كلما تقدمت «البيشمركة» في «المناطق المتنارع عليها» التي يسعى الأكراد لضمها إلى إقليمهم، تصاعدت مطالبتهم بالانفصال عن العراق. وأعلن رئيس الإقليم مسعود بارزاني أمس، أن السبيل الوحيد لإنهاء «معاناة» الشعب الكردي يكمن في الانفصال، فيما جدد حزبه «الديموقراطي» دعوته «كل القوى إلى توحيد الصف» لتنظيم استفتاء على الاستقلال بعد فشل تجربة الشراكة» مع بغداد. إلى ذلك، دعا الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني العراق إلى الإسراع في تفعيل عمل لجنة الحدود المشتركة. وقال شمخاني بعد اجتماعه أمس مع سكرتير مجلس الأمن القومي العراقي فالح الفياض في طهران إن «تفعيل عمل هذه اللجنة يساهم في تطبيق المعاهدة الحدودية بين البلدين»، مؤكداً أن بلاده ستستمر في «التعاون الاستشاري مع العراق وسورية حتي القضاء علي الحركات الإرهابية في المنطقة، معتبراً أن «مشاريع التقسيم في المنطقة تهدف إلي إضعاف قدرات الدول الإسلامية». (راجع ص 2). ويشهد إقليم كردستان منذ نحو عام أزمة سياسية بسبب مطالبة كل من «الاتحاد الوطني»، بزعامة جلال طالباني، وحركة «التغيير» والقوى الإسلامية حزب بارزاني بتقليص صلاحيات رئيس الإقليم والانتقال إلى نظام حكم برلماني، في إطار الصراع على النفوذ الإداري والمالي. وقال بارزاني في بيان لمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس حزبه: «علينا العمل لممارسة شعب كردستان حقه في تقرير مصيره من أجل التحرر من المآسي والكوارث والتوجه نحو البناء، ولا سبيل لتحقيق ذلك سوى الاستقلال، وأن للبيشمركة، أكثر من أي طرف الحق في تحقيق هذا المطلب»، وأضاف أن «الاستقلال يمثل رسالة سلام لإنهاء القتال والكوارث، ولا يمثل تهديداً لأي جهة، بل سيكون عاملاً للتعايش بين شعوب المنطقة». وأبدى استعداده «لحل الخلافات والأزمات (الداخلية) عبر الحوار، على أن تكون الجماهير المرجع الأول، ونأمل بأن تراعي القوى، بما فيها الحزب الديموقراطي حساسية الظرف الراهن، بروح المسؤولية وتضعه فوق كل اعتبار»، داعياً «أعضاء ومناصري الحزب إلى مواجهة الفساد». إلى ذلك، دعا رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني «إلى توحيد الصف الكردي لتحقيق الأهداف»، وأضاف: «من أجل حل الخلافات والأزمات الداخلية فإن الديموقراطي جزء من الحل ولن يكون سبباً في التعقيد، وهو يبقي كل الأبواب مفتوحة أمام الحوار والتفاهم، لطي صفحة المشكلات والاستعداد للمرحلة المقبلة». وكان رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين حمل مبادرة من بارزاني لتسوية الخلافات، وأجرى سلسلة لقاءات مع قادة القوى الكردية، من دون التوصل إلى نتائج، بسبب إصرار «الديموقراطي» على انتخاب رئيس للبرلمان بعدما طرد «الديموقراطي» الرئيس الذي ينتمي إلى حركة «التغيير» وعطل عمل البرلمان منذ شهور. وأكد المكتب السياسي للحزب في بيان أن «الشعب الكردي جرب كل السبل للتعايش مع العراق الجديد من دون جدوى، وسلطات بغداد عملت بكل طاقتها لتهميش دور البيشمركة وصادرت قوت شعب الإقليم حقوقه الوظيفية، وزادت التهجم عليه». وأوضح أن الحزب «طوال تاريخه النضالي تبنى أسلوب التفاوض والعمل السياسي، ولم يلجأ إلى السلاح، وفي هذه المرحلة ما زال سائراً على النهج ذاته، ويؤمن بأن الاستقلال يتحقق عبر التفاهم مع بغداد ودول الجوار، بعيداً من التوتر والصدام». ودعا القوى الكردية إلى «التعاون لتنظيم استفتاء وتحديد مصير شعب كردستان، فالكل قدم التضحيات للوصول إلى هذا الهدف، وعلينا خوض مشاورات لحل الخلافات بعدما أدرك الجميع عدم جدوى القفز على مبدأ التوافق، ومحاولات محو وتهميش دور الآخر التي تؤدي إلى تقسيم البيت الكردي». إلى ذلك، قال محافظ أربيل نوزاد هادي، خلال لقائه عدداً من الصحافيين والفنانين العرب إن «الدولة العراقية منذ تأسيسها تعاني الحروب والمآسي، لأن حدودها رسمت بالقوة، ويجب اليوم إلغاؤها، كما أن تجربة إدارة الدولة عبر الشراكة فشلت، وعلى الأطراف العراقية تبني الحلول السلمية لإنهاء معاناة دامت نحو قرن».