وسّعت السلطات التركية حملتها ل «تطهير» وسائل إعلام تعتبرها موالية للداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة. وحذرت تركيا من احتمال فرار غولن من الولاياتالمتحدة التي يقيم على أراضيها منذ عام 1999، كما طرد عشرات من موظفي وزارة الخارجية، وسط انتقادات غربية متصاعدة. تزامن ذلك مع اجتماع مجلس الشورى العسكري أمس، والذي جمع رئيس الوزراء بن علي يلدرم وقادة الجيش، وأتى بعد ساعات على تسريح الحكومة 1684 عسكرياً، بينهم 149 جنرالاً وأميرالاً، تتهمهم ب «التواطؤ في محاولة الانقلاب»، وإعلان جنرالين بارزين استقالتيهما. إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو تسريح 88 من موظفي الوزارة، بينهم سفيران، وذكّر بأن 300 من موظفي الوزارة موالون لغولن، مطالباً ألمانيا بتسليم أنقرة مدعين أتراكاً مرتبطين بالداعية فرّوا إلى أراضيها. وأشار في الوقت ذاته إلى تغيير مهم في سلوك الولاياتالمتحدة إزاء تسليم أنقرة غولن. في السياق ذاته، أعلن وزير العدل التركي بكير بوزداغ تلقّي بلاده معلومات استخباراتية تفيد بأن غولن قد يفرّ من الولاياتالمتحدة إلى استراليا أو المكسيك أو كندا أو جنوب أفريقيا أو مصر. لكن رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، ذكر أن بلاده لم تتلقَّ طلباً من الداعية لمنحه حق اللجوء السياسي على أراضيها. واستدرك أن القاهرة ستدرس طلباً مشابهاً في حال تقديمه. في غضون ذلك، وبعد ساعات على إعلان يلدرم الأربعاء أن «حملة التطهير لم تنتهِ»، أمرت السلطات بإغلاق 45 صحيفة و16 شبكة تلفزة و3 وكالات أنباء و23 إذاعة و15 مجلة و29 داراً للنشر، علماً أنها كانت أصدرت مذكرات لتوقيف 89 إعلامياً، اتهمتهم بالارتباط بجماعة غولن. وبين وسائل الإعلام التي يشملها القرار، وكالة «جيهان» وتلفزيون «آي إم سي تي في» المؤيد للأكراد، وصحيفة «طرف» الموالية للمعارضة. وندد عبد الله بوزكورت، وهو إعلامي سابق في صحيفة «توداي زمان»، أسس وكالة أنباء بعد سيطرة السلطات على الصحيفة، ب «إغلاق غير شرعي» لوكالته. أما المصوّر الصحافي صلاح الدين سفي الذي صدرت مذكرة لتوقيف، فكتب على موقع «فايسبوك»: «كنت دائماً ضد أي تنظيم أو سلطة تحاول إطاحة حكومات انتُخبت ديموقراطياً في تركيا». وأضاف أنه نزل إلى الشارع احتجاجاً على محاولة الانقلاب، علماً أنه الآن خارج تركيا حيث يُعدّ لكتاب. وكان وزير الداخلية أفكان ألا أعلن سجن 15846 شخصاً على ذمة التحقيق منذ الانقلاب. وقال مسؤول تركي إن 8113 وُضعوا في حبس احترازي، فيما أُفرِج عن 3 آلاف. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بتسريح 51322 موظفاً في المؤسسات الرسمية. كما طلبت الحكومة استقالة حوالى 1600 عميد كلية، في جامعات رسمية وخاصة، وستسحب تصاريح لحوالى 21 ألف شخص يعملون في قطاع التعليم الخاص. وأقرّت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل بوجوب اتخاذ «إجراء» ضد مدبّري الانقلاب في تركيا، «بكل وسائل الدولة وإمكاناتها الدستورية»، مستدركة: «في دولة دستورية يجب أن يكون مبدأ النسبة والتناسب مكفولاً للجميع». وأعربت ناطقة باسم الاتحاد الأوروبي عن قلق من استهداف وسائل الإعلام، معتبرة أن على تركيا التي تتطلّع إلى عضوية الاتحاد، أن «تطمح إلى أعلى مستوى من الممارسة الديموقراطية الممكنة، بما في ذلك حرية وسائل الإعلام».وتحدثت وزارة الخارجية الأميركية عن «توجّه مقلق في تركيا»، فيما أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جاويش أوغلو في اتصال هاتفي «قلقاً بالغاً حيال حجم الاعتقالات والتوقيفات والتسريح الواسع من العمل».