أفضى تزوير شركة هندية كبيرة لصناعة المنسوجات، باعت منتجات قطنية كُتب عليها «مصنوعة من القطن المصري الممتاز» لشركات تجزئة أميركية كبيرة، إلى فضيحة مدوية وهي تسلط الضوء على واقع صعب تواجهه سوق المنسوجات الراقية، يتمثل في ندرة الإنتاج من القطن المصري. وقال تجار في سوق القطن أن نقص القطن المصري ذي الجودة العالية «يمثل حافزاً لخلطه بأنواع أخرى من القطن من دون الكشف عنها أو لتزييف الملصق الذي يبين نوع القطن، ما يفاقم مشكلة تلازم صناعة المنسوجات منذ سنوات». وخسرت أسهم شركة «ولسبن انديا» الهندية لصناعة المنسوجات وهي من أكبر الشركات العالمية في هذا المجال، 42 في المئة من قيمتها في السوق خلال 3 أيام، عندما كشفت شركة «تارجت» أنها ستقطع علاقاتها مع الشركة واتهمتها ب «استخدام أنواع رخيصة من القطن غير المصري في صناعة الشراشف (الملاءات) وأغطية الوسائد». ويلقى القطن المصري تقديراً عالياً، لأنه بكميات كبيرة طويل التيلة وفائق الطول ما يعني أن أليافه أطول، ما يتيح إنتاج منسوجات أعلى جودة وأخف وزناً وأطول عمراً وملابس راقية. وعلى رغم أن دولاً أخرى من بينها الولاياتالمتحدة واستراليا تنتج كميات من القطن الممتاز تزيد على ما تنتجه مصر، احتفظ القطن المصري بسمعته ومكانته بفضل تاريخ مصر الطويل في زراعة القطن. لكن بيانات وزارة الزراعة الأميركية تظهر أن إنتاج القطن المصري تراجع على مدار العقد الأخير، بعدما فشل المزارعون في التكيف مع التغيرات التي طرأت على طلب المستهلكين على المنتجات المصنوعة من القطن القصير والمتوسط التيلة. وأوضحت أن انخفاض الإنتاج «أصبح أزمة متكاملة في السنوات الأخيرة، بعدما ألغت الحكومة الدعم النقدي الذي كانت تقدمه للمزارعين، واتجه كثر منهم إلى زراعة الرز بدلاً من القطن. وستنتج مصر هذه السنة والعام المقبل نحو 160 ألف بالة زنة 480 رطلاً من القطن، انخفاضاً من 1.4 مليون بالة عام 2004 -2005 أي ما يمثل أقل من 0.2 في المئة من الإنتاج العالمي المتوقع. واعتبر رئيس شركة «ايسترن تريدنغ» في غرينفيل في ولاية ساوث كارولاينا جوردان لي، أن «ذلك يعني أن بعض المنتجات التي ستسوق على كونها من القطن المصري، لن تكون مصنوعة منه على الإطلاق أو ستخلط سراً بأنواع أخرى من القطن». وقال «إذا نظرت لحجم السلع (القطنية) المصرية المعروضة للبيع، وإلى حجم القطن المصري المنتج فعلياً فستحتار». وتندُر أصناف القطن الطويل التيلة والفائق الطول، إذ تمثل نحو 2.5 في المئة من إنتاج القطن العالمي سنوياً الذي يتجاوز 100 مليون بالة، استناداً إلى تقديرات وزارة الزراعة الأميركية ويباع بعلاوة سعرية كبيرة. وتشير معلومات منصة «أيكون» لشركة «تومسون رويترز»، إلى أن سعر القطن الأميركي الطويل التيلة المعروف باسم «بيما» يبلغ 152.25 سنت للرطل، بعلاوة سعرية تبلغ 125 في المئة على الأسعار في المعاملات الآجلة في أسواق السلع الأولية للقطن المنخفض الطول. ويمثل وضع ملصقات تحتوي على معلومات غير صحيحة على المنتجات القطنية بما في ذلك الملابس والمفروشات، مخالفة للقوانين الأميركية التي تتولى تنفيذها لجنة التجارة الاتحادية. ويبدو أن جمعية القطن المصري تعلم بعمليات التزييف الواسعة الانتشار. إذ كان مديرها التنفيذي صرح الى مجلة «هوم اند تكستايل توداي» قبل أشهر، بأنها «أجرت اختبارات على منتجات كتب عليها «قطن مصري» تباع للمستهلك، واكتشفت أن 90 في المئة لا تحتوي على القطن المصري على الإطلاق». ولفتت الجمعية إلى أن شركة «ولسبن» واحدة من ثلاث شركات فحسب، مسموح لها بوضع ملصق على منتجاتها يحمل ختم الجمعية الذهبي الذي أُطلق في وقت سابق من هذه السنة، بهدف ضمان أصالة المنتجات. ورأى أحد المديرين التنفيذيين في الشركة موكيش سافياني، في تصريح له قبل أشهر أن «الختم يمثل ضمانة لشركات التجزئة». وربما تجعل هذه الفضيحة شركات التجزئة الأميركية الكبيرة تتحفظ عن التعامل مع المنتجات التي تحمل علامة القطن المصري، ما يشكل هدية لمزارعي القطن الأميركي «بيما» في أماكن مثل كاليفورنيا وأريزونا.