في كل عام وبالتزامن مع موسم دبي الفني وفعاليات الشارقة الثقافية، تقام فعالية مختلفة تسمى «ليلة المعارض» تفتح فيها مجموعة من «الغاليريات» الدائمة أبوابها، مضيفة مقصداً فنياً إضافياً لزوار الأسبوع الفني والمهتمين به. برزت مشاركات الفنانين السعوديين فيها من خلال معرضين هما «الصحوة» للفنان التشكيلي عبدالناصر غارم، ومعرض «الصدمة» للفنانة منال الضويان. فمن خلال معرضه في غاليري «أيام» حاول غارم استعادة تجربته الشخصية في مرحلته المتوسطة والثانوية وما صاحبها من ظهور لموجة الصحوة، طارحاً تساؤلاته ومعالجاته الفنية حول استعادة روح الإسلام الذي «يؤمن بالتعددية والتنوع جنباً إلى جنب ضد التزمت». غارم الذي يمزج في أعماله إجمالاً بين الفيديو والتركيب والرسم والكولاج، واصل بحثه التأريخي والثقافي فمرّ على كتب من بينها «زمن الصحوة» لستيفان لاكرو، و«الهويات القاتلة» لأمين معلوف، و«حتى لا تكون فتنة» غازي القصيبي، ليعود ويقدم تجربته مختبراً أبعاداً أخرى أكثر تعمقاً وشمولية. ويأمل غارم من مفاهيم أعماله، بأن تكون طريقة فنية مختلفة لتقديم فترة مسّت حياة كل إنسان عاصرها، محاورة المتلقي ومبتدئة بفهم آخر أكثر تفاعلاً وقرباً من إنسان تلك المرحلة. من جهة أخرى، قدمت الفنانة السعودية منال الضويان معرضها الشخصي «الصدمة»، الذي ناقشت من خلاله مشكلة حوادث المعلمات المرورية والتي لم تُحل منذ عقود، بل وتتفاقم ضحاياها والقلق حولها باستمرار. الضويان قسمت معرضها المقام في غاليري «كوادرو» لثلاثة أقسام وهم «الصدمة» و«البحث» و«الخريطة»، ومع أنها قدمت أعمالها بمسحة تجريبية، إذ استخدمت الوثائق القديمة، وآخر تغريدات المتوفيات، والأخبار الصحافية، والمستندات الورقية وغيرها، وهو ما يعدّ تجاوزاً للنظرة المعتاد عليها للعمل الفني، إلا أنها حاولت تكثيف الجانب الإنساني والواقعي، لكي تصل بالمتلقي إلى أعلى درجات الصدمة كما جاء عنوان المعرض. في قسم «الصدمة» تساءلت الضويان عن تضاؤل تأثير الصورة المؤلمة التي تقدمها وسائل الإعلام، التي «لكثرة تكرارها يصبح لا معنى لها»، فتحاول إعادة صياغة الصورة الصحافية لتصبح عملاً فنياً، وبالتالي تعزلها عن تكرار مشاهدتها. بينما في قسم «البحث» تضع نفسها في خضم الحوار العالمي الحالي عن الممارسة البحثية كعمل فنيّ، تقول الضويان: «لا شك في أن الصحف السعودية تغطي الحوادث بانتظام، لكنها لا تشير إلى هوية النساء، لا نرى وجوههن، ولا نتذكر أسماءهن، كيف ننعي ونحزن إن لم يكن للمعاناة وجه واسم؟»، هنا تمضي عملية البحث في عمل «الصدمة» إلى أبعد من ذلك، و«تصبح العمل نفسه، مما يشكل تحدياً للتعاريف التقليدية عن ماهية الفن، وهوية العمل الفني». أما في القسم الأخير «الخريطة» فتتناول خرائط الطرقات لتحديد المسافة بين موقع المدرسة والحادثة والمنزل، وهي كما في كل معرضها، تعرض تجربة مثيرة وجديدة جديرة بالنقاش والتفاعل.