واصلت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة تيريزا ماي ابتكار مفاجآت في تعييناتها أعضاء حكومتها والتي اتسمت بميزتين، عدد قياسي من «الانفصاليين» الذين ساهموا بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن النساء. وبعد تعيين بوريس جونسون وزيراً للخارجية، اختارت ماي سياسياً آخر مؤيداً للانسحاب من الاتحاد الأوروبي هو ديفيد دافيس، وزير دولة لشؤون «بريكسيت»، كما عينت ليام فوكس وزير دولة لشؤون التجارة الخارجية، ما يعني أن الوزراء الثلاثة المكلفين التواصل مع الخارج، هم من مؤيدي الانسحاب، الأمر الذي دفع بعض المعلقين إلى اعتبار ان ماي أرادت أن تتجاوب مع إرادة البريطانيين في اختيارهم الانسحاب. كما كافأت رئيسة الوزراء منافستها السابقة على زعامة المحافظين أندريا ليدسوم، بتعيينها وزيرة لشؤون البيئة والغذاء والأرياف، وذلك بعد انسحاب الأخيرة من السباق على زعامة الحزب، ما مكن ماي من الفوز بالتزكية. كما أسندت حقيبة الداخلية إلى أمبر رود وزيرة شؤون الطاقة سابقاً، وعينت حليفة ماي جوستين غرينينغ وزيرة للتربية، وليز تراس وزيرة للعدل، وبريتي باتيل وزيرة للتنمية الدولية. وبذلك احتوت الحكومة على عدد قياسي من النساء إلى جانب رئيستها. لكن تعيين جونسون ظل الأمر الذي أثار المقدار الأكبر من الجدل لليوم الثاني على التوالي، لكن التعليق الأكثر حدة أتى من جانب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت، الذي اتهم نظيره البريطاني الجديد بالكذب، مشدداً على الحاجة إلى شريك بريطاني «يتمتع بمصداقية ويمكن الوثوق به». وفي مؤشر إلى أن تأزماً غير مسبوق ربما ينتظر العلاقات الفرنسية– البريطانية، قال إرولت لإذاعة «أوروبا1»: «ليست لدي أي مخاوف حول بوريس جونسون، لكنكم تعلمون أسلوبه وطريقته»، مضيفاً أنه «كذب كثيراً على البريطانيين» خلال قيادته الحملة التي سبقت الاستفتاء في بريطانيا وأدت إلى قرار خروجها من الاتحاد. واعتبر إرولت أن جونسون «بات يواجه معضلة للدفاع عن بلاده ولتوضيح العلاقة مع أوروبا». ورأى أن اختيار رئيسة الوزراء الجديدة لجونسون من أجل تولي حقيبة الخارجية «دليل على الأزمة السياسية التي تمر بها بريطانيا بعد التصويت» لمصلحة الانفصال. لكن إرولت استدرك قائلاً: «علينا ألا نتوقف عند هذه النقطة» بل «العمل ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ظروف جيدة ولكن ليس على حساب المشروع الأوروبي». وفي تركيا، قال مسؤول بارز أمس، إن بلاده لن تتخذ إجراء في ما يتصل بتصريحات مسيئة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولأنقرة أدلى بها وزير الخارجية البريطاني الجديد. وكان جونسون فاز في مسابقة شعرية نظمتها مجلة «سبكتيتور» البريطانية في وقت سابق من العام الجاري، بقصيدة هجا فيها أردوغان. وقال المسؤول التركي إن «تصريحاته السلبية عن أردوغان وتركيا غير مقبولة، لكننا متأكدون من أمر واحد هو أن العلاقات البريطانية التركية أكثر أهمية من ذلك ولا يمكن أن تكون أسيرة مثل هذه التصريحات». وأضاف المسؤول: «مع مسؤولياته الجديدة، نتوقع من السيد جونسون موقفاً أكثر إيجابية». وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن موسكو تتوقع خطاباً أكثر ديبلوماسية من جونسون، فيما أشار وزير المال الألماني وولفغانغ شويبله إلى ان بلاده اختبرت وضع التعليقات التي يتم الإدلاء بها خلال الحملات جانباً، في تلميح إلى تغيير مرتقب في خطاب الوزير البريطاني. وفي ما يبدو تحقيقاً لتلك التوقعات، أعرب جونسون عن اعتقاده بان علاقة بلاده بأوروبا ستكون أوثق بعد قرار الخروج من الاتحاد، مشيراً إلى توافقه ووزير الخارجية الأميركي جون كيري على هذا الأمر خلال اتصال الأخير بنظيره البريطاني للتهنئة. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية جون كيربي إن الوزيرين شددا على أهمية توثيق التعاون بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، مشيراً إلى أن كيري أبدى دعمه انتهاج أسلوب عقلاني ومدروس في مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. من جهة أخرى، أكد وزير الخزانة الجديد فيليب هاموند أنه لن تكون هناك ميزانية طارئة، وبالتالي لن تكون هناك خطة تقشف جديدة بعد تداعيات الخروج. ورداً على سؤال لهيئة «بي بي سي» بشأن موقفه من بروكسيل في المفاوضات الشائكة للانفصال، شدد هاموند على ضرورة «الحفاظ على القدرة على وصول المؤسسات المالية البريطانية إلى السوق الأوروبية المشتركة». وقال إنه سيجتمع مع حاكم المصرف المركزي البريطاني «لتقييم الوضع» الاقتصادي.