعا. ووفقا لخطط الحزب التي كشفت عنها "الوطن" على مدى يومين متتالين، تقضي أحد بنودها، بأن تبقى بلدة عرسال هدفاً للحزب، وستكون ضمن الطوق مع بدء المعارك، فيما ستقوم مليشيات العشائر بتلك المهمة، مع قطع شريان كل البلدات التي يكون غالب سكانها من السنيين عن بعضها بعضا بالمنطقة الجنوبيةالشرقية "قب الياس" وكل البلدات هناك، فيما سيسبق هذا العمل، تحركٌ واسع للجيش، بحجة حماية شرق لبنان من اختراقها من قبل مجموعات يسمونها "تكفيرية". ووصل آلاف المقاتلين من حزب الله والعراقيين التابعين لعصائب أهل الحق إلى درعا، تمهيداً لإخضاعها. أما في الشمال فيجري العمل على فصل حمص ومحيطها، وإقامة سوار حديدي حول القلمون، لخنقه وسد كل المسالك إليه ومحاصرته. وشهدت الساعات الماضية تصعيدا في العمليات العسكرية في منطقة القلمون شمال دمشق، ونزح آلاف السوريين إلى بلدة عرسال اللبنانية. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن "الاشتباكات العنيفة" مستمرة منذ الجمعة في محيط مدينة قارة بالقلمون، على طريق حمص دمشق الدولي، مشيرا إلى أن "العمليات الجارية في القلمون تشكل تمهيدا لمعركة كبيرة". وسجلت طائرات النظام، حضورا قويا أمس، حيث قامت بعشر طلعات لقصف تلك المناطق، من أجل تهجير قاطنيها، تنفيذاً لأحد بنود خطط حزب الله، حتى تحولت القلمون إلى مدينة أشباح. ونزح آلاف السوريين خلال الساعات الماضية من قارة إلى مدينة دير عطية القريبة الواقعة تحت سيطرة النظام، وخصوصا إلى بلدة عرسال في شرق لبنان الحدودية مع سورية. وقال عضو المجلس البلدي بعرسال أحمد الحجيري "وصلت حوالي ألف عائلة إلى عرسال منذ الجمعة. ونحاول تأمين إقامتهم في منازل بعض سكان البلدة وفي خيم، لكن من المستحيل تأمين كل حاجاتهم". وأضاف "نحتاج إلى مساعدة طارئة وملحة من المجتمع الدولي لتأمين المساعدات". مشيراً إلى أن العائلات تعبر الحدود في سيارات أو على دراجات نارية أو سيراً على الأقدام، متوقعاً "وصول المزيد خلال الأيام القادمة مع تصاعد المعارك في القلمون". إلى ذلك، ألمحت روسيا إلى احتمال عقد لقاء غير رسمي بين ممثلين عن المعارضة والحكومة في موسكو، على هامش التحضير لاجتماع "جنيف 2". ودعا وزير خارجيتها سيرجي لافروف إلى عدم تفويت فرصة عقد مثل هذا اللقاء. وقال في حديث للتلفزيون الروسي "لمساعدة زملائنا الغربيين الذين يحاولون جلب المعارضة إلى المؤتمر الثاني في جنيف، فنحن مستعدون لاستخدام علاقاتنا بمعارضي النظام التي لم نقطعها أبداً. التقينا في موسكو والمنطقة مع كل فصائل المعارضة المهمة تقريباً". وأضاف أن بلاده اقترحت عقد لقاء تحضيري بين ممثلين حكوميين وكافة فصائل المعارضة، بمشاركة ممثلين عن روسيا والولايات المتحدة والمبعوث الدولي العربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، "وذلك حتى ينظر جميع الفرقاء إلى بعضهم البعض ويفهموا سبب فشلهم في وضع نهج موحد حيال المفاوضات مع النظام". وتابع قائلاً "لا أعرف هل سيكون هذا اللقاء ناجحاً، لكننا على قناعة بأن هذه فرصة لا يجوز تفويتها". واستردك بالقول إن الشروط المسبقة التي تطرحها المعارضة السورية لمشاركتها في "جنيف - 2"، بما في ذلك اشتراط رحيل الأسد، غير واقعية. وقال إن مثل هذه المطالب غير واقعية لأنه يجب الجلوس حول طاولة المفاوضات أولا للبدء بالبحث عن حلول وسط.