وصف «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي توقيف السلطات التركية 12 من نوابه، بينهم زعيماه، واحتجازهما لمحاكمتهما في إطار تحقيق بجرائم مرتبطة ب «دعاية إرهابية»، ب «إبادة جماعية سياسية»، واتهم الحكومة بالسعي إلى إشعال حرب أهلية، علماً أنها برّرت تدابيرها التي لقيت انتقادات أميركية وأوروبية عنيفة، بإحجام النواب عن الإدلاء بشهاداتهم في قضايا جنائية، واتهمتهم بتشجيع «الإرهاب». وبعد ساعات على توقيف النواب، أعلن «حزب العمال الكردستاني» مسؤوليته عن تفجير سيارة مفخخة أمام مقرّ للشرطة في مدينة دياربكر جنوب شرقي تركيا، أوقع 9 قتلى وحوالى مئة جريح. وتعهد القيادي البارز في «الكردستاني» مراد كارايلان في تسجيل مصوّر، تصعيد الصراع ضد السلطات التركية، مشدداً على «أهمية» أن يردّ الأكراد على احتجاز النواب. ودخلت الساحة السياسية في تركيا طريقاً شائكاً، مع تكرار مشهد سجن نواب أكراد، عايشته البلاد في تسعينات القرن العشرين. وأعلنت وزارة الداخلية إصدار مذكرات لتوقيف 15 من نواب «حزب الشعوب الديموقراطي»، اعتُقل 12 منهم ليل الخميس- الجمعة، بينهم رئيسا الحزب صلاح الدين دميرطاش وفيغن يوكسيكداغ. وقرّرت محكمة في دياربكر احتجاز دميرطاش ويوكسيكداغ وثلاثة من نواب الحزب، تمهيداً لمحاكمتهم في اتهامات بدعم نشاطات «إرهابية» ل «الكردستاني»، فيما أطلقت ثلاثة نواب وأبقتهم تحت مراقبة قضائية. وأصرّ النواب الأكراد على موقفهم، ورفضوا الإجابة على أي سؤال وقدّموا للنيابة عريضة مكتوبة بالوكالة عنهم جميعاً، تتهم الرئيس رجب طيب أردوغان بتلفيق اتهامات لهم، والعمل لإشعال فتنة قومية في تركيا. ووضع «حزب الشعوب الديموقراطي» احتجاز نوابه ومحاكمتهم، في إطار اتفاق أبرمه أردوغان ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي، خلال اجتماع نادر بينهما الخميس. ورأى «حزب الشعوب الديموقراطي» الذي يشغل 59 من المقاعد ال550 في البرلمان، في التوقيفات محاولة لإشعال حرب أهلية في تركيا، متحدثاً عن «انقلاب ضد الحزب والتعددية والتنوّع والعدالة» وعن «نهاية للديموقراطية في تركيا». أما النائب عن الحزب آدم غفري فوضع الأمر في إطار «عملية إبادة جماعية سياسية»، معتبراً أن السلطات «أنهت رسمياً عمل البرلمان، في شكل غير ديموقراطي وغير مشروع». ولفت إلى أن إسقاط الحزب من «المعادلة السياسية» سيتيح تنظيم «انتخابات مبكرة وإقامة (نظام) استبدادي في تركيا، من دون أي معارضة ديموقراطية». في المقابل، برّر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، احتجاز النواب برفضهم الشهادة في قضايا جنائية، واتهمهم بتشجيع «الإرهاب». أما وزير الداخلية بكير بوزداغ، فرفض انتقادات، قائلاً: «النواب المحتجزون تجاهلوا القانون. أُرسِل إليهم استدعاء لكنهم لم يأتوا. ما هو الحلّ؟ اقتيادهم بالقوة». ورفض وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو انتقادات «غير مقبولة»، وزاد: «غالبية دول الاتحاد الأوروبي تقدّم دعماً قوياً جداً لحزب العمال الكردستاني. لن نقبل دروساً منها في شأن سيادة القانون». أما رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيلجدارأوغلو، فلفت إلى أن «مَن دخل البرلمان بالانتخاب، يجب أن يرحل بالانتخابات ولا بأسلوب آخر». وعلّق يلدرم معتبراً أن «لا فرق بين النائب والمواطن العادي أمام القانون، وكلّ من يدعم الإرهاب سيلقى جزاءه». وعقد سفراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة اجتماعاً طارئاً أمس، بدعوة من وزيرة خارجية الاتحاد فيديركا موغيريني التي أعربت عن «قلق عميق» لتوقيف النواب الأكراد. واستدعت وزارة الخارجية الألمانية القائم بالأعمال التركي، وأبلغه الوزير فرانك فالتر شتاينماير أن «تهديد الإرهاب والمحاولة الانقلابية الدامية» يجب «ألا يُستخدم ذريعة لكمّ أفواه المعارضة أو زجّها في السجن». واعتبر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، أن تدابير الحكومة التركية «تطرح تساؤلات حول قواعد علاقة دائمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا»، فيما أعربت الولاياتالمتحدة عن قلق «شديد»، معتبرة أن «من واجب الديموقراطيات عندما تهاجم مسؤولين منتخبين، تبرير تصرّفاتها والحفاظ على الثقة بالقضاء».