بعد 60 عاماً مضت من عمره، لم يجد محمد الحربي حرجاً من الجلوس جنباً إلى جنب بجوار من في مقام أبنائه إن لم يكونوا أحفاده، مستمعاً بانتباه لتوجيهات المدربين ومتلقياً الدروس، ونهماً لمعرفة كل ما هو علمي عن حياته الزوجية التي قرر العودة إليها بعد فراق زوجته الأولى. أعادت الأقدار الستيني «الحربي»، إلى مقاعد الدراسة (وإن اختلف نوع العلم ومادته) بعد أن اشتعل الرأس شيباً، وظن كثير من الناس أن قطار المعرفة وزيادتها قد ولّى على الحربي وأمثاله، بيد أنه لم تشب فيه بعد نظرته للحياة بمقاييس العلم والمعرفة، فبعد أن فات عليه في غابر الزمن فرصة الالتحاق بالمراحل الدراسية، فضلاً عن مدارس ومعاهد عوالم الزواج، لن يدع هذه المرة الفرصة التي سنحت له بعد رحيل «زوجته السابقة» تضيع من بين يديه، إذ أنهى أخيراً دورة تدريبية في التأهيل الأسري للمقبلين على الزواج نظمها مركز المودة الاجتماعي للإصلاح والتوجيه الأسري في محافظة جدة الذي دأب على تنظيم مثل تلك الأعمال في شكل متواصل مستهدفاً الشبان المقبلين والمقبلات على الزواج. الطالب في الدورة «الحربي» الطاعن في السن أعرب عن سعادته بالدورة التي تواصلت على مدى يومين متتاليين لمدة 10 ساعات، مشيراً إلى أنها رسمت له حياة أسرية سعيدة سيتمتع بها في زواجه الجديد بعد وفاة زوجته السابقة، مبيناً أن الدورة التدريبية منحته مفاتيح السعادة الأسرية التي سيعيشها مع زوجته التي تقاربه في العمر بإذن الله. في المقابل، أوضح أمين عام مركز المودة الاجتماعي زهير بن عبدالرحمن ناصر الذي سلم العريس «الحربي» شهادته أن المركز يرحب بجميع المقبلين والمقبلات على الزواج للالتحاق ببرامجه التدريبية المختلفة، مبيناً أن المركز دأب على تقديم دوراته المتخصصة في التأهيل الأسري منذ إنشائه عام 1424، علماً أن عدد المتدربين والمتدربات المقبلين على الزواج بلغ عددهم منذ إنشاء المركز حتى منتصف عام 1431ه 15782 متدرباً ومتدربة. وبيّن ناصر أن المركز يسعى لتحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي والحيلولة دون تمزق الأواصر ووقوع الطلاق في المجتمع من خلال تأهيل المقبلين على الزوج لتحقيق حياة سعيدة، مشيراً إلى هذه البرامج التدريبية يقدمها نخبة من المدربين والمدربات المؤهلين. وأضاف أن الدورات التي يشارك فيها العرسان تتناول الحياة الزوجية والعلاقات الأسرية وطرق حل المشكلات الزوجية إلى جانب تسليط الضوء على آليات فهم نفسية الطرف الآخر، موضحاً أن برامج التأهيل تتعرض لجميع النواحي الشرعية والنفسية والاجتماعية والتربوية وكذلك الصحية.