حشد الرئيس رجب طيب أردوغان أنصاره بعد صلاة الجمعة أمس، مشيداً ب «نصر المؤمنين» بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، فيما لم يستبعد رئيس الوزراء بن علي يلدرم تحرّك انقلابيين ما زالوا فارين. تزامن ذلك مع منع تجمّع ضخم من الوصول إلى قاعدة عسكرية في أنقرة، فيما حذرت السلطات التركية الولاياتالمتحدة من «تسويف في تسليم» الداعية المعارض فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب. وطاولت حملة «التطهير» التي تشنّها السلطات وحصدت حوالى 70 ألف شخص، الصحافي البارز أورهان كمال جنكيز وزوجته سيبل هورتاس، إذ احتُجزا في مطار إسطنبول خلال استعدادهما لمغادرة تركيا الخميس، واقتيدا إلى المركز الرئيس للشرطة لاستجوابهما. وكان أردوغان أعلن توقيف 10410 أشخاص، بينهم 4060 أودعوا حجزاً احتياطياً، بما في ذلك أكثر من مئة جنرال وأميرال. كما عزلت السلطات حوالى 55 ألف شخص. وفي مؤشر إلى استمرار التوتر في البلاد، ركن متظاهرون شاحنات وجرافة أمام قاعدة «إتيميسغوت» العسكرية في أنقرة ليل الخميس، ربما خشية محاولة إخراج دبابات من المنشأة، التي أفادت معلومات بقطع التيار الكهربائي عنها. وأُعِيد التيار الكهربائي المنتظم امس إلى قاعدة «إنجيرليك» الجوية التي تستخدمها قوات التحالف في غاراتها على تنظيم «داعش» في العراق وسورية، بعد أسبوع على انقطاعه وتوقيف قائد القاعدة، لاتهامه بالتورط بالانقلاب. الى ذلك، حضّ يلدرم الأتراك على الهدوء، معتبراً أن الحياة عادت إلى طبيعتها، ومستدركاً: «الخطر لم ينته، لكن ليس هناك ما يدعو مواطنينا إلى القلق». ولفت إلى أن انقلابيين ما زالوا فارين، وتابع أن هناك «فرصة ضئيلة لتحرّك مجانين، بدافع شعور بالانتقام والهزيمة». وشدد على أن سيادة القانون لا الرغبة في الانتقام تحكم تعامل المؤسسات التركية مع تداعيات الانقلاب. وانتقد يلدرم مطالبة الولاياتالمتحدة بأدلة لتسليم غولن، داعياً إلى «التوقف عن الدفاع عن همج دهسوا المواطنين بدبابات، وهاجموا الناس من الأرض والجوّ». وأشاد بغالبية وسائل الإعلام التركية، لإسراعها في التنديد بمحاولة الانقلاب، لكنه انتقد وسائل إعلام أجنبية، إذ اعتبر أن تقاريرها قدّمت «تغطية أحادية تحت تأثير منظمة القتلة»، في إشارة إلى جماعة غولن. أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فحذر الأميركيين قائلاً: «إذا أردتم التسويف في تسليم غولن، فقد يستغرق الأمر سنوات، لكن إذا حسمتم أمركم فيمكن إتمام المسألة في فترة وجيزة». وأضاف أن الولاياتالمتحدة عرضت تشكيل لجنة لمناقشة تسليم الداعية، مشيراً إلى أن تركيا مستعدة للمشاركة فيها. ورأى وجوب منع غولن من السفر إلى دولة ثالثة. أردوغان الى ذلك، اعتبر أردوغان أن «النصر للمؤمنين» أمام مئات من أنصاره خارج مسجد في أنقرة هتفوا «هنا الجيش، وهنا القائد!». ودعوا إلى إعادة تطبيق عقوبة الإعدام، لاستخدامها ضد مدبّري الانقلاب الذي نُفِّذ ليل 15-16 الشهر الجاري، علماً أن وزير العدل التركي بكير بوزداغ رأى وجوب حسم مسألة إعادة العقوبة من منظور قانوني، لا على أساس ما يريده الاتحاد الأوروبي. وأعلن أردوغان أن 15 تموز (يوليو) سيصبح عيداً وطنياً في تركيا، لإحياء «يوم ذكرى الشهداء»، وزاد: «من المدنيين إلى الشرطة إلى الجنود، لن تنسى الأجيال المقبلة أبداً الأبطال الذين قاتلوا من أجل الديموقراطية في 15 تموز». وكان الرئيس التركي اعتبر أن لا عراقيل أمام تمديد حال الطوارئ التي أعلنها الأربعاء الماضي، بعد الأشهر الثلاثة الأولى، إذا اقتضت الضرورة. وروى تطوّر الأحداث ليلة الانقلاب، عندما كان يقضي عطلة مع عائلته قرب منتجع مرمريس الساحلي. وقال إنه لم يصدّق حين أبلغه صهره، في اتصال هاتفي، إن جنوداً بدأوا يغلقون شوارع في إسطنبول. وأضاف أنه لم يستطع الاتصال برئيسَي الأركان وجهاز الاستخبارات، مشيراً إلى أنه تمكّن بصعوبة من الاتصال برئيس الوزراء. وتابع أنه قرر «التحرّك» بعدما علِم بنزول أنصاره إلى الشوراع، استجابة لطلبه، فعاد وعائلته إلى إسطنبول، حيث حطّت طائرته بعدما استعادت قوات موالية له برج المراقبة في المطار وأمّنت ممراً له. ورأى أردوغان أن خفض مؤسسة «ستاندرد أند بورز» تصنيف قدرة تركيا على سداد التزاماتها الخارجية بالعملة الصعبة، يُظهر أن وكالة التصنيفات الائتمانية «تنحاز للانقلاب لا للديموقراطية». في السياق ذاته، أعلن المصرف المركزي التركي أنه سيبدأ محادثات فنية مع مستثمرين ومحللين، بعد أيام على اضطراب سوق المال إثر محاولة الانقلاب الفاشلة. إلى ذلك، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني والمفوض الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان، أنهما يتابعان «عن كثب وبقلق» فرض حال الطوارئ في تركيا، واعتبرا أن حملة «التطهير» «المتعلقة بالتعليم والقضاء والإعلام»، تتضمن «قرارات غير مقبولة». ورفضا «تقويض الحريات والحقوق الأساسية».