تمكنت القوات العراقية أمس من إحراز تقدم محدود عند المدخل الشرقي لمدينة الموصل بعد مقاومة عنيفة أبداها تنظيم «داعش»، وسط معلومات عن دخولها الحدود الإدارية للمدينة، فيما ألمح التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن إلى استعداده لتقديم الدعم الجوي ل «الحشد الشعبي»، إذا طلبت الحكومة العراقية ذلك. وبدأ «الحشد الشعبي» السبت عملية عسكرية في غرب مدينة الموصل بهدف قطع طريق إمداد «داعش» بين معقليه في الموصل (العراق) والرقة (سورية)، لكن ذلك أثار غضب الأتراك الذين أرسلوا قافلة عسكرية تضم حوالى ثلاثين آلية تنقل خصوصاً دبابات وقطع مدفعية إلى منطقة قريبة من الحدود العراقية، وفق ما أوردت «فرانس برس» في تقرير من دياربكر أمس. وترغب تركيا في إشراكها بالهجوم ضد مدينة الموصل، مشيرة إلى أنها تخشى حدوث مواجهات مذهبية في مدينة تلعفر، غرب الموصل، التي تحاول قوات «الحشد الشعبي» الشيعية السيطرة عليها. وواجهت قوة مكافحة الإرهاب العراقية أمس عقبات في خرق خطوط «داعش» في قرية كوكجلي، التي تعد أول المداخل المؤدية إلى مركز الموصل، بعد تعرضها لهجمات انتحارية بعربات مفخخة، وقدرة أبداها التنظيم في التخفي بالاعتماد على شبكات الأنفاق، إضافة إلى إشعاله الحرائق بواسطة حرق الإطارات والنفط الأسود لنشر الدخان الذي غطى سماء موقع الاشتباكات بهدف منع الطائرات من مساندة القوات العراقية المتقدمة نحو مواقعه. وقالت قيادة «العمليات المشتركة»، خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس في محور مخمور جنوب شرقي الموصل، إن «الفرقة التاسعة تقدمت إلى مناطق قريبة من الساحل الأيسر (الشرقي) في الموصل». وأكد صباح النعمان الناطق باسم «جهاز مكافحة الإرهاب» الذي يتولى مهمة اقتحام الجهة الشرقية أن «الجهاز حقق كل أهدافه وتقدم بشكل كبير نحو مدينة الموصل». وأضاف أن «المعركة تسير وفق ما خطط لها وستحقق نتائج كبيرة وستحسم لمصلحة القوات الأمنية وأهلنا في المدينة»، مشيراً إلى أن «هناك تنسيقاً عالياً بين جميع محاور العمليات للاتجاه نحو مدينة الموصل بنفس التوقيت الزمني، وهو ما يُحسب لقيادة العمليات». أما جهاز مكافحة الإرهاب فأعلن، استعادة السيطرة في شكل كامل على بلدة قوقجلي ومحطة تلفزيون الموصل الواقعتين على أطراف مدينة الموصل من الجهة الشرقية. وقال الفريق عبدالوهاب الساعدي من جهاز مكافحة الإرهاب لوكالة «فرانس برس»: «أنهينا تطهير بلدة قوقجلي وسيطرنا على مبنى محطة تلفزيون الموصل والتقدم مستمر». وكان رئيس جهاز مكافحة الإرهاب العراقي الفريق أول ركن طالب شغاتي أعلن في وقت سابق بدء «التحرير الفعلي» لمدينة الموصل. وبدأت القوات العراقية عملية عسكرية كبيرة في 17 تشرين الأول (أكتوبر)، بهدف استعادة السيطرة على الموصل، آخر معاقل «داعش» في شمال العراق. وشدد الناطق باسم التحالف الدولي جون دوريان خلال مؤتمر صحافي على أن «الحكومة والقوات العراقية هي التي خططت لتحرير الموصل، وعملنا يقتصر على الدعم الجوي الذي استهدف التنظيم بأكثر من 3000 قنبلة منذ انطلاق العمليات وكانت فعالة جداً، مع مراعاة سلامة المواطنين حيثما وجدوا». ولفت الى أن التحالف «يراقب عن كثب تحركات مقاتلي داعش الذين لن يتمكنوا من الهروب إلى مدينة الرقة السورية، برغم أن أعداداً صغيرة من الإرهابيين قد تحاول الهروب، وسنقوم بقصف أي تحرك للإرهابيين». وفي رد على سؤال في شأن إمكاني توفير الدعم الجوي ل «الحشد الشعبي»، قال إن «التحالف سيوفّر الدعم الجوي في أي مكان في حال طلب رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي». ووجه دوريان رسالة إلى سكان الموصل بالقول: «سيتم تحريركم من داعش». وأردف «إننا فخورون بالتقدم العالي المستوى الذي تم إحرازه»، إلى ذلك، أكد الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن، خلال المؤتمر الصحافي، «قتل أكثر من 1300 إرهابي في المحور الجنوبي (للموصل) منذ انطلاق العمليات، واعتقال 94 آخرين، فضلاً عن تدمير 166 عجلة مفخخة وضبط 26 عجلة متنوعة، وتدمير 24 أخرى، كما تم تفكيك 1126 عبوة ناسفة، وتدمير 37 وكراً مفخخاًَ، و16 معملاً لصنع العبوات (الناسفة)». وأضاف أن «المساحة المحررة في جميع محاور القتال تقدر بنحو 1440 كلم، وقد حققت قوات الشرطة الاتحادية إنجازات كبيرة ومهمة في المحور الجنوبي حتى الآن بتحريرها 65 قرية». وزاد معن أن الوزارة «أعادت فتح مراكز شرطة القيارة، وهناك خطط لفتح المراكز بسرعة في الشورة وحمام العليل بعد تحريرهما، إضافة إلى مركز شرطة الحمدانية وبرطلة في الجبهة الشمالية، في إطار خطة مسك الأرض». وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي حذّر خلال تفقده قاعدة القيارة الجوية جنوب الموصل تنظيم «داعش» من أنه «لا توجد وسيلة للهروب: إما الاستسلام أو الموت».