عقدت الحكومة البريطانية أمس، آخر اجتماع لها برئاسة ديفيد كامرون، قبل أن تحل محله اليوم وزيرة الداخلية تيريزا ماي، لتقود بريطانيا في مرحلة تنفيذ قرار خروجها من الاتحاد الأوروبي. ويقدم كامرون استقالته اليوم الى الملكة اليزابيث الثانية بعد آخر لقاء أسبوعي يجيب خلاله على أسئلة نواب مجلس العموم. وبذلك فإن رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة ستتولى مهماتها بعد أقل من ثلاثة أسابيع من تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي ما دفع كامرون المناصر للبقاء في الاتحاد الى الاستقالة. وستكون ماي ثاني امرأة تتولى هذا المنصب بعد مارغريت ثاتشر التي حكمت المملكة المتحدة بين عامي 1979 و1990. وقال وزير الصحة جيريمي هانت إثر اجتماع مجلس الوزراء: «أشاد كل من تيريزا ماي و(وزير المال) جورج اوزبورن بحرارة برئيس الوزراء» كامرون. وقال كامرون انه «مسرور» لكون ماي (59 سنة) ستخلفه في المنصب، واصفاً إياها بأنها شخصية «قوية وكفوءة». وتسارعت الأحداث بعد الإعلان المفاجئ الاثنين لوزيرة الدولة اندريا ليدسوم المؤيدة لخروج بلادها من الاتحاد الاوروبي، بالانسحاب من السباق بعد اربعة ايام على اختيارها بين المرشحين لخلافة كامرون. وفي أول تصريحات لها بعد الاعلان انها ستعين اليوم رئيسة للوزراء، أكدت ماي التي كانت من مؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، ان بلادها «ستتفاوض للتوصل الى أفضل اتفاق» وستستحدث لنفسها «دوراً جديداً في العالم». وشددت ماي على أن «قرار الخروج نهائي، وسنجعله نجاحاً». وكانت ماي قالت قبلها إنها لا تنوي تفعيل الفصل 50 من معاهدة لشبونة لبدء إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي، قبل نهاية 2016. وطلبت المستشارة الألمانية انغيلا مركل الاثنين من بريطانيا أن توضح «سريعاً» نواياها. ودعا مفوض الشؤون الأوروبية بيير موسكوفيتسي تيريزا ماي الى تسريع المباحثات بين الاتحاد الاوروبي وبريطانيا في شأن اجراءات الخروج. ودعت صحيفة «دايلي ميرور» اليسارية الى انتخابات اشتراعية جديدة على غرار حزب العمال وحزب الخضر والحزب الليبرالي الديموقراطي. وأضافت الصحيفة «من غير المقبول ان تصبح تيريزا ماي رئيسة للوزراء بعد ان اختارتها مجموعة صغيرة من 199 نائباً محافظاً. لكن ماي استبعدت الأسبوع الماضي تنظيم انتخابات مبكرة قبل الاستحقاق المقبل في العام 2020. اما صحيفة «تايمز» فذكرت أن أمام ماي «أقل من يومين لتشكيل اول حكومة لها». ووفق وسائل إعلام قد يتولى وزير الخارجية الحالي فيليب هاموند منصب وزير المال خلفاً لجورج اوزبورن الذي سيحل مكانه في وزارة الخارجية. كما ستتضمن حكومتها شخصيات عديدة مؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في محاولة لتخفيف انقسامات الحزب المحافظ بهذا الشأن ولتظهر للبريطانيين أنها تنوي تطبيق ما صوتوا له. ويبقى مصير الزعماء الرئيسيين الثلاثة لحملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بوريس جونسون ومايكل غوف واندريا ليدسوم غير محسوم. وفي صفوف حزب العمال تستمر حرب الزعماء بعدما أعلنت النائبة انجيلا ايغل انها ستترشح في مواجهة جيريمي كوربن لخلافته على رأس الحزب المعارض الرئيسي. ولم ينجح كوربن الذي انتخب في ايلول (سبتمبر) الماضي زعيماً للحزب، في ان يفرض نفسه لدى غالبية من كوادره الذين يعتبرون انه عاجز عن قيادة الحزب للفوز في انتخابات اشتراعية واأن اتجاهاته يسارية أكثر من اللازم. وازدادت الانتقادات منذ التصويت لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع مذكرة لحجب الثقة قدمها 170 نائباً عمالياً واستقالة ثلثي اعضاء حكومة الظل. ودعا كوربن الى الهدوء بعد إلقاء حجر على نافذة منزل انجيلا ايغل. وقال في بيان: «من المقلق للغاية ان تتعرض انجيلا ايغل لمثل هذا التهديد وان يتسلم نواب آخرون رسائل شتائم وترهيب». وأضاف: «تلقيت شخصياً تهديدات بالقتل. أدعو جميع اعضاء حزب العمال والمناصرين الى التحرك بهدوء والى التحلي بالاحترام والكرامة، حتى في حالات الاختلاف». على صعيد آخر، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية السفير البريطاني في مدريد، وأعربت له عن احتجاجها على اقتراب سفينة دورية تابعة لشرطة جبل طارق في شكل متعمد من سفينة للحرس المدني الإسباني. وأعلنت الخارجية الإسبانية أن سفينة الدورية لشرطة جبل طارق «اتجهت بسرعة كبيرة نحو سفينة إسبانية، ولم تتفاداها إلا قبل أمتار من الوصول اليها، ما سبّب موجة عالية أثرت في توازن سفينة الدورية» الإسبانية. وأضافت أن «هذه المناورة غير المسؤولة والمتهورة التي تمّت مرتين، عرّضت كثيراً لخطر السفينتين الرسميتين وطاقميهما». وطلب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإسباني ايانسو يبانيز من السفير «اتخاذ إجراءات ضرورية» لعدم تكرار هذا الأمر، علماً أن الحادث جرى الجمعة الماضي قبالة شواطئ لينيا، وهي مدينة إسبانية حدودية مع الجيب البريطاني. لكن شرطة جبل طارق نفت هذه الرواية للأحداث، مشيرة الى أن سفينتها «تركت مسافة أمان حين كانت تحاول التواصل مع الطاقم (الإسباني) لمعرفة نياته». وندّد ناطق باسم الخارجية البريطانية بتوغلات سفن إسبانية في المياه الإقليمية لجبل طارق، معتبراً أنها تشكّل «انتهاكاً غير مقبول للسيادة البريطانية».