عادت حملة «مانيش مسامح» التي ينظمها شباب وناشطون حقوقيون في تونس منذ سنة تقريباً للتحرك بكثافة. وتهدف الحملة إلى التذكير بضرورة محاسبة كل المتورطين في التعامل ودعم الأنظمة السابقة للثورة، مركزة نشاطها على نشر صور وزراء ومسؤولين وإعلاميين سابقين تحمل كلمة «وانتد» (مطلوب) للتأكيد على رفض شريحة واسعة من التونسيين قانون المصالحة الذي يقضي بتسوية ملفات المتورطين دون عقوبات تذكر مقابل تنازلات مادية أو معنوية. وتنشر صفحة «مانيش مسامح» على فايسبوك تفاعل الشبان التونسيين مع الحملة في أنحاء العالم كافة بنشر صور «المطلوبين» والدعوة إلى التسريع بمحاكمتهم ومعاقبتهم بناء على ما اقترفوه في حق الشعب التونسي أثناء تحملهم مسؤوليات حزبية وحكومية ساندوا خلالها الفساد والدكتاتورية. وعلى صفحة الحملة أكد أحد المنظمين، وهو الناشط وسام الصغير، أن «هذه الحملة ارتبطت بمشروع قانون المصالحة الذي يطلق عليه قانون تبييض الفساد. والهدف هو تكثيف التحركات والحملات على شبكات التواصل الاجتماعي للتشهير بهذا القانون الذي يعتبر ضرباً لمسار العدالة الانتقالية». كما أكد الصغير أن قانون المصالحة لن يحل مشاكل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس، مشدداً على أنه سيساهم في تكريس الأزمة وسيضرب حقبة مهمة من تاريخ تونس. وتأتي هذه الحملة التي هاجمت منذ عودتها للنشاط ثلاثة من أهم رموز النظام السابق، وهم سليم شيبوب صهر الرئيس السابق بن علي، وعبد الوهاب عبد الله المكلف في عهد بن علي بتوظيف الإعلام لخدمة الحزب الحاكم، ومحمد الغرياني الأمين العام السابق لحزب التجمع الدستوري الديموقراطي. وكان نشاط هيئة الحقيقة والكرامة التي تعمل على تفعيل منظومة المصالحة الوطنية وقيامها بتنفيذ المصالحة مع سليم شيبوب الذي كان في فترة سابقة من أهم المطلوبين للعدالة بعد الثورة الحدث المستفز وراء تكثيف نشاط التشهير برموز النظام السابق. وجاء في رسالة وجهتها حملة «مانيش مسامح» إلى هيئة الحقيقة والكرامة في 19 أيار (مايو) الماضي، أن «الحملة تنبه الهيئة إلى الخلط الذي تسببت فيه عند الرأي العام بين مسار العدالة الانتقالية بما يعنيه من محاسبة للفاسدين وإنصاف للضحايا وبين مسار قانون المصالحة المزورة الذي يدافع عنه الائتلاف الحاكم وأبواقه الدعائية». وتتابع الرسالة: «كما تدعو الهيئة إلى الكف عن توفير أي مساحة إعلامية للفاسدين قد تستغل لمغالطة الشعب أو لتلميع صورة بعض الأطراف وأن لا تصبح الهيئة المطية التي يتم عبرها تمرير قانون يقضي بتبييض الفساد بعد أن تصدت قوى الشارع والمعارضة لذلك». وفي تصد لهذه الحملة التي عرفت نجاحاً على مواقع التواصل الاجتماعي، قامت القوى الأمنية بجملة من الاعتقالات ضد سبعة من النشطاء أثناء قيامهم بتعليق منشورات تدعو إلى محاسبة مستشار الرئيس السابق عبد الوهاب عبد الله ليتم إطلاق سراحهم إثر ذلك. وتدعو الحملة مسانديها على المواقع الاجتماعية إلى المشاركة بكثافة عبر نسخ صور المسؤولين المطلوبين وتعليقها في مناطق سكنهم وإرسال الصور إلى صفحات الحملة مع ذكر المكان من أجل نشرها، وقد تجاوب مع هذه الدعوة شبان تونسيون من فرنسا وأميركا وبلجيكيا والصين وألمانيا إضافة إلى المشاركين من داخل البلاد. وفي تعليق على نجاح هذه الحملة، أكدت الناشطة مريم بريبري ل «الحياة»، أن «الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي تمر بها البلاد إضافة إلى ارتفاع نسب البطالة وارتفاع الأسعار هي أسباب قديمة متجددة للتذكير بشعارات الثورة والعمل على تطبيقها على رغم تآمر الجهات المسؤولة ضد كل نفس ثوري ومحاولاتها خنق صوت الشباب والعودة بالبلاد إلى المربع القديم. كما أن عودة رموز النظام السابق إلى الظهور في المنابر الإعلامية وقيام هيئة الحقيقة والكرامة بالتفاخر بتنفيذ المصالحة مع الفاسدين منهم أصبح مثيراً للاستفزاز وقد آن الأوان للتحرك والتعبير عن الرفض والتأكيد على أن شباب الثورة لا زالوا قادرين على تحريك الشارع من أجل التغيير الإيجابي وأنهم لن يسامحوا الفاسدين مهما كان ثمن المصالحة».