أحيا خطاب الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله اول من امس، الجدل بين قوى 14 و8 آذار حول دور المحكمة الخاصة بلبنان، المكلفة النظر في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم المرتبطة به. ورأى نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري في تصريح أمس، أن «القرار الظني أياً كانت طبيعته ومحتواه، قد لا يسبب فتنة اذا أحسن اللبنانيون التعامل معه بعقلانية، ولكن ما قد يمهد الطريق للفتنة الحقيقية الكلام التخويني الذي سمعناه السيد نصرالله». وقال: «التسريبات الأمنية والاستثمار السياسي الذي رافق توقيف العملاء الاسرائيليين في شركة ألفا، تهدف الى ضرب المحكمة الدولية»، مضيفاً: «يا للأسف، السيد نصرالله أصدر حكماً تخوينياً مبرماً من الواضح أنه يستهدف أطرافاً سياسيين لبنانيين، ولو أنه قال انه لا يتهمهم بل يدعوهم الى البحث عن رأس الخيط الاسرائيلي الذي ورّطهم». وأضاف: «الكلام من هذا النوع عن أن جواسيس كباراً للعدو الاسرائيلي ورطوا معهم زعماء أو حكومة أو وزراء، والربط بين اكتشاف عملاء في شركات الاتصالات، وبين قرار الخامس من أيار (مايو) 2008، هو كلام للاستثمار السياسي الداخلي، واستكمال للهجوم على الحكومة السابقة، بهدف التضييق على الحكومة الحالية». ورأى أن «ما يثير الريبة تقاطع كلام السيد نصرالله عن بيئة حاضنة للعملاء، مع ما نسب الى حليفه رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون من دعوة لحزب الله الى تغيير قواعد اللعبة، لأن هناك فريقاً لبنانياً ما زال مراهناً على حرب اسرائيلية جديدة». وقال: «نخشى أن يكون هذا الجو الذي يجرى تكوينه في البلد ممهداً ل7 أيار جديد»، ناصحاً السيد نصرالله ب «التفكير مئة مرة قبل أن يبني مواقفه على سيناريوات المؤامرة التي يأتيه بها العماد عون». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابي أحمد فتفت في حديث إلى «المؤسسة اللبنانية للارسال»، انه «إذا كان السيد نصرالله يريد جواباً عن خلفيات قرار 5 أيار ففي استطاعته أن يسأل النائب وليد جنبلاط، خصوصاً أن الأخير كان رجل تلك المرحلة». وأكد ان «الحكومة اتخذت قراراتها آنذاك بكل قناعة وطنية، ربما تكون في حينها غير ملائمة سياسياً، والموضوع حينها لم يكن الاتصالات فقط، واتصالات المقاومة تحديداً، بل كان موضوع مطار رفيق الحريري الدولي، والسيادة الوطنية في خرق الاتصالات». وسأل: «إذا كان الخرق في الاتصالات إلى هذا الحد، فلماذا لم تقم إسرائيل بإزالة ال «داتا» التي تسمح بكشف عملائها داخل الاتصالات وخارجها؟ اذ بسبب هذه ال «داتا» تمكن فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي أولاً ثم مخابرات الجيش اللبناني من كشف هؤلاء العملاء». ورفض القول «إن المحكمة ذات الطابع الدولي قامت على اتصالات، علماً ان هناك دلائل علمية تبحث في هذا الموضوع وليس فقط دلائل وهمية وشعارات سياسية. وإذا كان هناك فعلاً عملاء داخل الاتصالات اللبنانية قاموا بتشويه المعلومات المعطاة للمحكمة فليتم إرسالهم إليها لتتم محاكمتهم، إلا في حال كان إطلاق الضباط الأربعة قراراً إسرائيلياً والسماح لجميل السيد بأن يرافع في المحكمة قراراً إسرائيلياً أيضاً». ونفى علمه بمحتوى القرار الظني، «ولا حتى السيد نصرالله يعرف شيئاً عنه، وإذا صدر القرار وفيه أمور غير علمية وغير دقيقة فلا احد في وارد قبوله إنما لو كان مبنياً على أمور علمية، فنحن مضطرون إلى قبوله». وذكر بأن «المحكمة الدولية لا تحاكم منظمات ولا دولاً، بل تحاكم أشخاصاً، وإن كان هناك أشخاص تجب ادانتهم ولو كانوا من «تيار المستقبل» فسأقوم بإدانتهم بنفسي». أضاف: «السيد نصرالله يعلم جيداً ان من غير المستحيل أن يكون مخروقاً، إنما هو يعلم انه كانت هناك سوابق للخروق وهو يعلم بها». ورفض «رفضاً باتاً توصيف المحكمة الدولية بالمشروع الإسرائيلي». ووصف عضو الكتلة نفسها هادي حبيش في حديث إلى قناة «أخبار المستقبل» خطاب نصرالله ب «المتوتر غير المبرر، لأنه كلام يصدر عن فريق يستبق أي قرار سيصدر عن المحكمة الدولية، واستباق الأمور واتهام المحكمة أو القرار الظني بأنه مشروع إسرائيلي أمر لا يخدم «حزب الله» ولا مسيرة العدالة». وسأل: «لماذا الربط بين موضوع العملاء وبين المحكمة والتحقيق الدولي؟ وهل السيد نصرالله مطلع على كل تفاصيل التحقيقات الجارية؟». وقال: «فريق 14 آذار يتمنى ترك المحكمة الدولية، ويرضخ لما يصدر عنها. نحن نريد معرفة من اغتال الرئيس الحريري وشهداء ثورة الأرز». ورأى ان «كلام نصرالله الأخطر هو الاشارة إلى فرع المعلومات وكأن هذا الفرع كان على علم بموضوع شربل قزي وغض النظر عنه». ونفى أن «يكون هناك من اعتراض على توقيف قزي من جانب مخابرات الجيش». وأشاد بالأجهزة الأمنية «التي تعمل معاً لحماية لبنان من أي عمالة إسرائيلية، ومن أي خرق أمني». واعتبر عضو الكتلة نفسها عمار حوري، أن السياق العام لخطاب السيد نصرالله، «لا يخدم المرحلة ولا الاستقرار الداخلي». وقال في مداخلة عبر محطة «اي ان بي» إن «هناك الكثير من التفاصيل التي نختلف معه فيها، بدءاً من توصيف المحكمة بأنها مشروع اسرائيلي، مروراً بالتفاصيل المتعلقة بالقرار الظني الذي لا نعلم عنه شيئاً، لكن الدخول إلى هذا الحد بتفاصيل القرار وفي هذا التوقيت يطرح تساؤلات حول المصدر الذي حصل منه «حزب الله» على معلوماته»، مضيفاً أن «الحديث عن جواسيس كبار بين السياسيين وعن بيئة حاضنة وإلغاء هذه البيئة يعيدنا إلى مرحلة اعتبرنا أننا طويناها، وأننا انطلقنا من خلال حكومة الوحدة الوطنية إلى جو أكثر ايجابية». وقال: «نحن كأطراف داخليين لسنا مسؤولين عن «دير شبيغل» ولا عن أي وسيلة إعلامية أخرى، نحن مسؤولون عن مواقفنا فقط»، موضحاً ان «بعض العملاء هربوا الى خارج لبنان نتيجة محاولة بعض وسائل الاعلام التشاطر». وعما إذا كانت العلاقة بين الرئيس الحريري والسيد نصرالله ستتأثر على خلفية الخطاب، قال حوري: «لن نتراجع عن سياسة اليد الممدودة والانفتاح على الجميع، ولكن ما سمعناه بالأمس لا يأتي في هذا السياق». وسأل: «من الذي قال ان المحكمة تستند إلى «داتا» الاتصالات في لبنان؟». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية انطوان زهرا ان «الإطار العام لما قاله السيد نصرالله مفهوم ومعروف، ومشروع دولة حزب الله لا يوافقه قيام دولة لبنانية ولا قيام عدالة ولا المحاسبة في موضوع الاغتيالات، بغض النظر عمن هو المتهم». واعتبر في مداخلة عبر «ال بي سي» ان «اللافت كان سؤال السيد عن شعبة المعلومات، وهو كلام يقصد به التفريق بين مؤسسات الدولة، وإظهارها وكأنها إما متنافسة او ان ولاء بعضها للدولة اللبنانية وبعضها الآخر لا، وهذا شيء برسم الحكومة كي تجيب عليه؟». ورأى عضو كتلة «الكتائب» النيابية سامي الجميل في حديث إذاعي، أن «حزب الله يضع نفسه في خانة الدفاع عن نفسه في حين لم يضعه أحد في هذا الوضع»، مؤكداً أن «لبنان أمام خيارين، إما أن يبقى المجرمون أحراراً أو يحاسبوا ليرتاح البلد، فالمحكمة الدولية أمر مصيري بالنسبة الى لبنان». وعمّا قاله النائب وليد جنبلاط من انه في حال اتى القرار الظني شبيهاً بموضوع «دير شبيغل»، فإن العقلاء سيكونون اكثر من الموتورين، رأى الجميل أن «جنبلاط فقد صدقيته كلها ولا أريد التعليق على كل ما يقوله»، وزاد: «أفضل أن أكون موتوراً من أن أكون مذلولاً». وأكد: «لا أخاف من 7 ايار جديد، ولكن إذا كان السؤال: هل سيحصل؟ أقول إنه يمكن أن يحصل طالما أن السيد نصرالله لديه خطاب كهذا». واعتبر عضو الكتلة نفسها إيلي ماروني أنّ «كلام السيد نصرالله يشكل رسالة ضغط تهدف الى ترهيب القضاة في المحكمة الدولية، وهو بهذا الكلام يضع نفسه مكان الأجهزة الأمنية تماماً كما حل «حزب الله» مكان شبكة الاتصالات وأنشأ شبكة اتصالات خاصة به»، وقال: «من يخاف المحكمة هو المرتكب والنائب عون يحرض على 7 أيار مسيحي». واعتبر عضو تكتل «لبنان أولاً» النيابي عقاب صقر أنّ «الأساس في ملف العملاء القبض عليهم». ورأى في مداخلة متلفزة أنّ «قضيتهم على مستوى كبير من الخطورة والتعاطي معهم يجب أن يكون على مستوى عال من المسؤولية، لا عبر تسريبات إعلامية وتصريحات تحمي العملاء»، لافتاً الى أنه «يتمّ انتقادي لأنني أنتقد مخابرات الجيش، ولكنني أسأل هل التسريبات تخدم الدولة». وسأل صقر السيّد نصرالله: «كيف عرفت ماذا يتضمن القرار الظني قبل صدوره؟»، مؤكداً أن «أحداً لا يعرف ماذا سيتضمنه هذا القرار». وأضاف: «إذا عدنا الى الأرشيف فسنجد أنّ 90 في المئة من الذي كتبته الصحف عن المحكمة لم يكن صحيحاً، وفي حال لم يشر القرار إلى «حزب الله»، ماذا نكون فعلنا غير افتعال حريق؟»، مؤكداً أنّ «لا مصلحة لأحد باتهام «حزب الله»، وبأن تكون هناك فبركة في حال حصلت». ورأى القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش «أن حزب الله يضع لبنان مرة جديدة على مسافة فقدان الاستقرار والانقسام الكامل وربما منطق الحرب الأهلية».