احتدمت أمس الأزمة في البرلمان المصري حول تنفيذ حكم أصدرته محكمة النقض، أعلى سلطة قضائية في البلاد، ببطلان عضوية نائب وتصعيد منافسه عمرو الشوبكي على المقعد، فيما يبدأ البرلمان الأسبوع المقبل مناقشة مشروع قانون «ضرائب القيمة المضافة» الذي تطلبه الحكومة ضمن خطتها التي قدمتها للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. وكانت أزمة بطلان عضوية النائب عن حزب «المصريين الأحرار» أحمد مرتضى منصور تصاعدت في شدة مساء أول من أمس خلال اجتماع للجنة التشريعية في البرلمان خصص لمناقشة الحكم القضائي، حينما اشتبك والده النائب المثير للجدل مرتضى منصور مع أعضاء في اللجنة متهماً إياهم ب «الحصول على تمويل خارجي». ولدى تلاوة رئيس اللجنة التشريعية النائب بهاء أبو شقة تقرير اللجنة الذي أوصى بتنفيذ الحكم القضائي، اشتبك منصور مع عضو اللجنة التشريعية النائب أحمد طنطاوي، متهماً أعضاء اللجنة ب «تلقي رشاوى مالية من الشوبكي»، ما دعا أبو شقة إلى إحالة تقرير اللجنة على رئيس البرلمان علي عبدالعال والتنحي عن النظر فيه. وقضت محكمة النقض في منتصف الشهر الماضي ببطلان عضوية منصور في مجلس النواب وأحقية الشوبكي بمقعد دائرة العجوزة والدقي، بعد إعادة حساب الأصوات. وأحال مجلس النواب حكم المحكمة على اللجنة التشريعية والدستورية في المجلس لإعداد تقرير في شأنه. وأصدر «تحالف 25/30» (تحت التأسيس) بياناً دان فيه «التطاول والاعتداء اللفظي الصادر من النائب مرتضى منصور ضد أعضاء اللجنة التشريعية وتعطيل أعمالها»، مطالباً البرلمان ب «اتخاذ موقف حاسم تجاه هذه التصرفات التي تكررت منه أكثر من مرة منذ أولى لحظات دخولنا هذا البرلمان عندما رفض أداء القسم الدستوري بصورة صحيحة، والذي من دونه لا يستطيع أداء دوره البرلماني. وكنا قد نبهنا في حينها إلى أن الاستخفاف بالدستور بهذا الشكل غير المسبوق له عواقب وخيمة، خصوصاً إذا جاءت هذه الاستهانة ممن ائتمنهم الشعب على الحفاظ على الدستور وتحويل نصوصه إلى قوانين وتشريعات ترسي دولة العدالة». واعتبر أن «خروج النائب مرتضى منصور على الأعراف والتقاليد البرلمانية كافة والاستهانة بالدستور والتطاول على أعضاء البرلمان ومحاولته الالتفاف على أحكام القضاء يجعل البرلمان على المحك، فإما أن يتصرف معه البرلمان نفسه ويضع حداً لهذه المهازل، وإما أن يفقد البرلمان هيبته واحترامه لدى الرأي العام وتفقد الأحكام القضائية حجيتها. وسيبقى نقطة سوداء في تاريخ هذا البرلمان أن يقف عاجزاً أمام هذه التصرفات المخزية، بل ويسطر سطراً من سطور الخزي والعار أن يقف شخص بمفرده عقبة أمام سيادة القانون وينجح في منع تنفيذ حكم قضائي من أعلى محكمة في البلاد». ورأى التحالف المحسوب أعضاؤه على الثورة أن «سلوك هذا النائب تحت قبة البرلمان سلوك مشين نخجل منه عندما نواجه جماهيرنا ويقولون لنا أما آن لهذا العبث أن يتوقف. هو بالفعل يروج عن نفسه أنه فوق القانون وأكبر من أن يحاسب فالجميع يلحظ أنه وعلى رغم قلة حضوره لجلسات المجلس إلا أنه ومع كل حضور لا بد من أن تحدث مشكلة. إننا ندرك أن صمت بعض النواب ما هو إلا نتاج لترهيبهم بالصوت العالي واستعداده الدائم للدخول في مشاجرات تجعل النواب يتجنبون الدخول معه في أي مناقشات تجنباً لسهام كلماته المنفلتة». ودعا إلى تحويل منصور على لجنة القيم «للتحقيق معه في ما حدث من مخالفات تقع تحت طائلة قانون لائحة مجلس النواب سواء في التطاول والاعتداء اللفظي وتوجيه الاتهامات الباطلة وتجريح الأعضاء المخالفين لوجهة نظره، أو سواء في تعطيل عمل اللجنة». إلى ذلك، لاحظت «المؤسسة المصرية لحماية الدستور» التي يقودها الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى «أنه ظهر أخيراً ما يؤكد أن ثمة تجاهلاً للدستور وتراجع عن الالتزام بما يقضي به، سواء بالنسبة إلى حقوق المواطنة أو منع التمييز أو احترام الأحكام الملزمة بإصدار القوانين المكملة للدستور والمنفذة له في الإطار الزمني الذي حدده». ونبهت المؤسسة إلى أن «إقامة دولة القانون القادرة على إدارة ملفاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة بكفاءة، لا تستقيم إلا باحترام الدستور وتفعيله بإصدار التشريعات اللازمة وإنفاذ أحكامها، كما أن الالتفاف على مواد الدستور، إنما يخلق سوابق تضر بالوطن وتعطل مسيرته وتؤثر بالسلب على مستقبله». وطالبت مجلس النواب بإصدار قانون بناء وترميم الكنائس قبل نهاية هذه الدورة طبقاً لما تقضي به المادة الرقم 235 من الدستور. ودعت إلى احترام المادة الرقم 107 من الدستور التي تنص على اختصاص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية أعضاء البرلمان. وأشارت إلى الحكم الصادر من محكمة النقض بصحة عضوية الشوبكي، وأكدت أن «هذا الحكم واجب النفاذ من تاريخ إبلاغ مجلس النواب به، والتأخر في تنفيذه يؤدي إلى تآكل ثقة عموم المواطنين في مدى احترام الدستور وسيادة القانون في مصر». من جهة أخرى، سلمت لجنة الخطة والموازنة أمس تقريرها الخاص بقانون ضريبة القيمة المضافة لرئيس مجلس النواب علي عبدالعال متضمناً بعض التعديلات المقترحة ورأي اللجنة في مشروع القانون. وتوقعت اللجنة عرض المشروع للنقاش على الجلسة العامة الأسبوع المقبل. وكانت اللجنة قررت الاثنين الماضي ترك تحديد سعر الضريبة في القانون لمناقشات النواب داخل الجلسة العامة، بعد جدل بين ممثل الحكومة الذي حددها ب14 في المئة، ونواب طالبوا بتخفيضها.