أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح وجود إرادة سياسية قوية لدى الحكومة العراقية لإعادة هيكلة المصارف الحكومية، وشُكلت لجنة برئاسة محافظ البنك المركزي علي العلاق، وهناك لجنة فرعية لمتابعة قضية إعادة الهيكلة بدأت تعمل مع البنك الدولي الذي أعطانا خريطة طريق من 4 مراحل. وأشار خلال ندوة عقدها «معهد التقدم للسياسات الإنمائية»، إلى وجود «إرادة بين الكتل لإعادة هيكلة المصارف، والمرحلة الأولى من الخطة تدقيق حسابات المصارف، والثانية إنشاء شركة تتولى إعداد موازنتين، واحدة تخطيطية وواقعية نظيفة، بينما الخطوة الثالثة هي حوكمة الإدارة من خلال رفد المصارف الحكومية بخبراء دوليين لخلق سوق مصرفية متجانسة، أما الخطوة الرابعة فهي إعادة هيكلة رأس المال لدى مصرفي الرافدين والرشيد، وهذه المرحلة يجب أن تنجز خلال 18 شهراً». وشدد على «ضرورة إجراء الهيكلة القانونية لتوحيد الرؤى المصرفية وإعادة الهيبة للمصارف وإعطاء قوة لمجالس الإدارة تؤهل المصارف الحكومية الدخول في السوق المصرفية». وقال: «يتألف القطاع المصرفي من 7 مصارف كبيرة تستحوذ على 91 في المئة من الموجودات المصرفية ونحو 86 في المئة من ودائع الجهاز المصرفي، وهذا التشكيل في الودائع الحكومية بلغ 65 تريليون دينار (نحو 55 بليون دولار) حتى نهاية عام 2015، 45 تريليوناً منها ودائع حكومية و19 تريليوناً ودائع أهلية، من بينها 10 تريليونات دينار لدى مصرفي الرشيد والرافدين، و9 تريليونات لدى المصارف الخاصة». وأضاف الصالح أن «نسبة رأس المال والاحتياطات السليمة إلى الموجودات في الموازنة تبلغ 2 في المئة فقط، وتتطابق مع السياق العالمي لجهة الشكل وتبدو وكأن مصارفنا تعيش العولمة الحديثة الحالية. أما المصارف الخاصة، فمازالت تعيش ظروف القرن ال 19». وأوضح أن «سيولة الحكومة السيادية هي سند المصارف الحكومية، ما يعني أن الاستثمارات هي في الأموال الحكومية ذاتها من خلال تحويلات الخزينة، لذلك تبلغ نسبة رأس المال إلى الاستثمارات نحو 34 في المئة، أما الائتمان النقدي فتبلغ قيمته 36 تريليون دينار، 29 تريليوناً منها لدى المصارف الحكومية تذهب إلى الشركات الخاسرة المقترضة أو بصيغة رواتب لموظفي الدولة أو سلف وغيرها، وهذه تبلغ حوالى 50 في المئة أما ال 50 الباقية فتتمتع بسيولة فائضة، كما هي الحال في مصرف الرشيد حيث تبلغ 80 في المئة، ما يعني أنه يخسر، كما يوجد 7 تريليونات لدى المصارف الخاصة». ولفت إلى أن «المشكلة هي أن الحكومة تقترض من أموالها بسبب عدم وجود نظام صحيح يبين اتجاه تدفقات الأموال الحكومية واستعمالاتها». وتحدث صالح عن الحوكمة الجيدة لفصل الإدارة عن الملكية وتطبيق المساءلة والشفافية، و «هذه لا يمكن تحقيقها بسهولة لأن آلية العمل غير سليمة، ما أدى إلى تعطيل مجالس الإدارات بسبب تدخل الوزارات في عمل المصارف». وقال وزير التخطيط السابق مهدي الحافظ إن «تخلف القطاع المصرفي العراقي بلغ مستوى بات يمثل معضلة كبيرة يتوجب معالجتها من جانب المعنيين بالإصلاح الاقتصادي». وأوضح أن «البنك الدولي أصدر منذ سنوات تقريراً مهما بتوصية من وزارة المال والبنك المركزي، عن الوضع المالي في العراق، وأظهر أن الوضع المصرفي هو الحلقة الأضعف في العراق». وأضاف: «أوصى التقرير بإعادة الهيكلة وتأمين معاملة متكافئة لقطاعي المصارف الحكومية والخاصة، ونأسف لعدم اتخاذ أي إجراءات أو معالجات لإعادة هيكلة المصارف، حتى في إطار ملف البرنامج الحكومي لم نجد رؤية واضحة لإعادة النظر في وضع المصارف وتمكينها من دعم القطاع الخاص». وأكد رئيس «مجلس العمل الوطني العراقي» داود عبد زاير أن «آخر موازنة أعلن عنها مصرف الرافدين بلغت 125 تريليون دينار، وهو رقم خيالي يفوق موازنة الدولة، وكلنا نعلم أن هذا الرقم غير دقيق». وأوضح أن «هناك ريبة وشكوكاً حول المصارف الحكومية، وبالتالي يجب عدم توريط الإدارات الجديدة بهذه المشاكل ويجب أن يتوقف العمل بانتظار التدقيق من شركة عالمية»، مشيراً إلى أن «77 في المئة من العملة النقدية المحلية خارج المنظومة المصرفية، وهذه تمثل شهادة وفاة للنظام المصرفي العراقي لأن البقية هو عبارة عن ودائع حكومية». وشدد زاير على أن «محاربة الفساد تبدأ من إدخال العملة المحلية إلى المنظومة المصرفية»، داعياً إلى «إصدار الدينار الإلكتروني من جانب مصرف الرشيد أو الرافدين وللجبايات الحكومية فقط، فذلك سيساعدنا على تحقيق قفزة نوعية كبيرة في السياسة المصرفية».