أوقفت الشرطة التركية 136 شخصاً أمس، بعدما دهمت أربع محاكم في اسطنبول، إحداها الأضخم في البلاد، تنفيذاً لأمر باعتقال 190 من موظفي القضاء، في إطار تحقيق في محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي. وبعد ساعات على دهم المحاكم الأربع، أعلن نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي، أن الحكومة ستُصدر مرسوماً يعزل مزيداً من الموظفين المشبوهين بالانتماء إلى جماعة غولن، في وزارتَي الخارجية والداخلية، وفي خفر السواحل والشرطة والجيش، ويجرّدهم من حقهم في استخدام ألقابهم المهنية. وأضاف أن مستشفيات المؤسسة العسكرية ستخضع لسلطة وزارة الصحة. تزامن ذلك مع تحذير مركز بحوث أميركي من أن الولاياتالمتحدة قد تعجز عن السيطرة على عشرات القنابل النووية المُخزّنة في قاعدة إنجرليك الجوّية في تركيا، قرب الحدود السورية، إذا اندلعت «حرب أهلية طويلة»، منبّهة إلى خطر وقوعها في أيدي «إرهابيين أو قوات أخرى معادية». إلى ذلك، أفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بأن النيابة العامة في اسطنبول أمرت باعتقال 173 من العاملين في قصر العدل في كاغلايان، وفي محكمتَي غازي عثمان باشا وبكركوي. وأشارت إلى توقيف 136 من هؤلاء، بينهم مدعون، مضيفة ان الشرطة دهمت المحاكم الثلاث لاعتقال المشبوهين وتفتيش مكاتبهم وأجهزة كومبيوتر تخصّهم، فيما فتّشت وحدات أخرى منازلهم. وأشارت «الأناضول» إلى أن النيابة وسّعت لاحقاً أوامر الاعتقال لتطاول 17 من موظفي محكمة بويوكشكميتشي في اسطنبول. وكان أربعة من موظفي محكمة في المدينة أوقفوا الأسبوع الماضي. وتشتبه السلطات بارتباط الموظفين القضائيين ال 190 بجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، المقيم في الولاياتالمتحدة والذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية. وأعلن مسؤول تركي أن أكرم بيازتاش، المدعي العام السابق في إقليم أرضروم شرق البلاد، أُوقف ليل الأحد خلال محاولته عبور الحدود إلى سورية، بعد وقفه عن العمل إثر المحاولة الفاشلة. ورجّح المسؤول أن يكون بيازتاش «حاول الوصول إلى أجزاء خاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب في شمال سورية، طلباً للحماية»، مضيفاً أن «مدبّري الانقلاب الفارين يحاولون مغادرة تركيا عبر طرق يستخدمها عادة حزب العمال الكردستاني، لتهريب مسلحين وأسلحة، من البلاد وإليها». وأشار ضابط بارز في جهاز الاستخبارات التركية إلى أن أفراداً مرتبطين بغولن «وصلوا في الأسابيع الأخيرة إلى العراق، برفقة عناصر من الكردستاني» الذي اتهمته السلطات أمس بتفجير سيارة أمام مركز شرطة قرب مدينة دياربكر جنوب شرقي تركيا، ما أدى إلى مقتل 5 شرطيين ومدنيَّين بينهما طفل، وجرح 21. وأضاف الضابط أن شخصيات مرتبطة بالداعية حصلت على عروض بالعبور الآمن إلى أوروبا، في مقابل معلومات عن عمليات جارية وأساليب عمل الاستخبارات والجيش في تركيا. وأفادت «الأناضول» بأن عقيدَين فارَّين، مُتهمَين بالضلوع في المحاولة الانقلابية، أوقفا في مدينة قونية وسط تركيا، مع شخص كان يساعدهما. في غضون ذلك، حذر تقرير أعدّه «مركز ستيمسون» للبحوث (مقرّه واشنطن)، من احتمال سيطرة «إرهابيين أو قوات أخرى معادية» على القنابل النووية الأميركية المُخزّنة في قاعدة إنجرليك التركية. ووَرَدَ في التقرير: «مستحيل ان نعرف هل ستتمكّن الولاياتالمتحدة من الاحتفاظ بسيطرتها على الأسلحة، لو اندلعت حرب أهلية طويلة في تركيا». ودعا إلى سحب فوري من أوروبا للقنابل الذرية من طراز «بي 61». وقالت لايسي هيلي التي ساهمت في إعداد التقرير: «من وجهة نظر أمنية، تخزين نحو 50 سلاحاً نووياً أميركياً في قاعدة إنجرليك الجوية هو بمثابة مجازفة. ثمة تدابير حماية مهمة هناك، لكنها مجرد تدابير حماية، ولا تزيل الخطر. وفي حال حدوث انقلاب، لا يمكننا القول في شكل مؤكد هل كنا قادرين على السيطرة» عليها. وكان ستيف أندرسن، المدير السابق للدفاع وضبط الأسلحة في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، كتب في صحيفة «لوس أنجليس تايمز»: «مع أننا تفادينا الكارثة حتى الآن، إلا أن لدينا إثباتات كثيرة على أن أمن الأسلحة الأميركية المخزّنة في تركيا يمكن أن يتبدّل بين ليلة وضحاها». لكن كوري شايك، وهي باحثة في «معهد هوفر» (مقرّه كاليفورنيا)، كتبت في صحيفة «نيويورك تايمز» أن هذه الأسلحة «لا يمكن استخدامها من دون إدخال الشيفرة، ما يجعل تشغيلها مستحيلاً من دون إذن». واعتبرت ان «كون هذه الأسلحة النووية منشورة في تركيا، لا يجعلها عرضة لخطر، ولو بات البلد معادياً للولايات المتحدة». وعلّقت وزارة الدفاع الأميركية على التقرير مؤكدة أنها لا تتطرّق إلى «مواقع الأسلحة الإستراتيجية». واستدركت أنها اتخذت «تدابير ملائمة» لضمان أمن موظفيها و»منشآتها».