أجرى مركز «بيو» الأميركي للبحوث Pew Research Center أخيراً استطلاعاً للرأي، طلب فيه من أميركيين إبداء رؤيتهم المستقبلية في ما ستكون عليه بلادهم في الأربعين سنة المقبلة. وبحسب نتائج هذا الاستطلاع، تبيّن أن الأميركيين يحتفظون بإيمانهم القوي بالتقدم والتفوق العلمي والتكنولوجي لبلادهم، لكنهم قلقون على أمنهم ومستقبلهم، خصوصاً من إمكان نشوب حرب عالمية ثالثة. وأظهر الاستطلاع أن الأميركيين يخشون من هجوم إرهابي محتمل على أراضيهم ومؤسساتهم الحيوية والاستراتيجية، ربما باستخدام أسلحة غير تقليدية تتضمن أسلحة جرثومية أو كيمياوية متطوّرة. وكذلك بيّن أن معظم الأميركيين يرتبطون بعلاقة حميمة مع الكومبيوتر والانترنت، تُشبه العلاقة مع الأخ أو الصديق. وكذلك ظهرت في الاستطلاع ثقة الأميركيين بأن علماء الفضاء في بلادهم سيحرزون السبق في إرسال إنسان إلى المريخ، كما سيكتشفون المزيد من أسراره، بما فيها إمكان العيش عليه. وعبروا عن اعتقادهم أن سياحة الفضاء ستصبح أمراً شائعاً ومنخفض التكاليف. في المقابل، أورد الاستطلاع قلقاً من اهتزاز صورة أميركا كقوة عظمى، كما تعتقد غالبية الاميركيين بأن أميركا ستؤمن اكتفاء ذاتياً من النفط مع حلول عام 2050. وتعليقاً على ما سبق، حاول المعلّق السياسي الشهير ديفيد بروك، في مقالة نشرتها جريدة «نيويورك تايمز»، أن يطمئن الأميركيين، لافتاً إلى أن مستقبل أميركا سيبقى لامعاً، على عكس ما يشاع عن انحدار مكانتها العالمية خلال النصف الاول من هذا القرن. وتوقّف بروك عند بعض تفاصيل الاستطلاع، مثل اعتقاد 60 في المئة من الأميركيين بأن بلادهم سائرة في الاتجاه الخطأ، وأنها دخلت في تراجع طويل الأجل، وأن نظامها السياسي معطل واقتصادها يعاني أزمات صعبة، وسوى ذلك من المعطيات التي تدعو الى التشاؤم والكآبة. وأشار بروك، استناداً الى تقديرات خبراء في الديموغرافيا، إلى ان عدد سكان الولاياتالمتحدة على مدى الأربعين سنة المقبلة سيصل إلى 400 مليون نسمة، بزيادة 100 مليون على عددهم الحالي، كما ستكون غالبيتهم من ذوي الأعمار المنتجة، كما سيتجاوز ربعهم عتبة الستين سنةً. واستنتج بروك من ذلك أن صورة أميركا في منتصف القرن ستتغير، بأثر من تصاعد ظاهرة ضواحي المدن، وانتشار القرى الأيكولوجية الصديقة للبيئة، التي ستكون نابضة بنشاطات اجتماعية وثقافية وترفيهية وعلمية. واستنتج بروك أن أميركا ستظل أكثر البلدان جذباً للمهاجرين، من مختلف العرقيات والثقافات والمجتمعات، وأن أكثر من نصف المهاجرين من حملة الكفاءات العلمية سيتوجهون نحو معاهد أميركا وجامعاتها ومراكز بحوثها. وكذلك راهن على أن أميركا ستستمر في احتلال مركز الصدارة في معظم المناحي الأساسية مثل الاقتصاد والتكنولوجيا والبحث العلمي، وستظل موازناتها المخصصة لهذه البحوث، الأعلى عالمياً. كما أورد بروك توقعات ايجابية اخرى كزيادة معدل النمو السكاني، وارتفاع معدل الخصوبة بنحو 50 في المئة، وخروج أميركا من أزمتها المالية الراهنة، واس``تعادة قوتها عالمياً، وارتفاع دخل الفرد فيها، ونشوء جيل من الأميركيين سيكون الاكثر انتعاشاً في تقلبات عصر العولمة.