انتقدت فصائل فلسطينية بشدة اطلاق المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، واعتبرتها «مقامرة وتصفية للقضية الوطنية والحقوق والثوابت». وأكدت الفصائل أن نتائج المفاوضات غير ملزمة للشعب الفلسطيني، وأن أحد أهدافها مساندة الرئيس باراك اوباما قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي. واعتبرت حركة «حماس» أن «المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني جاءت استجابة لرغبة إسرائيلية أميركية لتصفية القضية الفلسطينية عبر تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، وتهويد القدس والمسجد الأقصى، وإنهاء حق العودة بتكريس ما يسمى يهودية الدولة». وقال الناطق باسم حركة «حماس» سامي أبو زهري في مؤتمر صحافي عقد في مدينة غزة أمس إن الحركة «تنظر بخطورة بالغة لانعقاد قمة واشنطن واستئناف المفاوضات المباشرة». وأضاف أبو زهري أن «المفاوضات تشكل مظلة لتغطية جرائم الاحتلال، واستكمالاً لمخططاته الاستيطانية وعمليات تهويد القدس والأقصى، وأداة لفك عزلته الدولية، وتحسين صورته الإرهابية عقب جرائم الحرب التي اقترفها في عدوانه على غزة المحاصرة، وفي اعتدائه على أسطول الحرية». وأشار الى أن «المفاوضات التي تجرى بعكس الإجماع الوطني الفلسطيني، وفي ظل استمرار الاستيطان وعمليات الإبعاد لأهلنا في القدس وعموم الضفة الغربية، لا تخدم إلا العدو المجرم، ولن تحقق أهدافنا الوطنية، ولا تلزم شعبنا بشيء». واعتبر أبو زهري أن الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة في الضفة سلام فياض و»فريق أوسلو لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا يعبرون بحال عن الشعب وتطلعاته، ولا عن القضية المباركة، والثوابت الوطنية». وشدد على أن «الوحدة الوطنية على قاعدة برنامج المقاومة والصمود هي السبيل الوحيد لحماية الثوابت والحقوق». ورأت حركة «الجهاد الإسلامي» أنه «لا أحد يملك حق التفاوض باسم الشعب الفلسطيني. وقال القياديان في الحركة خالد البطش وأحمد المدلل خلال مؤتمر صحافي عقداه في مدينة غزة أمس إن «كل الأطراف المشاركة في المفاوضات تتحمل نتائجها وتبعاتها، فهي لا تلزم شعبنا وقوانا في شيء، وأن أحداً لا يملك حق التفاوض باسم شعبنا وقضيتنا، حتى لو وقفت معه ودعمته كل أركان الاستكبار التي لن تستطيع أن تفرض علينا شيئاً نأباه ونرفضه». وجدد القياديان تعهد الحركة ب «مواصلة طريق المقاومة حتى دحر الاحتلال، وحشد كل قوى شعبنا وأمتنا وبذل كل جهد مستطاع لإسقاط المشاريع السياسية الهادفة إلى تصفية قضيتنا وحقوقنا بدءاً من مشروع أوسلو وملحقاته وصولاً إلى مفاوضات التصفية التي أعلن عن انطلاقها» أمس. ودعوا السلطة الفلسطينية إلى «الكف عن تسويق الأوهام والأضاليل»، وشددا على أن «التفاوض غير قادر على تجميد الاستيطان ولا تحقيق انسحاب إلى حدود 1967، أو حماية القدس من غول التهويد المتصاعد، بل إنهم ذاهبون إلى تغطية الاستيطان وتبريره». وحذرا من «خطورة الهجمة الصهيونية المتصاعدة في حق القدس، التي تمارس سلطات الاحتلال في حقها أساليب وسياسات شيطانية ماكرة، إذ ان المفاوضات واللقاءات المباشرة مع العدو تشكل غطاءً يكرس واقع تهويد المدينة المقدسة ومخططات إفراغها من سكانها الأصليين». وطالب البطش والمدلل الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية «بالتوحد صفاً واحداً في مواجهة الخطر الصهيوني الذي تتعرض له القدسالمحتلة، وأن تهب كل الجماهير للرد على مخططات الاحتلال وسياساته والتأكيد على إسلامية وعروبة القدس ورفض التفريط فيها». بدورها، اعتبرت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أن «العودة الى المفاوضات المباشرة بمثابة مقامرة بتضحيات الشعب الفلسطيني وشهدائه على مدار سنوات طويلة من النضال». واعتبر عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية جميل مزهر أن «هذه المفاوضات تشكل تهديداً حقيقياً وخطراً جدياً على مستقبل القضية الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني». وقال مزهر: «لن نصل إلى أي نتائج جدية خلال هذه المفاوضات إلا بتقديم المزيد من التنازلات والهبوط بالثوابت الفلسطينية، فطالما أن هناك مقدمات خاطئة وخطيرة ستكون هناك نتائج كارثية على كل المستويات». وأضاف أن «هذه المفاوضات تجرى في ظل الشروط والضغوط والتهديدات الأميركية والإسرائيلية، وتشكل ربحاً صافياً للاحتلال لأن هذه الأطراف ستمارس مزيداً من الضغوط لابتزاز الجانب الفلسطيني لتقديم تنازلات على صعيد القدس والحدود واللاجئين». وزاد: «للأسف الشديد يذهب الرئيس أبو مازن والقيادة المتنفذة في منظمة التحرير إلى المفاوضات استجابة للشروط الأميركية والإسرائيلية، وفي جعبتهما خيار وحيد وهو خيار المفاوضات الذي وصل إلى طريق مسدود». ورأى مزهر أن «القيادة غيبت باقي الخيارات الأخرى كالتمسك بالمقاومة، والثوابت، ووضع إستراتيجية جديدة تقوم على مواجهة المخاطر المحدقة بالقضية، والدعوة لعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية». واتهم اسرائيل «باستغلال المفاوضات في خلق وقائع جديدة على الأرض وزرعها بالمستوطنات وممارسة عملية تطهير عرقي في القدس على طريق تهويدها، إضافة الى استخدامها ستاراً لخداع وتضليل المجتمع الدولي وكأن هناك عملية تسوية ستتمخض عنها نتائج». وتوقع مزهر أن «تساهم المفاوضات في فك العزلة عن الاحتلال، خصوصاً أن عدداً من قادته ملاحقين في المحاكم الدولية لارتكابهم جرائم في حق الشعب الفلسطيني».