عبدالناصر غارم فنان من نوع مختلف، فهو ضابط في القوات المسلحة السعودية، برتبة مقدم، وأعماله هي الأكثر مبيعا لفنان خليجي. فنان مفاهيمي يشدد على أنه في مهمة سلام، وأن عمله في القطاع العسكري له تأثير إيجابي على عمله الإبداعي. وقال غارم خلال افتتاح أول معرض منفرد لأعماله في لندن، الثلاثاء الماضي: «استغرقت نحو 18 عاما لأعثر على نوع من التوافق بين كوني فنانا وكوني ضابطا في الجيش. لكن عملي في الجيش، خصوصا في هذا الوقت، ميزة؛ لأنه ساعدني ودعمني في عملي الفني، وفي القضية التي أسعى للتعبير عنها من خلال عملي الفني». عبدالناصر غارم ويستخدم غارم مزيجا من الفيديو والتركيب والرسم والكولاج، ويقول إن أعماله محاولة للحوار في وقت يموج فيه الشرق الأوسط بالاضطراب. وذكر غارم أن الفرق ليس كبيرا بين عمله الأساسي وعمله كفنان. وقال: «أعتقد أن عملي كضابط في الجيش هو حماية الناس. وأنا أحاول أن اضطلع بمهمة الحماية قدر الإمكان بتوجيه رسائل من خلال أعمالي الفنية لتشجيع الناس على أن يكونوا أكثر تعقلا وأكثر واقعية». وأضاف: «العمل الفني في آخر المطاف يصبح منبرا للحوار والنقاش، وهو ما أعتقد أننا بحاجة إليه في الوقت الراهن». يقام المعرض الجديد لغارم بالاشتراك مع قاعة «أيام» للمعارض الفنية، ويستمر حتى الثامن من نوفمبر المقبل. وعرضت أعمال غارم مع أعمال فنانين آخرين في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن وفي متحف الفن بمقاطعة لوس أنجليس في الولاياتالمتحدة. ومن أعمال غارم الفنية لوحة جدارية لكلمة «الصراط» على جسر منهار في قطاع تهامة. ويستخدم في بعض أعماله الكتل الخرسانية التي توضع في الأرض أمام المباني الحكومية. وقال غارم «أعتقد أنني أحاول توليد شرارة، لتشجيع الناس على أن يتفاوضوا في شؤونهم»، مضيفا أن «هذه اللغة المرئية لا تحتاج إلى مترجم. لا تحتاج إلى من يشرح معناها بل هي تفسر نفسها. هذا هو ما أحاول أن أفعله من خلال هذا النوع من الأعمال الفنية». وذاعت شهرة غارم عام 2011م عندما بيع أحد أعماله في مزاد لقاعة «سوذبي» في دبي مقابل 842 ألفا و500 دولار (نحو ثلاثة ملايين و159 ألف ريال). وخصص الفنان ذلك المبلغ لإنشاء مؤسسة يديرها فنانون تشكيليون في العاصمة السعودية الرياض. وذكر ستيفن ستيبلتون، الذي شارك غارم في تأسيس قاعة «إيدج أوف أرابيا» للمعارض الفنية في لندن، أن أعمال الفنان السعودي «قصة إنسانية مهمة» تحوي منظورا مختلفا للشرق الأوسط، وتساهم في التواصل عبر الحدود الثقافية. وتابع قائلا: «كونه جنديا سعوديا من جنوب المملكة… وبدأ عمله في نحو توقيت 11 سبتمبر (أيلول 2001م) هو قصة إنسانية بالغة الأهمية.. نافذة بالغة الأهمية نطل منها على ذلك الجزء من العالم». وأضاف: «أتمنى أن تولي المؤسسات والإعلام اهتماما بمثل هذه الأصوات؛ لأن الصوت الآخر هو المهيمن دائما.. العنف والتطرف. لدينا هنا جندي سعودي إنسان ومبدع قادر على التواصل عبر تلك الحدود التي تقودنا في الغالب إلى الصراع». ورأى ستيبلتون أن ثمة تعطشا للأعمال الفنية التي يبدعها فنانون من الشرق الأوسط لكن أولئك الفنانين لا تتاح لهم الفرصة لتقديم أعمالهم على المستوى الدولي. وقال: «أعتقد أن فناني الشرق الأوسط ما زالوا على الحافة.. ما زالوا في النطاق الخارجي.. ليسوا جزءا من الساحة الفنية الرئيسة. هذا ما نحاول في «إيدج أوف أرابيا» أن نفعله.. تقديم فنانين نعتقد أنهم الأهم في جيلهم إلى العالم في واحدة من أعظم مدن الفن في العالم». ويحظى غارم بإعجاب كثير من السعوديين وله عدد كبير من المعجبين على صفحات مواقع التوصل الاجتماعي والمواقع الثقافية على الإنترنت. عمل «رسول ورسالة» لغارم بيع في دبي بأكثر من ثلاثة ملايين ريال (الشرق)