دعا روبرت بلاكويل نائب مستشار الأمن القومي الاميركي في عهد الرئيس السابق جورج بوش الى تقسيم أفغانستان، في شكل تسيطر معه «طالبان» على مناطق البشتون التاريخية في الجنوب والشرق، فيما تبقي الولاياتالمتحدة 50 ألفاً من جنودها في هذا البلد لأجل غير محدد، لحماية المناطق الشمالية والغربية التي يقطنها الطاجيك والأوزبك والهزارة (الشيعة)، من سيطرة الحركة. واعتبر السفير بلاكويل الذي برز دوره منسقاً رئيسياً بين وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس والحاكم المدني السابق في العراق بول بريمر، ان من المهم جداً سحب قوات حلف شمال الاطلسي (ناتو) من مناطق البشتون، لأن خسارتها الحرب هناك شبه أكيدة، وأكد وجوب تغيير الرئيس الأميركي باراك أوباما استراتيجيته بالنسبة الى الحرب في أفغانستان. بلاكويل الديبلوماسي المتقاعد الذي يرأس كرسي هنري كيسنجر (وزير الخارجية الأميركي السابق) في مجلس العلاقات الخارجية وعمل سفيراً لبلاده في بلدان عدة آخرها الهند، كان يتحدث أمام مجموعه من الأكاديميين والباحثين في المعهد الدولي للشؤون الاستراتيجية في لندن. وقال بلاكويل إن الأخطاء الاستراتيجية للسياسة الغربية تتراكم في أفغانستان منذ عقود، خصوصاً الخطأ الفادح الذي ارتكبته الولاياتالمتحدة بعد أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001 حين تغيرت الاستراتيجية من طرد «القاعدة» وهزيمتها في افغانستان الى هزيمة «طالبان» وإقامة حكومة ديموقراطية في كابول، خصوصاً أن تحقيق مثل هذا الهدف امر غير واقعي ومستحيل، إضافة الى أنه يكلف الولاياتالمتحدة 100 بليون دولار سنوياً، الى جانب الخسائر بالأرواح التي قد تصل الى 500 قتيل سنوياً. وأشار بلاكويل الى وجود بين 50 و100 عنصر من «القاعدة» على الحدود الأفغانية - الباكستانية، وحوالى 300 عنصر من «القاعدة» على الجانب الباكستاني من الحدود. وأضاف: «إذا أخذنا في الاعتبار وجود أكثر من مئة ألف جندي أميركي، فإن هذا يعني أن مقابل كل عنصر من «القاعدة» هناك أكثر من 1000 جندي أميركي. وأكد السفير بلاكويل أنه إذا لم تتبن الإدارة الأميركية، استراتيجيته هذه، فإنها قد تجد نفسها في مأزق، خصوصاً أنها تتعامل مع حكومة الرئيس الافغاني حميد كارزاي التي وصفها ب «الفاسدة حتى العظم، ولا تتمتع بشعبية شأنها في ذلك شأن طالبان وربما اكثر»، إضافة الى شبه انعدام فرص نجاح عمل «الناتو» العسكري في افغانستان. واعترف بلاكويل بأنه لم يعرض فكرته هذه على الإدارة الأميركية، ولكنه عبر عن قناعته بأن «طالبان» قد توافق عليها، وأن الدول الإقليمية المحيطة بأفغانستان ستكون لها ردود فعل مختلفة، مشدداً على أهمية إقناع هذه الدول بجدوى هذه الخطوة. واعترف بلاكويل بأن اقتراحه يعرض دولاً مثل باكستان لتهديدات أكبر من جانب «القاعدة»، كما أن النساء الأفغانيات في مناطق «طالبان» سيتعرضن للاضطهاد والتخلف والقمع. ولكنه اعتبر أن هذه المشاكل، يجب الا تكون من اهتمامات الولاياتالمتحدة. وشدد بلاكويل على أهمية الاحتفاظ بقوات أميركية، ليس لحماية الشمال والغرب فقط، بل أيضاً للحفاظ على قدرتها على ضرب أي «إعادة لمّ شمل للقاعدة في أفغانستان» وكذلك اي تقارب أو تحالف قد يعاد بناؤه بين التنظيم و «طالبان». ورداً على سؤال ل «الحياة» عما إذا كانت فكرته هذه جزءاً من مؤامرة كبيرة لتقسيم العديد من الدول العربية حيث توجد مجموعات تصفها الإدارة الأميركية بالإرهابية، أو عناصر من «القاعدة»، مثل اليمن أو العراق أو لبنان، أجاب بلاكويل: «أفهم سؤالك، ولكن الجواب هو كلا». يذكر أن جون تشيبمان الرئيس التفنيذي ل «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» في لندن، كان دعا في حوار مع «الحياة» الأسبوع الماضي، الى تغيير استراتيجية «الناتو» في أفغانستان، لتصبح مبنية على احتواء وردع «طالبان» و «القاعدة».