قد يجدها بعضهم خطوة ناقصة، وقد يثني آخرون على الموقف، فيما يراها آخرون حفاظاً على ماء الوجه... وفي الأحوال كافة، لا شك في ان في الأمر شجاعة... فأن تختار الفضائية اللبنانية «ال بي سي» في دورة برامج رمضان المقبل مسلسلاً لبنانياً («سارة») ناسفة كل حججها الماضية وحجج القنوات الأخرى حول عدم قدرة المسلسل اللبناني على جذب الجمهور العربي العريض وسط منافسة سورية ومصرية وخليجية محتدمة، شجاعة تستحق الثناء... وان يكون هذا المسلسل من إنتاج قناة منافسة («ام تي في» اللبنانية)، سبق وعرضته مرتين على شاشتها، إضافة الى عرضه على فضائية مصرية («ميلودي دراما»)، شجاعة... وإن غُلّفت بمعنى سلبي. ولكن، لماذا «تغامر» قناة مثل «ال بي سي» بالعرض الاول لمسلسلات مصرية وسورية على شاشتها، ولا تُعامل بالمثل دراما البلد الذي تنتمي إليه، فتلجأ الى مسلسل سبق نجاحه وصوله الى شاشتها؟ ولماذا تكتفي بعرض الدراما المحلية الجديدة على قناتها الأرضية دون القناة الفضائية؟ الجواب بديهي، ولا ينتظر التفكير. ذلك ان الدراما المصرية حجزت جمهور الشاشة العربية منذ وقت طويل. أما الدراما السورية فاستطاعت في السنوات الأخيرة ان تسرق بمضامينها المستقاة من الواقع حيناً والعائدة الى الزمن الغابر بأمجاده وفتواته أحياناً الكثير من هذا الجمهور... لا بل تفوقت في محطات كثيرة على الدراما المصرية التي ظلت الى وقت طويل متربعة وحدها على عرش الدراما العربية... كل هذا، من دون إغفال الدراما الخليجية، التي وإن لم تستطع ان تخترق ما هو أبعد من حدود الخليج، الا انها صارت محطّ أنظار الشاشات، بما ان السوق الخليجية، هي السوق الأولى للشاشات العربية، بالتالي أكبر مستهلك للتلفزيون في العالم العربي. امام هذا الواقع، لا يعود غريباً ان تشمل خريطة برامج اي محطة تبغي الربح الإعلاني في رمضان - الموسم التلفزيوني الأول - مسلسلات من هذه البلدان، تحمل اسرار النجاح في ثناياها حتى قبل ان يبدأ عرضها. ولا عجب ان ينطبق هذا الأمر على القنوات اللبنانية مثلها مثل اي قنوات عربية، بما انها قنوات تجارية لا مؤسسات خيرية... وإذا كانت الشاشات اللبنانية ساهمت الى حدّ كبير في أزمة الدراما اللبنانية، فإن حملة راية الدفاع عن هذه الدراما سينتظرون طويلاً قبل ان تعود الى الحياة هذه الريادة لدراما عربية... ولدت في لبنان ودُفنت فيه... حتى إشعار آخر.