أطلقت فصائل سورية معارضة أمس المرحلة الثانية من معركة فك الحصار عن الأحياء الشرقية في مدينة حلب، وأعلنت تقدمها داخل الأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة القوات النظامية وميليشيات موالية للحكومة السورية. وجاء هجوم المعارضين قبل يوم من انتهاء الإنذار الذي وجّهته روسيا لهم بضرورة الإنسحاب من شرق حلب بحلول مساء الجمعة، وسط توقعات بأن تنهي الطائرات الروسية هدنة مستمرة منذ أسبوعين في عمليات القصف على حلب. وأعلنت «جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) أن الهجوم على غرب حلب بدأ بتفجير عنصر فيها يدعى خطاب التبوكي «عربة مدرعة» في حي حلب الجديدة، ثم تبعه تفجير انتحاري ثانٍ في الحي ذاته. ومهّد التفجيران لانطلاق «مدرعات الاقتحام» و «دخول الاستشهاديين» الذين تمكنوا من «كسر الخط الدفاعي الأول والتوغل داخل حي حلب الجديدة»، وفق ما جاء في سلسلة تغريدات للجبهة على حسابها في موقع «تويتر». وأكدت «فتح الشام» أيضاً «وصول الانغماسيين إلى كتلة الأبنية الأولى في (حي) 3000 شقة» حيث تدور اشتباكات في «داخل الحي» و «ما زال التقدم مستمراً». كذلك أعلنت «حركة نور الدين الزنكي» المشاركة في الهجوم «توغل المجاهدين في حي حلب الجديدة بعد كسر الخطوط الدفاعية الأولى» للقوات النظامية. ووزعت فصائل أخرى مثل «حركة أحرار الشام» و «فيلق الشام» صوراً لعشرات من عناصرها وهم يستعدون للمشاركة في الهجوم. أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فأشار، من جهته، إلى أن الفصائل نفّذت تفجيرين بعربتين مفخختين ضد «تمركزات قوات النظام في أطراف حلب الجديدة وضاحية الأسد» تبعهما «هجوم عنيف من الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة فتح الشام والحزب الإسلامي التركستاني في محاور مشروع 1070 شقة وحلب الجديدة وضاحية الأسد وأطراف منيان»، مشيراً إلى أن «الفصائل تحاول لليوم السادس على التوالي تحقيق مزيد من التقدم في القسم الغربي من مدينة حلب بغية الوصول إلى أحياء حلب الشرقية لفك الحصار المفروض عليها» منذ الصيف. وفي الإطار ذاته، أوضحت شبكة «شام» الإخبارية المعارضة أن «هدف الثوار من دخول حي حلب الجديدة هو إحكام الحصار على أكبر معاقل قوات الأسد في الأكاديمية العسكرية التي تتربع على منطقة استراتيجية في حي الحمدانية بين حلب الجديدة من الشمال ومشروع 3000 شقة من الجنوب وضاحية الأسد المحررة من الغرب». وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن قصف فصائل المعارضة أمس على أحياء حلب الجديدة والموكامبو والمشارقة وكلية الآداب في غرب حلب تسبب في مقتل 12 مدنياً وجرح أكثر من 200 آخرين، في حين أكد «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» اللبناني أن المعارضين شنّوا عملية واسعة لكن «الجيش السوري ضبط زخم الهجوم وسط حالة من التخبط بصفوفهم بعد تكبدهم خسائر كبيرة على محوري ضاحية الأسد ومنيان غرب حلب»، مضيفاً أن «الجيش السوري وحلفاءه حاصروا 15 مسلحاً بينهم جرحى في محور منيان». وزعم أيضاً أن «عدداً من الأشخاص أصيبوا بحالات اختناق نتيجة استهداف المسلحين منطقة منيان ... بقذائف تحتوي غازات سامة»، في تكرار لاتهامات أطلقتها القوات النظامية قبل أيام، خلال المرحلة الأولى من هجوم المعارضة لفك الحصار عن حلب. ونفت الفصائل تلك الاتهامات وقالت إن القوات النظامية هي من استخدم الغازات السامة في معارك حلب. وكانت وزارة الدفاع الروسية طلبت الأربعاء من مقاتلي المعارضة المتحصنين في حلب مغادرتها بحلول مساء الجمعة، مؤكدة أنه سيُسمح لهم بالخروج سالمين ومعهم أسلحتهم بين التاسعة صباحاً والسابعة مساء من خلال ممرين، فيما سيُسمح للمدنيين والمرضى والجرحى بالمغادرة عبر ستة ممرات أخرى. ونشر الجيش السوري بياناً مماثلاً ليلة الأربعاء دعا فيه مقاتلي المعارضة إلى وقف النار و «الاستفادة من فرصة المهلة لمغادرة المدينة مع أسلحتهم الفردية عبر معبر الكاستيلو شمالاً ومعبر سوق الخير - المشارقة باتجاه إدلب». وقال مسؤول في جماعة «فاستقم» المعارضة المتمركزة في حلب إن المعارضة رفضت هذه الدعوات. وأبلغ زكريا ملاحفجي «رويترز»: «هذا الأمر مرفوض على الإطلاق. مدينة حلب لا نسلّمها للروس ولا تستسلم بالمطلق». ونفى أن تكون هناك ممرات تضمن خروجاً آمناً وقال إن المدنيين لا يثقون بالحكومة. وعلى صعيد ميداني آخر في حلب، تحدث «المرصد» عن توتر في الأحياء الشرقية بعد اشتباكات دارت بين فصيلي «حركة نور الدين الزنكي» و «تجمع فاستقم» قُتل فيه عنصر من الفصيل الأول وجُرح نحو 25 من الجانبين. وأوضح أن الاشتباكات بين الطرفين دارت في حيي صلاح الدين والأنصاري، وأنها مرتبطة باتهام «تجمع فاستقم» بالتورط في محاولة اغتيال مهنا جفالة قائد «كتائب أبي عمارة» قبل نحو 6 أشهر. وأشار «المرصد» لاحقاً إلى أن فصيلي «الزنكي» و «إبي عمارة» سيطرا على كافة مقرات «فاستقم» في شرق حلب واعتقلا عشرات من عناصره فيما «اعتزل» آخرون القتال ولجأ آخرون للاحتماء عند «حركة أحرار الشام». وفي ريف حلب الجنوبي الغربي، قال «المرصد» إن ما لا يقل عن 10 أشخاص، بينهم 7 أطفال ومواطنة، قُتلوا جراء قصف طائرات حربية لقرية ميزناز و «عدد الشهداء مرشح للارتفاع». في غضون ذلك، قال «المرصد» إن القوات النظامية «تمكنت من السيطرة على تل بزام بريف حماة الشمالي الشرقي إثر انسحاب مقاتلي الفصائل منه على خلفية القصف الجوي والصاروخي منذ يوم (أول من) أمس ... في حين يتواصل التمهيد الصاروخي المكثف شمال مدينة صوران بريف حماة الشمالي بغية التقدم في المنطقة». وتابع أن الطائرات الحربية تواصل «قصفها المكثف على مناطق في بلدات كفرزيتا وطيبة الإمام ومورك واللطامنة ومناطق أخرى بريف حماة الشمالي»، مشيراً إلى ما لا يقل عن 22 غارة. وفي محافظة حمص المجاورة (وسط)، أشار «المرصد» إلى اشتباكات عنيفة تدور في محوري حقل المهر والأطراف الشرقية لمدينة تدمر بريف حمص الشرقي، بين عناصر من «داعش» من طرف، وقوات النظام من طرف آخر. وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، تحدث «المرصد» عن إصابة «قاضٍ بجيش الفتح بجروح خطرة في الحي الشرقي لمدينة خان شيخون جراء انفجار عبوة ناسفة في سيارة كان يستقلها بالمنطقة». وكانت الولاياتالمتحدة أكدت مساء الأربعاء أنها قتلت بطائرة بلا طيار قيادياً تركياً في تنظيم «القاعدة» بغارة استهدفته في إدلب يوم 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.