أكد الدكتور سعد الصويان أهمية تقديم الثقافة الخليجية وتبادلها مع الثقافات العربية الأخرى، ليكون التفاعل والتبادل سيد الموقف، «حتى لا يكون هناك أي عزلة عن العالم، وخصوصاً أنّ هذا الإرث الإنساني إرث مشترك مع بقية دول العالم، حتى لو كان هناك اختلافات جزئية، فإنّ التراث يبقى لغة عالمية». الصويان الذي يعد أحد أهم الأكاديميين السعوديين والباحثين المختصين بالتاريخ الثقافي والتراث الشعبي والشعر النبطي في الجزيرة العربية، حل ضيف شرف في ملتقى الشارقة الدولي للرّاوي في دورته ال16 التي اختتمت فعالياتها أخيراً. وعبّر الصويان عن انبهاره بالإنجازات والخطوات التي تحققت في مدة وجيزة في معهد الشارقة للتراث، في إطار حماية التراث الإنساني وصونه والحفاظ عليه، مشيراً إلى أن المعهد «يسد حاجة محلية وإقليمية كبيرة في ما يتعلق بالتراث المادي والمعنوي، وتشجيع الناس المهتمين بهذا الحقل في منطقة الخليج والجزيرة العربية وحتى الوطن العربي». ووصف مثل هذه التظاهرات الثقافية التي تهتم بالتراث بالفريدة والمهمة، «تهدف إلى تسليط الضوء على موضوع التراث بشكل عام، كما من شأنها أنْ تدعم المهتمين وتدفعهم إلى بذل جهد أكبر في الحفاظ على الموروث الشعبي والذاكرة الشعبية والعادات والتقاليد، وهو ما يشكل قاعدةً للانطلاق بقوة والعيش كما الأجداد بثقافتهم وتراثهم؛ فمَن ليس له ماضٍ ليس له حاضر». وتعليقاً على إطلاق شخصية جحا شعاراً لدورة الملتقى لهذا العام، قال: «إنّ شخصية جحا وما يشبهها من الشخصيات، هو ما يحتاجه الوطن العربي في هذه الأوقات، وخصوصاً في ظل الوضع العام الذي نعيشه؛ فالناس بحاجة إلى شخصيات فكاهية تزيح عنها الهم والغم، لكنْ - في الوقت ذاته - تجد ضالتها في الأفكار العميقة لهذه الشخصية وما تحمله من عظات ودروس تجب الاستفادة منها في المواقف الصعبة». وعدّ الصويان أنّ إمارة الشارقة والجهود المبذولة في الحقل التراثي «تمثل نموذجاً حياً وصادقاً يجب الاحتذاء به، والاقتداء بما تقدمه في إطار الحفاظ على التراث من الاندثار، والعمل على إعادة إحيائه». من ناحية أخرى، شاركت الباحثة في الثقافة والأدب السعودية الدكتورة زهرة المعبي في أولى جلسات المقهى الثقافي للملتقى، التي انطلقت بعنوان «شخصيات جحوية»، إلى جانب الباحث في التراث البحري ربيع عنبر، وأحد أهم صانعي السفن المخضرمين في عُمان سبيت خميس العلوي. وشهدت الجلسة كلمة افتتاحية من الباحث عبدالجليل السعد، رحب فيها بالضيوف وبالحضور، وعرّف بالمحاضرين في الجلسة، تبع ذلك بدء المحاضرة الأولى للدكتورة المعبي، التي تحدثت عن المدينة القديمة في جدة السعودية، عبر فيلم من الصور بعنوان «جدة بوابة الحرمين الشريفين»، يحكي عن المدينة ويحاكي تاريخها القديم. وبدأت المعبي بالتعريف ووصف مدينتها جدة، قائلة: «جدة من أقدم مدن المملكة والوطن العربي، وأيضاً من أجمل مدن العالم، وتمّ تصنيفها في يونسكو واحدةً من أقدم مدن العالم، وواحدةً من مدن التراث العالمي». وقالت المعبي عن جدة التي تلفظ بطرائق مختلفة؛ ك: جُدَّة، جَدَّة، جِدَّة، إنها تتمتع بميزات أساسية «هذه المدينة القديمة قدم التاريخ من أيّام تلك القبيلة اليمنية القديمة التي سكنت جدة، حينما كانت قرية، لتكبر بعد ذلك وتتسع في عهد الخليفة عثمان بن عفان، حينها عدّوها بوابة الحرمين الشريفين، ومنذ ذلك الحين بدأ الحجاج يتوافدون عليها، ومنها إلى مكة لأداء مناسك الحج».