أقال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد وزير الشؤون الدينية عبد الجليل بن سالم بسبب تصريحات تناول فيها «التشدد» وحمل على «الوهابية» في الوقت ذاته. في غضون ذلك تواصلت المفاوضات بين الحكومة والأحزاب السياسية بخصوص مشروع قانون موازنة «تقشف»، يواجه رفضاً واسعاً في تونس. وقرر رئيس الوزراء يوسف الشاهد، أمس، إعفاء بن سالم من مهامه، وذلك ل»عدم احترامه ضوابط العمل الحكومي وتصريحاته التي مست بمبادئ وثوابت الديبلوماسية التونسية» كما ورد في بيان لمكتب رئيس الوزراء. وكان عبد الجليل بن سالم صرح، في جلسة استماع للجنة الحقوق والحريات في البرلمان التونسي الخميس، بأن «الوهابية هي سبب ما يشهده العالم الإسلامي من تشدد». وحظي قرار إقالته بدعم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي صرح مدير ديوانه سليم العزابي بأن «وزير الشؤون الدينية ارتكب هفوة كبيرة بتعبيره عن موقفه الشخصي». وتعليقاً على هذا القرار صرح رئيس كتلة «النهضة» الإسلامية (أكبر كتلة بالبرلمان) نور الدين البحيري، بأن «هذا القرار متوقع فكل مسؤول يجب أن يدرك أن العلاقات مع الجزائر ومع السعودية وليبيا هي مسألة أمن قومي». إلى ذلك، واصلت حكومة يوسف الشاهد لقاءاتها المكثفة مع الأحزاب السياسية والمنظمات، للتباحث بخصوص مشروع قانون موازنة الدولة للعام المقبل، والتي تواجه انتقادات شديدة من قبل أحزاب المعارضة وممثلي العمال ورجال الأعمال وأصحاب المهن الحرة. وكان مجلس الوزراء صادق قبل أسبوعين على مشروع قانون الموازنة للعام 2017 والذي تضمن فرض ضرائب جديدة على الشركات والمحامين والأطباء وأصحاب المهن الحرة، إضافة إلى تأجيل صرف زيادات رواتب الموظفين ورفع أسعار الكهرباء، ما خلق أزمة اجتماعية أمام الحكومة التي تولت مهماتها قبل شهرين. ويتوقع أن تنطلق مناقشة مشروع الموازنة في 18 الشهر الجاري، وسط مساعي من الحكومة لإيجاد توافقات مع الرافضين للموازنة بصيغتها الحالية، خصوصاً «الاتحاد العام التونسي للشغل» الذي هدد بالإضراب العام في حال أقر البرلمان تأجيل صرف الزيادات في مرتبات موظفي القطاع العام. وتواجه موازنة 2017 «التقشفية» معارضة شديدة أيضاً من «اتحاد أرباب العمل» (المنظمة ذات النفوذ الكبير)، إضافة إلى المحامين والأطباء وأصحاب المهن الحرة، كما تعارض القوى اليسارية سياسات الحكومة التي تعتمد التقشف والاقتراض من المانحين الدوليين. وساهمت إضرابات قطاع الفوسفات وتراجع إيرادات السياحة، في خفض توقعات النمو لهذا العام لتبلغ 1.5 في المئة على أقصى تقدير، كما تفيد بيانات رسمية تونسية. ويتوقع أن يرتفع العجز في الموازنة إلى 6.9 بليون دينار (3.4 بليون دولار) مما يدفع البلاد إلى مزيد الاقتراض من المؤسسات الدولية المانحة. وكان رئيس الوزراء التونسي حذر، في خطاب قبل نيله ثقة البرلمان، من أن بلاده ستضطر إلى تبني سياسة تقشف على كل المستويات بما في ذلك من تسريح لموظفي القطاع العام وفرض ضرائب جديدة وخفض الإنفاق، في حال استمرت الصعوبات الاقتصادية الحالية.