هيمنت قضية القدس، بصفتها مدينة عالمية مقدسة، على كتاب وزير الثقافة السوري، رياض نعسان أغا «بين السياسة والفنون»، وقد ضمنه خبراته ومسيرته وعلاقاته بين الثقافة والإعلام والسياسة على مدار أكثر من أربعة عقود. واحتلت القضية الفلسطينية، بأحداثها وتواريخها وتداعياتها، الثلث الأول من الكتاب الذي صدر حديثاً في القاهرة عن دار «رؤية». يستهلّ الوزير السوري كتابه بالإشادة بقرار اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية، والذي اعتبره بداية لتنفيذ تعهدات عربية سابقة لتكثيف الاهتمام بالمدينة المقدسة وتذكير العالم بكونها مدينة «محتلة» بخاصة أن الشعب الفلسطيني، كما يعبّر ليس المسؤول الوحيد عنها، بل هي مسؤولية كل مسلم ومسيحي في العالم أجمع. ومثلما أفرد الكاتب مساحة واسعة للقدس، لم يهمل قطاع غزة الذي اعتبره رائداً في انتفاضته ومفجراً لظاهرة «أطفال الحجارة» لكونه مصدر نشوة عربية ومصدر تعاطف دولي. وأشار الوزير السوري في كتابه إلى أن «الحقيقة الأولى التي يستفيدها العرب من العدوان الأخير على غزة هي أن السلام مع إسرائيل وهم لا يمكن تحقيقه»، وأن أهم قوة تعتمد عليها إسرائيل «هي الانقسام والتمزق العربي الذي يترك الأمة ضعيفة مستباحة». والكتاب، الذي صمم غلافه الفنان حسين جبيل، يتناول عدداً من التجارب الشخصية والمواقف التي جمعت بين المؤلف وبعض الشخصيات الفنية والسياسية. ويحوى 63 فصلاً من بينها: القدس عاصمة الثقافة العربية، ثمن الحرية، حقائق تقدمها غزة، بين الاعتدال والممانعة، آفاق التغيير المرتقب، نجاح الديبلوماسية العربية، حوار الحضارات في استامبول، هل يحكمنا التاريخ؟، استعادة مكان التراث، نحن وتركيا، نحن وأصدقاؤنا الأرمن، الثقافة العربية وجلد الذات، خطاب المستقبل المضطرب، كنيس أمام الأقصى، مؤتمر القدس في العهد العثماني، القدس ومسوولية المجتمع المدني، ونساء من لبنان وسواها. ويناقش المؤلف في فصل «نزار قباني شاعرنا»، فكرة اتهام الشاعر الراحل نزار قباني بالمجون في الوقت الذي وصف طه حسين شعره ب «المحقق» ثم يسلط الضوء على أهمية شعر قباني والخدمة التي قدمها للثقافة العربية. وانتقد وزير الثقافة السوري الشاعر أدونيس خصوصاً بعد أن قام بالترويج لانقراض الثقافة العربية، وأشار إلى أنه يحترم مكانته الثقافية، مؤكداً رغبته في أن يجند تلك المكانة لدعم الثقافة العربية والإسلامية وليس للترويج لانقراضها. ويشير إلى أن برامج العواصم الثقافية العربية تنفق الملايين لدعم الحضور الثقافي العربي في العالم. ويقول: «ليت أدونيس يوظف ثقافته وحضوره الأوروبي للدفاع عن أمته، كما فعل إدوارد سعيد، وعندها سينال جائزة الأمة إذا فاتته نوبل». ولم ينكر وزير الثقافة السوري استياءه من أدونيس عندما قام بوصف دمشق بالمدينة المغلقة، وتبريره لهذا الوصف بأنها مكتملة.