تجددت المعارك في حلب بين القوات النظامية السورية والميلشيات الموالية من جهة والفصائل المعارضة المسلحة من جهة ثانية بعيد انتهاء الهدنة الإنسانية التي أعلنتها روسيا طوال ثلاثة أيام ولم تسفر عن إجلاء الجرحى من الأحياء المحاصرة بسبب عدم وجود ضمانات لحماية فريق الأممالمتحدة، وسط استئناف الطيران الروسي والسوري غاراته على الأحياء الشرقية لحلب. واستمرت المعارك بين فصائل معارضة منضوية ضمن «درع الفرات» بدعم تركي و «قوات سورية الديموقراطية» الكردية- العربية شمال حلب. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «قصفت طائرات حربية أماكن في أحياء السكري والعامرية والمشهد ومناطق أخرى في أحياء حلب الشرقية وأطرافها، ما تسبب في سقوط عدد من الجرحى، أحدهم فقد أحد أطرافه نتيجة القصف، الذي أسفر أيضاً عن دمار وتهدمات في ممتلكات مواطنين، تلاه بدء قصف مدفعي من قوات النظام على مناطق في الأحياء الشرقية من المدينة. كما سقطت قذائف على منطقة في حلب الجديدة ومشروع 3 آلاف شقة في حي الحمدانية». وأشار إلى استمرار «الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط خان طومان ومستودعاتها بريف حلب الجنوبي، من دون معلومات عن خسائر بشرية». من جهة أخرى، أفاد موقع «روسيا اليوم» بأن الجيش النظامي استعاد سيطرته بالكامل على كتيبة الدفاع الجوي جنوب حلب «بعد اشتباكات عنيفة مع المعارضة»، لافتاً إلى أن «وحدات الهندسة التابعة للجيش السوري تقوم حالياً بعمليات تمشيط داخل الكتيبة وبتفكيك العبوات الناسفة والألغام التي يخلفها عادة المسلحون وراءهم». واعتبر سيطرة الجيش السوري «على كتيبة الدفاع الجوي تمكنه من السيطرة نارياً على تلة بازو والراشدين 5 والبريج في المنطقة ذاتها». وكان «المرصد» أكد السبت أن «هناك تعزيزات عسكرية من الطرفين، الأمر الذي يُظهر أنه ستكون هناك عملية عسكرية واسعة في حال فشل وقف إطلاق النار». وحلب منقسمة منذ عام 2012 ويطوق الجيش السوري مناطق الفصائل المقاتلة التي لم تتلق مساعدات إنسانية منذ أشهر كما أنها مهددة بنقص المواد الغذائية، وفقاً للأمم المتحدة. وبدأ النظام وحليفه الروسي هجوماً في 22 أيلول (سبتمبر) لاستعادة الأحياء الشرقية ما أدى إلى اتهامات بارتكاب «جرائم حرب» نظراً لقوة الضربات التي أوقعت نحو 500 قتيل وألفي جريح، بحسب الأممالمتحدة. والهدنة الإنسانية التي انتهت مساء السبت لم تسفر عن مغادرة من يرغب من السكان والمقاتلين الأحياء الشرقية حيث يعيش نحو 250 ألف شخص. ورغم الأوضاع الصعبة، لم تشهد ثمانية ممرات حددها الجيش الروسي خلال الهدنة أي حركة، ولم يغادر في النهاية سوى ثمانية مقاتلين جرحى وسبعة مدنيين منطقة الفصائل. واتهمت السلطات الروسية ووسائل الإعلام الرسمية السورية المقاتلين بمنع أي شخص من مغادرة مناطقهم. وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن المقاتلين يستخدمون «التهديدات والابتزاز والقوة الغاشمة» لمنع عبور الممرات. وكانت الأممالمتحدة خططت لإجلاء جرحى في وقت مبكر الجمعة لكن في نهاية المطاف قررت تأجيل العملية لأن «الضمانات المتعلقة بالظروف الأمنية» ليست متوافرة. وتقول الأممالمتحدة إن 200 شخص من المرضى والجرحى يجب إجلاؤهم على وجه السرعة من مناطق المقاتلين في حلب. وأسف وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت الذي وصل الأحد إلى غازي عنتاب في جنوبتركيا حيث سيزور مخيماً للاجئين، لتجدد المعارك. وقال: «إذا كنا نريد أن يعود اللاجئون السوريون يوماً إلى بلادهم فينبغي القيام بكل ما هو ممكن لوقف هذه المجزرة واستئناف عملية التفاوض للوصول إلى اتفاق سياسي. ولا يمكن الوصول إلى مفاوضات تحت القنابل». وقال «المرصد» لاحقاً: «نفذت طائرات حربية عدة غارات بعد ظهر اليوم على مناطق في بلدات خان العسل وأم جبينة ومحيط أورم الكبرى، بينما سقطت قذائف صاروخية أطلقتها الفصائل بشكل مكثف على أماكن في حي الحمدانية بمدينة حلب، وسط تجدد المعارك العنيفة في محور ال1070 شقة وسوق الجبس جنوب غربي حلب، بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة فتح الشام من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب آخر، وسط قصف عنيف ومتبادل بين الطرفين، كذلك تستمر الاشتباكات بين الطرفين في محور تل الصواريخ بريف حلب الجنوبي الغربي». في الوسط، استمرت «الاشتباكات في محور تل الصوانة بريف حمص الشرقي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، وتنظيم داعش من جانب آخر، تترافق مع استمرار القصف المتبادل بين الطرفين ما أسفر عن خسائر بشرية في صفوفهما، في حين نفذت طائرات حربية 6 غارات على مناطق في مدينة الرستن وقريتي تل ذهب وكفرلاها بريف حمص الشمالي»، وفق «المرصد»، الذي أشار إلى «إلقاء الطيران المروحي المزيد من البراميل المتفجرة على أماكن في مدينة صوران بريف حماة الشمالي، وسط قصف الطيران الحربي لأماكن في بلدة اللطامنة بالريف الشمالي». إلى ذلك، أصيب شخصان على الأقل الأحد بانفجار قنبلة وضعت على دراجة نارية في مدينة الحسكة (شمال شرق) وفق «المرصد السوري». ووقع الانفجار في حي تسيطر عليه القوات الكردية التي تستهدف عادة بهجمات مماثلة يتبناها «داعش». في الجنوب، أفاد «المرصد» عن عملية إدخال مساعدات إنسانية برعاية وإشراف من الأممالمتحدة والهلال الأحمر إلى مدينة معضمية الشام بالغوطة الغربية، على أن تتم «تسوية أوضاع» عشرات المقاتلين المتواجدين في المعضمية، وذلك بعد تهجير مئات المقاتلين مع المئات من أفراد عوائلهم من المدينة إلى محافظة إدلب خلال الأيام الفائتة وفقاً لاتفاق بين قوات النظام والقائمين على مدينة معضمية الشام، فيما ارتفع إلى 28 على الأقل عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي على مناطق في محيط خان الشيح بالغوطة الغربية وسط سقوط المزيد من الصواريخ التي يعتقد أنها من نوع أرض- أرض على أماكن في المنطقة. وأفاد «المرصد» بأنه «ارتفع إلى 22 عدد عناصر قوات سورية الديموقراطية الذين قضوا منذ 20 الشهر الجاري جراء قصف طائرات حربية تركية وقصف صاروخي تركي بالإضافة إلى اشتباكات مع القوات التركية والفصائل الإسلامية والمقاتلة المدعمة من قبل تركيا في عملية «درع الفرات» في ريف مارع الجنوبي وريف حلب الشمالي الشرقي». وتشهد المنطقة منذ أيام معارك عنيفة بين الطرفين في محاولات من فصائل «درع الفرات» التقدم والسيطرة على مواقع «قوات سورية الديموقراطية» بمساندة الطائرات والمدفعية التركية بالإضافة للقوات التركية. وكان «المرصد السوري» أشار إلى أن المعارك مستمرة في محيط الشيخ عيسى وريف مارع الجنوبي، بين «قوات سورية الديموقراطية» من جانب، والقوات التركية والفصائل الإسلامية والمقاتلة المدعومة من تركيا في عملية «درع الفرات» من جانب آخر، وسط مواصلة القوات التركية قصفها المكثف على الشيخ عيسى وحربل وحساجك والحصية ومناطق سيطرة «قوات سورية الديموقراطية» التي بدأت هجوماً معاكساً في محاولة منها لإبعاد القوات التركية والفصائل المدعومة منها وتثبيت نقاط دفاع متقدمة، ولم تستطع حتى اللحظة القوات التركية والفصائل المساندة لها من تحقيق أي تقدم.