أبقى مع صحافة التمنيات، أو ما يتمنى الكاتب حدوثه، لا ما حدث فعلاً، ولعل الصحافة الإسرائيلية مثلٌ يوميّ على هذه الممارسة، فحماس أطلقت الصواريخ على إيلات والعقبة أو أن حزب الله فعل، فهذا يناسب اسرائيل كثيراً، وحزب الله وراء المواجهة مع الجيش اللبناني. كل يوم تحمل الصحف الإسرائيلية أخباراً وتعليقات من هذا النوع، وفي الأيام الأخيرة فقط قرأت الآتي: - وباء غامض يشل الجيش السوري، وهو منقول عن موقع متطرف من دون محاولة نسبته الى مصدر، بل من دون ذكر اسم للوباء المزعوم، فهو على ما يبدو لا يقتل إلا جنوداً سوريين. - اسرائيل للولايات المتحدة: أعيدوا النظر في مساعدة الجيش اللبناني، وهذا الطلب من بلد يسرق دافع الضرائب الأميركي ويتلقى مساعدات عسكرية سنوية ببلايين الدولارات يستعملها في مواصلة الاحتلال وقتل النساء والأطفال. ثم إن حزب الله يعارض المساعدة العسكرية الأميركية للبنان، ويبدو أن كاتب الخبر، وهو صحافي اسرائيلي بارز، فاتته هذه الزاوية. - اسرائيل والعالم العربي: «انه خائف»، والحديث عن السيد حسن نصرالله، وكلمة «خائف» كتبت بحروف متقطعة للتشديد على خوف السيد، ما يعني أن اسرائيل تخاف منه، فصواريخ حزب الله لا دفاع أمامها لقصر المسافة. والكاتبة، وهي صحافية معروفة خبيرة، تتحدث عن حلف بين الرئيس السوري ورئيس وزراء لبنان وتركيا والسعودية لنزع «عود الكبريت» من أصابع السيد. لا بد أن في الموضوع وحياً، فقد رأيت جميع المسؤولين الواردة أسماؤهم في المقال وحتماً لا حلف جديداً هناك، بل ما نعرف عن حلف سوري - إيراني مستمر يدعم حزب الله ضد الاحتلال الإسرائيلي. - مبارك: اعقدوا المحادثات المباشرة في مصر، والموضوع يقول إن كل أسباب مصر في تأييد المفاوضات المباشرة هو أن تعقد في مصر، ولا أقول سوى أن كل مفاوضات مماثلة عقدت في مصر، وأن السلطة الوطنية لن تقبل بعقدها في مكان آخر، فالتنسيق بين الطرفين قديم ومستمر. أستطيع أن أقدم سبباً من عندي لدعم مصر المفاوضات المباشرة، هو إدراكها أنها ستفشل، لذلك لا خطر منها، وعقدها يحرم الدجال نتانياهو فرصة أن يقول، إذا لم تعقد، إنه كان سيوافق على دولة فلسطينية أكبر مما يطلب الفلسطينيون أنفسهم. - عدو يدمر نفسه، إيران تتساقط، وكاتب الخبر غاي بيشور متطرف يغرف من دجل الاستخبارات الإسرائيلية، وهو يتفوق على نفسه هذه المرة، لأنه إذا كانت إيران في طريق النهاية كما يزعم، فلماذا لا تنتظر اسرائيل هذه النهاية، بدل أن تهدد بضربة لمنشآتها النووية؟ أرجح أن سبب الاشارات، في المقال الى أن شرعية ثورة الخميني انتهت، هو الحملة العالمية لنزع شرعية اسرائيل بسبب جرائمها النازية المستوى ضد الفلسطينيين. وفي حين أن لي اعتراضات كثيرة مسجلة على أداء حكومة محمود أحمدي نجاد فإنني لا أنكر أن إيران دولة عمرها ألوف السنين وباقية، أما اسرائيل فدولة لصوص و «ترانزيت» إذا كان لي أن أترجم كلمات محمود درويش عن المارين بين الكلمات العابرة... احملوا أسماءكم وانصرفوا... هناك من ينافس الصحافة الإسرائيلية في كتابة التمنيات، خصوصاً الميديا والمواقع الليكودية الأميركية التي أعتبرها جزءاً من صحافة اسرائيل وفيها: - حرب بوتين على اسرائيل، وأتجاوز حديث الكاتبة عن «الإرهابيين الفلسطينيين»، فهم أبطال تحرر وطني ضد النازيين الإسرائيليين، لأكتفي بإشارة الى أن الاعتراض هو على تسليم روسيا السلطة الوطنية 50 عربة مصفحة من دون سلاح، وهذا في مقابل ما نعرف من أسلحة الدمار الشامل في اسرائيل. يحتاج من يكتب مثل هذا الكلام أن يكون ليكودياً على الطريقة النازية ليزعم أن السيارات المصفحة قد تستخدم في هجوم يجرف ما أمامه، فما أعرف هو أن «بولدوزر» إسرائيلية جرفت داعية السلام راشيل كوري وقتلتها. - الحقيقة عن الأسطول (أسطول السلام) وهي «حقيقة» فعلاً فالموضوع مقاطع فيديو من الجيش الإسرائيلي، أي من القتلة النازيين. - لماذا ستفشل «ويكاليكس» ومواضيع كثيرة أخرى عن الموقع الالكتروني الذي سرب المراسلات السرية عن الحرب في أفغانستان، وعصابة اسرائيل تتمنى أن يفشل الموقع لأنها أيدت حروب إدارة بوش في الشرق الأوسط، ولا تريد أن يقوم من يعارض موت زهرة شباب أميركا في حروب نفطية واسرائيلية. هي صحافة تمنيات إن أفادت شيئاً فهو إثبات ما نعرف عن سياسة الموت التي يسعى اليها أنصار اسرائيل من أعداء العرب والمسلمين. [email protected]