انتهى صباح أمس الجدل الذي أثاره عرض مسلسل «السيد المسيح» على قناتي «المنار» و«أن بي أن» اللبنانيتين، بإعلان القناتين وقف عرضه، وذلك بعد اعتراض المراجع الروحية المسيحية على العرض باعتباره «تضمن رواية محرّفة لسيرة السيد المسيح». وأصدرت القناتان بياناً أعلنتا فيه أنهما اختارتا المسلسل لأنه «يضيء على الشخصية العظيمة لنبي الله عيسى بن مريم عليه السلام وعلى رسالته الالهية ويعكف بكل تمجيد وإجلال وتعظيم لمسيرة حياته وآلامه وتضحياته ولدوره وصورته». وأضاف البيان أن «القناتين قررتا وقف عرضه خلال دورة شهر رمضان المبارك مراعاة منهما لبعض الخصوصيات وللحؤول دون المحاولة للتوظيف السلبي». وذلك في وقت نفت المديرية العامة للأمن العام في بيان أن تكون أصدرت قراراً بتوقيف بث المسلسل، مؤكدة أن «الأمن العام قام بمساع بين إدارتي تلفزيون «أن بي أن» و «المنار» والمرجعيات الدينية والسياسية المعنية، لإيجاد حل توافقي لوقف بث المسلسل، وبمبادرة من إدارتي المحطتين»، في حين نقلت «وكالة الأنباء المركزية» أن المسلسل الإيراني الإنتاج والمدبلج الى العربية لم يحظ بترخيص من الأمن العام لعرضه «لأن الدوائر المختصة في المديرية لا تراقب المحطات التي تبث فضائياً». وكان رئيس اللجنة الأسقفية المطران بشارة الراعي أثار أول من أمس قضية المسلسل. وحدد موعداً ظهر أمس في المركز الكاثوليكي للإعلام لمؤتمر صحافي لإعلان «المغالطات المسيئة». ومنذ الصباح شهد المركز أمام مقره وداخله تجمعات عفوية لوفود شعبية ونيابية، احتجاجاً على البرنامج، قبل أن يتبلغ الراعي عبر الأمن العام قرار وقف المسلسل هاتفياً ثم مباشرة من وزير الإعلام طارق متري الذي حضر الى المركز. وأكد الراعي أن «القرار يعني أن كلمة الشعب لا تزال مسموعة»، وقال: «لدى معرفتنا بهذا المسلسل تحركنا وأجرينا اتصالات بالمسؤولين لتدارك أي تداعيات، بدأت المساعي الاثنين الفائت وتمكنا من الحصول على المسلسل ووضعنا ملاحظاتنا ولا سيما انه يحوي أموراً تمس بشخص السيد المسيح والعقيدة المسيحية»، وأضاف: «هذا لا يعني أن الأمر مقصود، لكن من أعد المسلسل يبدو انه استمد معلوماته من إنجيل برنابا المنحول الذي لا تعترف به الكنيسة... لذلك أتت الأحداث غير صحيحة منحولة ومنتقصة ومجتزأة». وانتقد «المزايدات الإعلامية»، وقال: «لا نزال في لبنان على تنوع ثقافاتنا ودياناتنا وبوجه الخصوص الإسلام والمسيحية، قادرين على وضع الخير العام فوق كل أمر آخر». ولفت متري بدوره الى أن الحوار الذي أجراه مع رئيسي مجلسي إدارة القناتين كان «بروح طيبة جداً، وسمعت منهما منذ البداية حرصاً على عدم الإساءة الى الإيمان المسيحي واحترام مشاعر المسيحيين». واعتبر أن «المشكلة والحل أبعد من السياسة والقانون»، مضيفاً انه «قد يكون هناك جانب مرتبط بالسياسة في ذهن بعض اللبنانيين». وأكد أن «المسألة تتعلق بكيفية فهم العلاقات المسيحية - الإسلامية في بلد كلبنان». وقال: «قد لا يكون من أعد هذا المسلسل وأراد بثه أخذ في الاعتبار هذا المبدأ الرئيسي من مبادئ الحوار بين المسيحيين والمسلمين». وانقسم السياسيون بدورهم حول عرض المسلسل قبل صدور بيان المحطتين. وندد الرئيس السابق أمين الجميل ب «عرض فيلم عن السيد المسيح وسيرته يتضمن مغالطات مسيئة ومساساً بالعقيدة المسيحية». ورأى أن «هذا العمل يتناقض مع روح العيش المشترك والاحترام المتبادل بين كل الأديان». وقال وزير العمل بطرس حرب إن «الضجة التي أثارها هذا المسلسل كانت مثابة دق ناقوس الخطر للفت النظر الى الإهانة التي تطاول المسيحيين وهي ظاهرة لم يكن من الممكن تجاوزها وتجاهلها ومواصلة عرض المسلسل التلفزيوني الذي سببها».