واصلت أسواق المال العربية أداءها المتفاوت خلال الربع الثاني 2016، وإن كان الأداء مال إلى التحسن، إذ سجّلت مؤشرات الأسعار المحلية لثماني أسواق مالية عربية انخفاضاً لها خلال الفترة، قابله ارتفاع في مؤشرات أسعار ست أسواق. وقال صندوق النقد العربي في تقرير له في هذا الشأن إن القيمة السوقية الإجمالية لمجموع الأسواق العربية ارتفعت بقيمة 13 بليون دولار، لتصل في نهاية حزيران (يونيو) 2016 إلى 997.9 بليون دولار، في مقابل 984.9 بليون دولار بنهاية آذار (مارس) 2016، يمثل ذلك تحسناً بنسبة 1.3 في المئة، في مقابل نسبة تراجع خلال الربع الأول بلغت 7.1 في المئة. ويعكس الأداء المتفاوت التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية، فمن جانب لا يزال عدد من الأسواق العربية متأثرة بتداعيات المستويات المنخفضة نسبياً لأسعار النفط على رغم التحسن النسبي في هذه الأسعار خلال الربع الثاني، إلى جانب استمرار تباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي وتداعيات تطورات أسعار الفائدة العالمية. وفي المقابل تأثرت بعض الأسواق العربية إيجابياً بالإصلاحات التي أقدم عليها عدد من السلطات في الدول العربية، والتوجه بالمزيد من الانفتاح على المستثمر الأجنبي، كما هي الحال في السوق السعودية، التي سجلت أعلى معدل ارتفاع خلال الربع بين الأسواق العربية. وأوضح تقرير الصندوق العربي، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية، أن المستويات السعرية المنخفضة، التي وصلت إليها بعض الأسواق أسهمت في جذب مستثمرين للاستفادة من الفرص المتاحة، في ظل تحسن آفاق الأداء الاقتصادي واستقرار الأوضاع الداخلية لدى هذه الأسواق. وعن أداء الأسواق العربية سجلت الأسواق المالية وبورصات كل من السعودية ومسقط ودمشق، أكبر نسبة للارتفاع خلال الربع الثاني، حيث ارتفعت مؤشراتها بنسبة 5.2 و4.3 و4.2 في المئة على التوالي، تلاها مؤشرات كل من البورصة الكويتية والبورصة المغربية وسوق دبي المالي بنسب ارتفاع بلغت 2.1 و0.7 و0.3 في المئة على التوالي. وفي المقابل تراجع مؤشر السوق المصرية بنسبة 8.3 في المئة، في ظل التطورات الاقتصادية، كما سجلت مؤشرات الأسعار في كل من بورصة قطر والبحرين والأردن وأبوظبي وتونس وفلسطين ولبنان انخفاضات بنسب 4.3 و4.1 و3.6 و3.5 و2.7 و1.9 و1.4 في المئة على التوالي. ومن جانب آخر، شهدت الأسواق العربية خلال الربع الثاني 2016، تواصل التراجع في السيولة المتاحة، كما تعبر عنه مؤشرات التداول، إذ بلغت قيمة الأسهم المتداولة خلال الربع الثاني حوالى 111.7 بليون دولار، في مقابل 125.7 بليون دولار خلال الربع الأول 2016. وأشار تقرير صندوق النقد العربي إلى أنه بناء على ذلك بلغ معدل الدوران للأسهم العربية عن الربع الثاني 2016 نحو 11.3 في المئة، مقارنة بمعدل 12.3 في المئة عن الربع السابق، كما بلغت قيمة الأسهم المتداولة خلال النصف الأول من عام 2016 نحو 237.4 بليون دولار، في مقابل 355 بليون دولار عن النصف الأول من العام السابق 2015. وفي هذا الإطار أكد التقرير أن السوق السعودية واصلت محافظتها على المرتبة الأولى بين الأسواق المالية العربية في ما يتعلق بمعدل الدوران خلال الربع الثاني 2016، إذ وصل المعدل إلى 22.2 في المئة، في مقابل 24.3 في المئة عن الربع السابق، و21.8 في المئة معدلاً ربعياً عن عام 2015، فيما جاءت البورصة المصرية وسوق دبي المالية ثانياً بمعدل دوران 9.6 في المئة، في حين كان المعدل أقل من 4.0 في المئة لدى بقية الأسواق المالية العربية عن الربع الثاني 2016، عاكساً بذلك استمرار انخفاض السيولة المتاحة. وفي ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي في أسواق المال العربية تظهر البيانات الأولية المتاحة تسجيل صافي تعاملات الأجانب لتدفق موجب خلال الربع الثاني، يتجاوز التدفق الموجب المسجل خلال الأشهر الثلاث الأولى من العام. وسجلت صافي تعاملات المستثمرين الأجانب في السوق المالية السعودية وسوق أبوظبي المالية والبورصة المصرية خلال الربع الثاني تدفقات موجبة، فيما سجلت تعاملات الأجانب في بورصتي مسقط وتونس صافي تدفقات سالبة على التوالي. ومن جانب آخر، واصلت أسواق الإصدارات الأولية من الأسهم (IPOs)، هدوءها النسبي، مع بعض التحسن خلال الربع الثاني 2016 بالمقارنة مع الربع الأول، ولا تزال دون المستويات المرتفعة المسجلة في الأعوام الماضية، إذ شهد الربع الثاني إصدارين أوليين اثنين في السوق السعودية بقيمة إجمالية 273.7 مليون دولار، فيما كان هناك إصدار واحد فقط خلال الربع الأول 2016 بقيمة بلغت 14.4 مليون دولار، مقارنة بمعدل ربعي ثلاثة إصدارات في المتوسط عن عام 2015 وستة إصدارات عن عام 2014 (بمتوسط 502 مليون دولار و2.6 مليار دولار على التوالي). بدورها شهدت الإصدارات في أسواق السندات للشركات العربية تحسناً خلال الربع الثاني من 2016، نتيجة استمرار توجه عدد من المصارف العربية لهذه الأسواق لتدعيم رؤوس أموالها، استيفاء لمتطلبات بازل. إذ بلغ عدد الإصدارات من سندات الشركات خلال الربع الثاني تسعة إصدارات (جميعها لمصارف ومؤسسات مالية)، بقيمة إجمالية 3.22 بليون دولار، مقارنة مع ستة إصدارات بقيمة 2.1 بليون دولار عن الربع الأول 2016. إلا أنه ومع هذا التحسن، فإن الإصدارات المسجلة عن النصف الأول من عام 2016، تقل عن الإصدارات المماثلة المسجلة عن الفترة المماثلة من العام الماضي، إذ بلغت إصدارات الشركات من السندات خلال النصف الأول من عام 2016 نحو 5.4 بليون دولار من خلال 15 إصداراً (14 منها لمؤسسات مالية ومصرفية)، في مقابل 53 إصداراً بقيمة 10.8 بليون دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي 2015. في السياق ذاته، شهدت الإصدارات في أسواق الصكوك للشركات العربية، باعتبارها مصدراً لتمويل الشركات العربية، تحسناً أيضاً خلال الربع الثاني 2016، إذ بلغ عدد إصدارات صكوك الشركات العربية خلال الربع الثاني، ثمانية إصدارات بقيمة 4.3 بليون دولار، في مقابل إصدارين اثنين، بقيمة بلغت نحو 767 مليون دولار عن الربع الأول 2016. 9.3 بليون دولار حجم تمويل أسواق الأسهم للشركات العربية قدر تقرير صندوق النقد العربي حجم التمويل الإجمالي، الذي وفرته أسواق المال خلال الربع الثاني من عام 2016 للشركات العربية (الإصدارات من الأسهم والسندات والصكوك)، بنحو 9.3 بليون دولار، في مقابل 2.94 بليون دولار عن الربع السابق، بينما المعدل الربعي عن عام 2015 كان نحو 7.67 بليون دولار. وعلى صعيد آخر شهد الربع الثاني 2016 تواصل إصدارات السندات الحكومية بما يعكس التوجه إلى أسواق المال لتمويل عجز الموازنات العامة. ووصل عدد الإصدارات من السندات الحكومية للدول العربية 35 إصداراً بقيمة إجمالية 37.5 بليون دولار، وهو ما يعد رقماً قياسياً على المستوى الربعي، وذلك في مقابل 25 إصداراً بقيمة إجمالية 18.5 بليون دولار خلال الربع الأول 2016. وارتفعت قيمة إصدارات السندات الحكومية عن النصف الأول 2016 لتبلغ نحو 46.0 بليون دولار قابلها إصدارات بقيمة 27.7 بليون دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي، وفي مقابل التحسن في إصدارات السندات الحكومية، كان هناك تراجعاً نسبياً على صعيد الإصدارات من الصكوك الحكومية العربية، إذ وصل عدد هذه الإصدارات خلال الربع الثاني إلى ستة إصدارات بقيمة إجمالية بلغت 548.8 مليون دولار، في مقابل ثمانية إصدارات بقيمة أجمالية بلغت 1235.1 مليون دولار عن الربع الأول. وفي هذا السياق، شهد أداء السندات الدولية للدول العربية تحسناً نسبياً خلال الربع الثاني، إذ ارتفعت أسعار السندات لأغلب الدول العربية خلال الربع، وتزامن ذلك مع تحسن نسبي في هوامش مبادلات مخاطر الائتمان للدول العربية (CDS) خلال الربع الثاني، إذ شهدت معظم هذه الهوامش انخفاضات خلال الربع، في مقابل زيادة ملحوظة في الربع الماضي من عام 2016 وعلى مستوى العام الماضي 2015.