تعثر تخصيص أكبر مصنع للمطاط في تونس، بعد اتخاذ مجلس إدارة سوق المال قراراً بإرجاء تسجيله في السوق اعتباراً من 8 أيلول (سبتمبر) الجاري، «ريثما تُنشر المعلومات الضرورية لحماية مصالح المستثمرين وتأمين السير الطبيعي للسوق»، على ما ورد في بيان للمجلس. ويجابه مصنع الإطارات المطاطية، الذي أنشأته «الشركة التونسية للصناعات المطاطية» (قطاع عام) في إطار شراكة مع مصانع «بيرللي» الإيطالية، صعوبات مالية كبيرة منذ سنوات، لتزايد المنافسة من الإطارات المستوردة التي انتشرت مع انتشار التهريب، بخاصة من البلدان المجاورة. وعزا مجلس إدارة سوق المال قرار الإرجاء إلى امتناع إدارة المصنع عن نشر التقرير السنوي عن أوضاعه المالية والتجارية. إلا أن المسؤولين عن المصنع ردوا في بيان بأن وجود مراقبين ماليين في المصنع إلى أواخر حزيران (يونيو) الماضي عرقل إصدار التقرير في وقته. وأوضحوا أن تقرير المراقبين سيكون جاهزاً قبل نهاية الشهر الجاري، وأن مجلس إدارة الشركة سيجتمع لاحقاً للتصديق على التقرير السنوي. إلا أن سوق المال أوضحت أن إرجاء التسجيل موقت وربطته باستكمال نشر التقرير بعد تصديق مجلس إدارة المصنع عليه. وعكست المصاعب التي يواجهها مصنع الدواليب المطاطية، تعثر تخصيص منشآت عمومية لإعراض المستثمرين في الداخل والخارج عن شرائها أو معارضة النقابات. ولاقت عملية تخصيص أكبر مصنع للفولاذ في البلد صعوبات من نوع آخر كون وزارة الصناعة والتكنولوجيا قررت أن ترتدي العملية صيغة زيادة من رأس مال الشركة، التي تستأثر ب40 في المئة من سوق الحديد في البلد منذ ستينات القرن الماضي. وأتت تلك الخطوة لتكرس حسم السلطات خيارها بعد تردد لسنوات، خصوصاً في ظل معارضة قوية من الاتحاد العام للعمال لتخصيص الشركة. وأبدت 12 مجموعة دولية اهتمامها بتخصيص المصنع الواقع في مدينة منزل بورقيبة (شمال)، ويدر أرباحاً مهمة إذ بلغ رقم معاملاته السنوي نحو 250 مليون دينار (180 مليون دولار). وتسعى مجموعات عالمية إلى شراء ما بين 35 في المئة إلى 50 في المئة من رأس مال المؤسسة، ومن ضمنها المجموعة الفرنسية - الهندية «أرسيلور ميتال» والمغربية «سوناسيد» والإيطاليتان «بلترام» و «سيسيلفرو» والفرنسية «فركوميتال». وينتج المصنع الذي يُشغل ألف عامل، 200 ألف طن من سبائك الفولاذ و250 ألفاً من القضبان الحديد المستخدمة في حظائر البناء وعشرة آلاف طن من الهياكل المعدنية. غير أن وضعها المالي يتسم بعجز 124 مليون دينار (85 مليون دولار). ورأى محللون اقتصاديون أن الإقدام على خطوة التخصيص يفترض إعداد خطة لمعاودة هيكلة المؤسسة والإجابة سلفاً عن أسئلة ما زالت عالقة، تخص سعر بيع المنتوج الذي يعتمد حالياً على الدعم العمومي ولا يعكس الكلفة الحقيقية، ومصير القسم التسويق الذي يشكل مصدر خسارة دائمة للمؤسسة، إذ نصح خبراء بالتخلي عن حلقة التسويق وتفويضها لشركة منفصلة. مسار التخصيص وتعتزم تونس تخصيص 7 منشآت عمومية أخرى هذه السنة، لكن في صيغ تختلف من منشأة إلى أخرى، إذ ستبيع الدولة حصصها في أربع مؤسسات عمومية هي: «الشركة التونسية لتصنيع السكر» و «الشركة الوطنية للأسمدة الكيميائية» وفندقا «نادي سقانس» في محافظة المنستير و «سوسة بالاس» في محافظة سوسة، «الشركة التونسية للصناعات المطاطية». أما «الشركة التونسية للملاحة» المتخصصة بنقل المسافرين بين تونس وأوروبا و «الشركة الوطنية لتوزيع النفط» فسيُفتح رأس مالهما جزئياً لمساهمات العموم. وكانت تونس خصصت 202 منشأة عمومية في السنوات الأخيرة من بينها 6 مصانع للإسمنت، ويُتوقع أن تدر عليها عمليات التخصيص الجديدة إيرادات تصل إلى 100 مليون دولار.