تصوّت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية المقبلة على توصية وزير الدفاع ايهود باراك تعيين قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي البريغادير يوآف غالنت رئيساً لهيئة أركان الجيش خلفاً للجنرال الحالي غابي أشكنازي الذي ينهي مهماته في شباط (فبراير) المقبل. ومن المتوقع، كما جرت العادة، التصديق على التوصية. ويأتي قرار باراك بعد ان تمت تبرئة ساحة غالنت من شبهات بأنه يقف وراء «وثيقة» كشف عنها قبل أسبوعين روّجت لانتخابه من خلال تشويه صورة سائر المنافسين ورئيس هيئة الأركان الحالي، وهي وثيقة أحدثت تصدعاً داخل هيئة الأركان استدعت تدخل رئيس الحكومة لوقفها والشرطة الإسرائيلية للكشف عن مؤلفيها. وفي العادة، ينظر الإسرائيليون إلى قائد الجيش على أنه «جنرال الحرب المقبلة». وعشية انتخاب غالنت، جرى التشديد لدى اختيار رئيس هيئة الأركان الجديد على وجوب أن يتمتع بمؤهلات تلائم مخططات المؤسسة الأمنية ويكون قادراً على مواجهة «الملف الايراني» و «ملف حزب الله»، وسط أنباء متكررة عن نيات ومخططات إسرائيلية بمهاجمة المفاعل النووي في ايران وتوجيه ضربة إلى «حزب الله» لاسترداد الهيبة المفقودة منذ عام 2006. وقال باراك في الاجتماع الأسبوعي للحكومة أمس إنه حسم موقفه من هوية القائد الرقم 20 للجيش الإسرائيلي منذ قيام الدولة العبرية «بسبب الوضع الحالي الذي يستوجب التعيين بسرعة للحفاظ على استقرار الجيش الاسرائيلي». وأشار إلى أنه استشار رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قبل أن يتخذ موقفه النهائي، مضيفاً أن غالنت هو «ضابط مخضرم يملك خبرة عملانية متنوعة وغنية، ولديه كفاءات قيادية مثبتة وقدرات على قيادة الجيش لمعالجة التحديات التي تواجهه وتواجه إسرائيل». وبارك نتانياهو خطوة باراك واعتبرها صحيحة «تضع حداً لعدم اليقين الذي يضر الجيش، ومن المهم إعادة الاستقرار في أسرع وقت». وهنأ أشكنازي خلفه متمنياً له النجاح في المهمات التي تنتظره، إلا أن مراقبين اعتبروا إصرار باراك على الإعلان الآن عن رئيس هيئة الأركان المقبل قبل ستة أشهر من نهاية ولاية أشكنازي، «نزع ثقة» عن الأخير الذي طالبه بإرجاء التعيين حتى أواخر العام الحالي. وتساءلوا كيف لأشكنازي وغالنت أن يعملا معاً في ظل التوتر القائم بينهما منذ عامين على خلفية التنافس على الظفر بلقب «بطل الحرب على غزة»، ومعارضة أشكنازي قبل عام تعيين غالنت نائباً له ليفرض على باراك تعيين بيني غانتس في هذا المنصب. ولم يستبعد المعلق العسكري في «هآرتس» أمير اورن أن يقدم أشكنازي استقالته قريباً احتجاجاً على خطوة باراك. كذلك توقع المراقبون أن يخلع مرشحان آخران للمنصب هما غادي أيزنكوت وبيني غانتس، البزة العسكرية بعد أن لم يتم اختيار أي منهما. وغالنت (52 عاماً) هو أول رئيس هيئة أركان يأتي من سلاح البحرية الذي التحق به عام 1977 وتدرج في مناصب رفيعة في «وحدة الكوماندوس 13». وبعدما ترك الجيش لعامين، عاد إلى سلاح البحرية حتى حصل على رتبة لفتنانت عام 1994 والتحق بسلاح المشاة، ثم عيّن قائداً للوحدة 13. وأواخر تسعينات القرن الماضي، عيّن قائداً ل «فرقة جنين»، ثم قائداً ل «فرقة غزة» حتى عام 1999، ولاحقاً رئيس هيئة قيادة سلاح المشاة. وخلال هذه الفترة، أنهى دراسته الجامعية في الاقتصاد وإدارة الأعمال. وواصل غالنت شق طريقه نحو هيئة أركان الجيش وتمت ترقيته عام 2002 الى رتبة بريغادير ليستقدمه رئيس الحكومة السابق آرييل شارون إلى مكتبه سكرتيراً عسكرياً. وشغل المنصب ثلاث سنوات عُيّن بعدها قائداً ل «المنطقة الجنوبية» في الجيش المسؤولة عن احتلال قطاع غزة، وما زال في منصبه هذا حتى اليوم، خصوصاً بعدما رفض أشكنازي ترقيته لمنصب نائب رئيس هيئة الأركان. ويعتبر غالنت من مهندسي الحرب على غزة أواخر عام 2008 وكان أول الداعين إلى شنّها وإلى انتهاج «القبضة الحديد» مع حركة «حماس» وعناصرها. ومنذ الحرب اعتبر غالنت، مع غانتس، اقوى المرشحين لخلافة أشكنازي. ويؤكد محللون في الشؤون العسكرية أن «نجاح» الحرب على غزة، فضلاً عن عمله إلى جانب شارون، منحا غالنت دفعة قوية نحو كرسي رئيس هيئة الأركان، مشيرين أيضاً إلى دعم ضباط ميدانيين كبار له بعدما حرص على مرافقتهم ميدانياً خلال الحرب على غزة لا إدارة المعركة من مكتبه أو من مقر الجيش في تل أبيب. ويضيف هؤلاء أن حقيقة أن غالنت يعرف عن كثب أسلوب عمل هيئة الأركان بصفته أحدهم، فضلاً عن عمله إلى جانب شارون ستقصّر الفترة المطلوبة ليتأقلم مع منصبه الجديد.