ليست محاولة استهداف الناقلة اليابانية «إم ستار» في مضيق هرمز الأولى ل «القاعدة» في استهداف صناعة النفط، فقد سبقها بقليل، تحديداً في 13 حزيران( يونيو) الماضي قيام رجال قبائل متحالفين مع تنظيم «القاعدة» في اليمن بتفجير خط أنابيب نفط يصل بين محافظة مأرب شرق اليمن، وساحل البحر الأحمر، وهو ما أوقع ضرراً كبيراً، لحق بخط الأنابيب الوحيد الذي ينقل النفط الخام اليمني إلى البحر الأحمر، بطاقة 10 آلاف برميل نفط يومياً. كما سبق أن سعى عضوان من تنظيم «القاعدة» في السعودية في 25شباط ( فبراير) العام 2006 في محاولة فاشلة لاستهداف تفجير أكبر مجمع نفطي في المملكة وهو مجمع بقيق، وقد ذكر المتهمان وهما عبد العزيز إبراهيم، ومحمد صالح الغيث، أنهما حاولا استهدافه استجابة لنداء أسامه بن لادن ، وهو ما تصدت له أجهزة الأمن السعودية على مسافة كيلومتر ونصف من موقع المنشأة، فقتل بعض الانتحاريين وقبض على بعض آخر، أدلوا باعترافات مهمة، منها التخطيط لاستهداف منشآت ومصالح نفطية في عدد من دول الخليج. وسبق أن حاول التنظيم في العراق ضرب أنابيب النفظ في ديالي عام2010، وقام الزرقاوي باستهداف وحرق بعض أنابيب النفط القريبة من كركوك والمؤدية لتركيا، قبل مقتل الأخير عام 2005. ولكن الجديد لجوء القاعدة هذه المرة لاستهداف ناقلة نفطية في عرض البحر، في مضيق هرمز الذي يمر به 40 في المئة من النفط الخام عالمياً، على رغم فشل المحاولة، حيث يؤكد شهود عيان أن الناقلة لم تصب بأي ضرر كما ثبت عدم وجود أي تسرب نفطي أو خسائر بشرية أو مادية على رغم أنها كانت تحمل ثلاثة ملايين برميل، ما يدل على أزمة تعيشها القاعدة التي لجأت إلى منطقة وأهداف رخوة وليست أهدافاً صلبة تحتمل مواجهة أمنية حقيقية معها، وبمفرقعات منزلية الصنع كما أكدت الحكومة الإماراتية. من هنا، نالت عملية استهداف « إم استار» في مضيق هرمز أكثر مما تستحقه، وأنه لم تؤد للقاعدة سوى خدمة إعلامية بعد بيانها الذي أراد المبالغة في هذا التأثير، مؤكداً نجاح العملية وأنها أدت المطلوب وأكثر! وهو ما لا يصمد أمام أي نقد علمي أو موضوعي فقد تمت العملية دون خسائر في الهدف، وداخل المياه الإقليمية، وعلى مسافة تبعد من عُمان ما يقرب من 7 كيلومتر مربع، ويبعد عن الساحل الإيراني مسافة 20 كيلومتراً، وإن كان يرجح أن شخصية منفذ العملية أيوب الطيشان عماني الجنسية من هيئته وبزته، إلا أن الأكثر ترجيحاً أن الإعداد لهذه العملية وأن طريق فرار المجموعة التي وفرت الدعم اللوجيستي له كان ايران الأقرب جغرافياً من دول الخليج الأخرى من موقع العملية. دلالات عملية إم ستار: يبدو بيان كتائب عبد الله عزام الذي بثته المنتديات الجهادية محاولة تأكيد حضور القاعدة بعد الأزمات المتوالية التي تعرضت لها عبر خسارة عدد من أبرز قادتها في أفغانستانوباكستان( مصطفى أبو اليزيد) والعراق( أبو عمر البغدادي وأبو حمزه المهاجر) وعدد آخر من داعميها ونشطائها منذ بداية هذا العام 2010، كما تبدو لغة هذا البيان ورمزيته دالة على محاولة تنشيط التنظيمات الفرعية والخلايا النائمة سواء في الخليج ( عبر سرية يوسف العييري) أو في مصر( تسميتها غزوة عمر عبد الرحمن). أعلنت كتائب عبد الله عزام، التي تعرف إعلامياً أيضاً بتنظيم القاعدة في أرض الكنانة وبلاد الشام، ويقودها حالياً السعودي صالح بن عبد الله القرعاوي، مسؤوليتها عن العملية، وهي تعمل من خلال سرايا وخلايا صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها بضعة أفراد ويتحركون متى سنحت لهم الفرصة، ويهدف كثير من عملياتهم إلى الاستثمار والتوظيف الإعلامي للقاعدة من قبيل ما اعلنت مسؤوليتها عنه من إلقاء صواريخ على شمال إسرائيل العام الماضي، وتعمل هذه الكتائب في لبنان باسم سرايا زياد الجراح، وفي العراق باسم كتائب عبد الله عزام، وسبق أن سمت إحدى سراياها بسرايا عبد العزيز المقرن الزعيم الثاني لتنظيم القاعدة في السعودية، وقد خلف القرعاوي في قيادتها صهره المصري الراحل محمد خليل الحكايمة الذي قتل في باكستان سنة 2008، والذي يرجح العديد من المراقبين أنه صاحب الشخصية الحقيقية ل «أبو بكر ناجي» صاحب كتابي «الخونة» و «إدارة التوحش» بعد ما أحدثه الأخير بالخصوص من دوي واهتمام إعلامي ودولي مواكب لصدوره ولا يزال. وعلى رغم فشل هذه العملية ومحاولة بيان القاعدة تضخيمها، يبدو أن الإعداد والتنسيق لها كانا على مستوى عال من القيادة المركزية للقاعدة وتنظيماتها الفرعية في العراق وإيران والخليج بالخصوص، ولعل لتسميتها باسم « غزوة الشيخ عمر عبد الرحمن» المرشد الروحي للجماعة الإسلامية المصرية دلالة، فالأخير تصر جماعته وأسرته على قبوله ومباركته لمراجعاتها، وتتوسط لدى الجهات الرسمية المصرية للتدخل لدى السلطات الأميركية من أجل الإفراج عنه، حيث يقضي عقوبة السجن مدى الحياة داخل السجون الأميركية، بتهمة التورط في تفجيرات نيويورك عام 1993 وتنقل عن لسانه، حيث يتصل بأهله مرة كل شهر، هذا الطلب ، وهو ما يتحفظ عليه ويرفضه ايمن الظواهري. أما تسمية السرية القائمة بالعملية باسم يوسف العييري فهي إيحاء من القرعاوي لأعضاء تنظيمه الأصلي «القاعدة في جزيرة العرب» ببقاء رمزية مؤسسه وإمكان احيائه بعد تلقيه ضربات موجعة في الفترة السابقة ألجأته الى الساحة اليمنية وفوضاها. أما الدلالة الأهم في هذه العملية فهي توجه القاعدة للعمليات النوعية وللأهداف الرخوة التي تحدث أثراً إعلامياً أكبر، مركزة على النوعية وليس على الكمية فيها، وإن فشلت شأن هذه العملية.