أعلنت السلطات التركية توقيف أكثر من 7500 شخص، بينهم 103 جنرالات وأميرالات، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. كما عزلت حوالى 9 آلاف من موظفي وزارة الداخلية، وعشرات من الحكام والموظفين البارزين، موسّعة حملة «تطهير» تطاول الجيش والقضاء والقطاع العام. وألغت الحكومة الإجازات السنوية لموظفيها الثلاثة الملايين، فيما استمر التوتر في الشارع، إذ أفادت تقارير أن جميل جانداش، نائب رئيس بلدية حي شيشلي في إسطنبول، توفي متأثراً بجروحه بعدما أصابه مسلح برصاصة في رأسه، علماً أن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض يدير الحي. كما قتلت الشرطة رجلاً فتح النار على شرطيين أمام محكمة في أنقرة، حيث مَثَلَ عشرات من الجنود المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب. وأوردت وسائل إعلام أن المسلح كان جندياً، مشيرة إلى توقيف شخصَين. وكانت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء أفادت بانتشار حوالى 1800 عنصر من القوات الخاصة في الشرطة، في إسطنبول لحماية «مواقع حساسة». وأعلن رئيس الوزراء بن علي يلدرم توقيف 7543 شخصاً، بينهم 6038 عسكرياً و755 قاضياً و100 شرطي. وأشار إلى مقتل 208 أشخاص خلال محاولة الانقلاب، بينهم 60 شرطياً وثلاثة عسكريين و145 مدنياً. وكانت السلطات أعلنت مقتل مئة «انقلابي». وأكد يلدرم امتلاك أنقرة وثائق تذكر بالتفصيل الأطراف المتورطين بمحاولة الانقلاب، مشيراً إلى أن هؤلاء أعدّوا خططاً تفصيلية عمّن كانوا سيشغلون مناصب وزارية، ومَن سيتولى تطبيق الأحكام العرفية في تركيا. إلى ذلك، كرّر يلدرم مطالبته الولاياتالمتحدة بتسليم الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب. وقال: «سنُصاب بخيبة أمل إذا طلب منا أصدقاؤنا (الأميركيون) تقديم دليل، على رغم أن أفراداً من منظمة القتل يحاولون تدمير حكومة مُنتخبة، وفق توجيهات من ذلك الشخص». وكان لافتاً أن رئيس الوزراء ألغى «حتى إشعار آخر»، العطلة السنوية لجميع الموظفين الحكوميين الأتراك، وعددهم يتجاوز ثلاثة ملايين شخص. ووَرَدَ في نص القرار الذي نشرته الجريدة الرسمية، أن الموظفين الذين بدأوا عطلتهم سيعودون إلى عملهم «في أقرب وقت». إلى ذلك، أفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بتوقيف 103 جنرالات وأميرالات من سلاح الجو والبر والبحر، نشرت قائمة بأسمائهم. وأبرز الموقوفين الجنرال محمد دشلي الذي قاد احتجاز رئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار، والقائد السابق لسلاح الجوّ الجنرال المتقاعد أكن أوزترك، المُتهم بقيادة الانقلاب، علماً أن وحدة مكافحة الشغب دهمت مجمّع أكاديمية سلاح الجوّ في إسطنبول. وأشارت «الأناضول» إلى أن وزارة الداخلية عزلت 8777 من موظفيها، بينهم حوالى 4500 شرطي و614 دركياً. وبثّت شبكة «سي أن أن ترك» أن 30 حاكماً إقليمياً وأكثر من 50 موظفاً بارزاً أُقيلوا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أمني بارز إن قوات الأمن التركية ما زالت تبحث عن عسكريين متورطين بالمحاولة، في مدن ومناطق ريفية، مستبعداً وقوع محاولة أخرى. وأضاف أن القيادة العسكرية التركية تلقّت «ضربة ثقيلة من ناحية التنظيم»، من خلال محاولة الانقلاب، مستدركاً أنها ما زالت تعمل بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات والشرطة والحكومة. وأشار إلى أن ضباطاً بارزين متورطين بالانقلاب، فرّوا إلى الخارج. وفي سياق تحسّب السلطات من تحركات مريبة محتملة، قال مصدر في مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الأخير مدّد أمراً للمقاتلات بتنفيذ دوريات جوية فوق إسطنبولوأنقرة، مضيفاً إن الرئيس حظّر إقلاع المروحيات العسكرية من إسطنبول. وتابع أن سلاح الجوّ تلقّى أوامر بإسقاط أي مروحية عسكرية فوق إسطنبول، علماً أن جنوداً متمردين كانوا استولوا ليل الجمعة على مروحيات ومقاتلات ودبابات، لتنفيذ الانقلاب الفاشل. اليونان في أثينا، مَثَلَ 8 جنود أتراك أمام محكمة تدرس طلبهم اللجوء السياسي، بعدما وصلوا بمروحية عسكرية السبت إلى ألكساندروبولي شمال شرقي اليونان، اثر الانقلاب، علماً أنهم سيُحاكمون بعد غد بتهمة الدخول غير المشروع إلى البلاد وانتهاك مجالها الجوي. واتهمت السلطات التركية الجنود الفارين بالخيانة، وطلبت من اليونان تسليمهم. وتعهدت أثينا التسريع بإجراءات درس طلبات اللجوء السياسي التي قدموها، مستدركة أنها ستلتزم القانون الدولي واتفاقات حقوق الإنسان. وقالت محامية تمثّل أربعة من الجنود إن موكليها «لا يعرفون شيئاً عن الانقلاب»، بل كانوا ينفّذون أوامر رؤسائهم. وأضافت: «يخشون من تعرّض حياتهم لخطر. لذلك لا يريدون العودة إلى تركيا وطلبوا اللجوء السياسي». وأشارت إلى أن المروحية التي فرّوا فيها تعرّضت لنيران الشرطة التركية، كما تلقّوا رسائل نصية على هواتفهم الخليوية تفيد بأن الانقلاب ما زال مستمراً، فقرروا الهرب إلى اليونان المجاورة. في غضون ذلك، لفت يلدرم إلى أن إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا بعد الانقلاب الفاشل «موضوع يحتاج إلى تفكير بتفاصيله ومناقشته في البرلمان، وهذا يتطلب تعديل الدستور». وأضاف: «ليس جيداً اتخاذ قرار على عجل، ولكن لا يمكن تجاهل مطالب الشعب». لكن «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي أعلن أنه لن يدعم أي اقتراح تقدّمه الحكومة لإعادة عقوبة الإعدام. أما «حزب الشعب الجمهوري» المعارض فاعتبر أن الرد على محاولة الانقلاب يجب أن يكون في إطار سيادة القانون، ومحاكمة المدبّرين.