اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن «القضية الفلسطينية ستظل تمثل القضية المركزية للأمة العربية وتحتل الأولوية القصوى في أجندة العمل العربي المشترك، وسيبقى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية يمثل تهديداً أساسياً للأمن القومي العربي»، موضحاً أن «تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط مرهون بحل القضية الفلسطينية وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمرجعيات المتفق عليها لعملية السلام وعلى رأسها مبادرة السلام العربية»، مشيراً إلى ان الجهود المصرية الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسي ستفتح طريقاً وسط حالة الجمود التي يشهدها الوضع الحالي، معتبراً أن المبادرة الفرنسية قد تمثل فرصة مواتية لتصحيح المسار وإنهاء الاحتلال. وقال أبو الغيط أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في نواكشوط أمس، الذي أعد جدول أعمال ومشاريع قرارات القمة العربية ال27 المنعقدة غداً الاثنين 16 بنداً إضافة الى «إعلان نواكشوط»، إن موضوع صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب ينطوي على أهمية قصوى لحماية الدولة الوطنية من الأخطار التي تهددها والحفاظ على مكتسبات وثروات ومقدرات الأمة العربية وإرساء الأمن والسلام والاستقرار الذي يعتبر شرطاً أساسياً للمضي في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، والأمر الذي يقضي باجتثاث الإرهاب من جذوره وهزيمته ودحر أفكاره وأيديلوجيته المدمرة، مطالباً بضرورة تبني رؤية عربية شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد كافة ذات الصلة بالسياسات الاقتصادية والثقافية والدينية، على أن تحتل قضايا الشباب وتطلعاته ومشاركته في الحياة العامة موقع الصدارة في هذه الرؤية. ومن المقرر أن يبحث القادة العرب في مسألة مكان عقد القمة المقبلة، ووفق الترتيب الأبجدي فإن اليمن هي رئيس هذه القمة. وشدد أبو الغيط على ضرورة المضي قدماً في عملية الإصلاح والتطوير للجامعة العربية، منبهاً إلى أهمية تجديد أساليب العمل وإنجاز كافة المشاريع الرامية إلى الارتقاء بآليات وهيكل العمل العربي المشترك. ولفت الى التهديدات التي يواجهها الأمن القومي العربي والناجمة عن الأزمة السورية وتطورات الأوضاع في العراق واليمن وليبيا، داعياً إلى ضرورة التحرك السريع لإيجاد الحلول السياسية لإعادة الأمن والاستقرار لهذه الدول. وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قال، قبل أن يسلم رئاسة القمة إلى نظيره الموريتاني، أمام الاجتماع الوزاري إن «المنطقة العربية والعالم كله شهد خلال عام ترؤس مصر القمة تطورات مهمة وعميقة سعت مصر معها للدفع بالشواغل العربية في العديد من القضايا على رأسها القضية الفلسطينية، القضية المحورية الأولى لدى العرب، إضافة إلى الأزمات في سورية والعراق وليبيا والتي تُهدد تطوراتها الاستقرار الإقليمي على المدى المتوسط وربما البعيد، فضلاً عن ظواهر اشتدت حدتها ووطأتها على مدى السنوات الخمس الماضية مثل الإرهاب وقضية اللاجئين غير الشرعيين». وقال إن «مصر نجحت، مع أشقائها العرب، على مدى رئاستها في الحفاظ على صدارة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية وقد تفاعلت جامعتنا في شكل إيجابي مع كل المبادرات والتحركات التي قدمت على هذا الصعيد وآخرها المبادرة الفرنسية التي ساهمت لجنة إنهاء الاحتلال التابعة للجامعة في إثرائها وتوفير الدعم اللازم لها، كما أن تحركاتنا للبحث عن حل عادل يُنصف إخواننا الفلسطينيين ويُعيد الأمل للشعب الفلسطيني عبر تخفيف القيود التي تعرقل سير حياته اليومية في شكل نرفضه جميعاً، واتسقت تحركاتنا هذه مع رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي التي عبر عنها في أسيوط في أيار (مايو) الماضي والهادفة إلى إيجاد حل حقيقي لقضية فلسطين». وقال شكري إن «الأزمات في سورية وليبيا واليمن، فضلاً عما يعتري العراق من مشكلات عميقة، تعكس ظواهر مُتشابهة وكلها يرتبط بتراجع دور الدولة لحساب ميليشيات وتنظيمات طائفية أو متطرفة ولاعبين من خارج الأطر الرسمية تتحكم بقرارهم في غالب الأحيان قوى خارجية تسعى الى توسيع نفوذها على حساب مبادئ السيادة ووحدة أراضي الدول العربية». وأضاف: «ان هدفنا في شكل دائم هو دعم منطق الدولة العادلة الجامعة لأبنائها والساعية لتحقيق تطلعاتهم من دون تفرقة بينهم على أساس طائفي أو عرقي، فضلاً عن مواجهة الإرهاب برص الصفوف وطرح الحلول السياسية إلى جانب الأساليب الأمنية والعسكرية الضرورية لدحر التنظيمات المتطرفة. ونحن بذلك نسعى الى معالجة ما اقترفته بحقنا قوى خارجية نفذت خططها بدءاً بالعراق كما كشفت تقارير لنا في الأيام الأخيرة، فأضعفت الدولة وقوضتها في بعض الحالات وفتحت الباب واسعاً لمجموعات متطرفة ولقوى تسعى الى فرض مفاهيم خطيرة لإدارة المجتمعات». وتابع شكري «أن لبنان طالما مثل بوتقة للتنوع والتعايش ومر بتجارب قاسية نريد له ألا تتكرر بأي حال من الأحوال، ولذا فعلينا مساعدته ودعمه بكافة الوسائل ومنها تشجيع اللبنانيين على حل خلافاتهم بالحوار المعمق واستكمال منظومة المؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية منعاً لوقوع هذا البلد في أتون الصراع الإقليمي الذي نريد له التراجع والانحسار». ولفت الى «استشراء الإرهاب في المنطقة والعالم، وقد شهدنا كيف اتخذ أشكالاً واعتمد أساليب لا حدود لوحشيتها كدهس مجموعة من الأبرياء أو إغراق شخص في الماء أو حتى حرق جسده، وكل ذلك باستخدام اسم الدين الإسلامي الحنيف الذي حث البشر على التعارف والتراحم». وأشار شكري الى «الجهد الذي بذلته مصر خلال رئاستها القمة العربية لاعتماد سياسات ومواقف حازمة ومؤثرة تحول دون تفاقم هذه الظاهرة بتدخل ودعم قوى وأطراف إقليمية تصورت أن التطرف ورقة يمكن توظيفها لتحقيق مكاسب سياسية والهيمنة على المنطقة، فارتدت عليهم حتى أصبحت تلك القوى في عين عاصفة التطرف والإرهاب». وبعد تسلم بلاده رئاسة القمة قال وزير الخارجية الموريتاني اسيلكو ولد ازيديه إن «القمة تعقد في ظل ظروف خاصة تمر بها المنطقة العربية تتطلب منا التحاور من أجل الوصول إلى حلول لمشكلات المنطق»، وأضاف ازيديه خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري بنواكشوط «إننا على يقين أن هذه القمة ستؤدي لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك، وأن انعقاد هذه القمة عميق الدلالة على حرص الدولة الموريتانية على تدعيم أواصر وروابط عمقها العربي وكذلك انطلاقة للعمل العربي المشترك لمواجهة الظروف الصعبة التي نمر بها وفي مقدمها انتشار العنف والعمل الطائفي وانتشار السلاح وكثير من القيم السلبية هو ما يتطلب منا النظر بمزيد من التعقل والتشبث بالبيت العربي وتحقيق المصالحات العربية - العربية». ولفت ازيديه الى أن «القضية الفلسطينية ما زالت قضية العرب الأولى، ونحن نؤكد أهمية وجود سلام عادل وشامل لها وتحرير جميع الأراضي العربية المحتلة وانسحاب إسرائيل منها وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وفقاً للقرارات الدولية». وأضاف: «أن إرساء أسس لعالم عربي يتطلع الى مستقل أفضل وتعزيز التجمعات الإقليمية والدولية والاهتمام بمنطقة الجوار العربي بخاصة الأفريقي التي تجمعنا بها معها آمال مشتركة». وكان أعضاء اللجنة الوزارية العربية المعنية بمتابعة تنفيذ قرارات قمة شرم الشيخ عقدوا اجتماعاً وقرروا استمرار اللجنة في عملها ومباشرة متابعة قرارات قمة نواكشوط في محاولة لضبط مسألة تنفيذ القرارات المتخذة. وأقر وزراء الخارجية مشاريع القرارات المرفوعة من اجتماع المندوبين الدائمين، واجتماع كبار المسؤولين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وصرح الناطق باسم الأمين العام للجامعة محمود عفيفي بأن «هناك تفاؤلاً كبيراً بنجاح قمة الأمل في موريتانيا» مشيراً الى ان «منطقة التجارة العربية الكبرى تشكل أحد بنود القرارات الاقتصادية المطروحة على القمة بعد الاتفاق على جوانب كبيرة في شأن إطلاقها، ولكن هناك العديد من الجوانب لم يتم الاتفاق عليها، خصوصاً في ما يتعلق بقواعد المنشأ»، لافتاً إلى أن هناك 43 سلعة لم تحسمها المفاوضات الجارية بين الدول العربية حول هذه القواعد إلى جانب كيفية إدارة تجارة الخدمات في إطار منطقة التجارة الحرة الكبرى. وأوضح عفيفي أن القادة العرب سيؤكدون توافر الإرادة السياسية كي تمضي عملية التفاوض في هذا الشأن في طريقها الصحيح والتوجيه بإنهاء القانون الجمركي الموحد والنماذج الجمركية لأن ذلك من شأنه أن يلعب دوراً رئيسياً في تسهيل عملية عبور السلع بين الدول العربية. ونوّه عفيفي باجتماعات اليومين الماضيين، لافتاً إلى أن أكثر من 95 في المئة من القضايا والملفات والبنود التي تم إقرارها في الاجتماع التحضيري للقمة الذي عقده المندوبون الدائمون وكبار المسؤولين بالجامعة العربية قد شهدت توافقاً كاملاً، وأن النسبة المتبقية ستخضع للمزيد من المشاورات بين وزراء الخارجية قبيل اجتماعهم التحضيري.