حقق المقاتلون الأكراد تقدماً في مدينة الحسكة في شمال شرقي سورية في مواجهة قوات النظام السوري وذلك بالتزامن مع جهود روسية للتوصل إلى تهدئة في هذه المدينة التي يتقاسم الطرفان السيطرة عليها. وبعد هدوء ساد بعد ظهر السبت، تجددت المعارك العنيفة بين الحادية عشرة ليلاً والسابعة صباحاً بين وحدات حماية الشعب الكردية من جهة وقوات النظام السوري والمقاتلين الموالين من جهة ثانية في مدينة الحسكة، وفق ما أفاد صحافي متعاون مع وكالة «فرانس برس». وقال مصدر كردي ميداني أن المقاتلين الأكراد تمكنوا من التقدم في حيي النشوة الشرقية وغويران جنوبالمدينة. وشاهد الصحافي المتعاون مع «فرانس برس» عناصر من قوات الدفاع الوطني التي تقاتل إلى جانب الجيش السوري تتراجع باتجاه شمال حي النشوة الشرقية الذي بات شبه خال من المدنيين. وأشار التلفزيون الرسمي، من جهته، إلى «اشتباكات عنيفة يخوضها الجيش وقوات الدفاع الشعبي في محاور عدة من المدينة». وتزامناً مع الاشتباكات ليلاً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تحليق طائرات حربية سورية في أجواء المدينة من دون شن غارات بعد يومين على تحذير واشنطن لدمشق من شن غارات تعرض سلامة مستشاريها العسكريين العاملين مع الأكراد على الأرض للخطر. ويسيطر الأكراد على ثلثي مدينة الحسكة، فيما تسيطر قوات النظام السوري على المتبقي منها. وتدور منذ يوم الأربعاء معارك بين الطرفين بدأت باشتباكات بين قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) وقوات الدفاع الوطني، لتتدخل لاحقاً كل من وحدات حماية الشعب الكردية والجيش السوري فيها. وتصاعدت حدة المعارك مع شن الطائرات السورية الخميس والجمعة غارات على مواقع للأكراد في الحسكة للمرة الأولى منذ بدء النزاع في سورية قبل أكثر من خمس سنوات. وهي المرة الأولى أيضاً التي تتدخل فيها واشنطن لحماية مستشاريها من الطائرات السورية عبر إرسال مقاتلات. وأوقعت المعارك في الحسكة منذ الأربعاء ما لا يقل عن 43 قتيلاً بينهم 27 مدنياً ضمنهم 11 طفلاً، كما دفعت الآلاف من سكان المدينة في المناطق تحت سيطرة الأكراد وتلك تحت سيطرة قوات النظام إلى النزوح، وفق المرصد. وتأتي التطورات السبت مع «استمرار الوساطة الروسية بين الطرفين» للتوصل إلى تهدئة، بحسب ما أكد مصدر حكومي ل «فرانس برس». وكان المصدر أفاد «فرانس برس» السبت عن اجتماعات منفصلة عقدها عسكريون روس مع الطرفين. وأفاد موقع «المصدر» الإخباري المقرب من الحكومة السورية من جهته عن «فشل المفاوضات» بين الطرفين. ونقل عن مصدر عسكري أن الأكراد طالبوا بسحب قوات الدفاع الوطني بالكامل من الحسكة، الأمر الذي رفضته الحكومة السورية وطرحت سحب السلاح من بعض العناصر فقط مقابل سحب سلاح قوات الأسايش. وفور فشل المفاوضات، تجددت المعارك في المدينة. وأعلنت وحدات حماية الشعب في بيان السبت نيتها حماية مدينة الحسكة من قوات النظام. وكان الجيش السوري اتهم بدوره الأربعاء من وصفهم ب «الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني»، الذي يخوض تمرداً ضد أنقرة، بالاستمرار «في ارتكاب جرائمهم بهدف السيطرة على مدينة الحسكة». وتدعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية إذ تعتبرها القوة الأكثر فعالية في مواجهة تنظيم «داعش». وتشكل الوحدات حالياً العمود الفقري ل «قوات سورية الديموقراطية» التي تحظى بدعم جوي من التحالف الدولي وتمكنت من طرد «داعش» من مناطق عدة. على جبهة أخرى في شمال سورية، قتل 38 شخصاً، بينهم 28 مدنياً وعشرة مقاتلين على الأقل، في قصف جوي روسي وسوري استهدف مساء السبت مدينة حلب وريفها الغربي والجنوبي، وفق حصيلة للمرصد السوري. وسجلت بلدة أورم الكبرى ومحيطها في ريف حلب الغربي الحصيلة الأكبر إذ وثق المرصد مقتل 13 مدنياً وعشرة مقاتلين على الأقل. وسقط الآخرون في بلدة كفرجوم (غرب) وكفر حلب (جنوب) وأحياء مدينة حلب الشرقية. ويتركز تواجد الفصائل المقاتلة والإسلامية في محافظة حلب في شكل كبير في ريفها الغربي، فضلاً عن مناطق متفرقة في الريف الجنوبي وأقصى الريف الشمالي. وتركز القصف الجوي في محيط مدينة حلب طوال الليل أيضاً على مناطق الاشتباكات المستمرة في جنوب غربي المدينة، حيث تدور منذ ثلاثة أسابيع معارك عنيفة إذ يحاول الجيش السوري والمسلحون الموالون استعادة مواقع خسروها لصالح فصائل مقاتلة وجهادية. وشنت فصائل مقاتلة بينها «جيش الفتح»، الذي يضم «جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقاً قبل الإعلان عن فك ارتباطها مع «القاعدة») في 31 تموز (يوليو) هجوماً على جنوب غربي حلب. وتمكنت من التقدم في منطقة الراموسة والكليات العسكرية، ما مكنها في السادس من آب (أغسطس) من كسر حصار قوات النظام للأحياء الشرقية وقطع طريق إمداد رئيسي لقوات النظام إلى الأحياء الغربية. ووثق المرصد السوري منذ 31 تموز (يوليو) مقتل أكثر من 330 مدنياً جراء القصف المتبادل بين قوات النظام والفصائل في مدينة حلب المقسمة منذ العام 2012.