قال عاملون في المجال الإنساني إن نقل المساعدات إلى عشرات آلاف العراقيين الذين فروا من المعارك في الفلوجة لم يتم التخطيط لها جيداً وتم تنفيذها بشكل سيء. وأعلنت منظمات إغاثة أن بعض العائلات بقيت من دون مأوى وأخرى تكدست في المخيم ، من دون مراحيض، وكان الممكن تجنب الأمر، لكنه قد يكون ناجما عن فشل جماعي. ودفعت الانتصارات التي حققتها القوات العراقية ضد «داعش» في الفلوجة والمناطق المحيطة بها آلاف المدنيين الى النزوح، من دون أن يحملوا معهم شيئاً. وفي مخيم يؤوي أكثر من ألفي شخص في منطقة عامرية الفلوجة مرحاض واحد فقط، وهو عبارة عن حفرة بلا غطاء في الهواء الطلق. وأقرب خيمة تبعد نحو ثلاثة أمتار عن هذه الحفرة التي لا تخلو من مخاطر سقوط الأطفال في هذا الشق الذي تنبعث منه رائحة كريهة. وقال كارستين هانسن، المدير الإقليمي للمجلس النروجي للاجئين: «تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية». وأضاف «على المجتمع الدولي والمانحين والسلطات العراقية أن تتنبه إلى هذه القضية، فليس معقولاً أن يعيش الناس في هذه الظروف». وهناك عامل محدد واحد، والكل متفق عليه، هو نقص التمويل لتغطية مساعدة نحو تسعين ألف شخص فروا من منازلهم. ووصل أقل من ثلث الحاجات المتوقعة البالغة 584 مليون دولار لعام 2016 وما زال الحصول على تمويل إضافي طارئ أمراً في غاية الصعوبة. وقال برنو جيدو، ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: «هناك عامل واحد وقد أقول إن هناك معياراً في عالم المنظمات الإنسانية، وهو أنه من غير السهل جمع الأموال لخطة طارئة». لكن بعض العاملين في هذا المجال لا يوافقونه ذلك، قائلين إن المجتمع الدولي يمكن أن يفعل أكثر. وانتقدوا دور المنظمة الدولية وفشلها في التنسيق مع المنظمات. وقال جيريمي كورتني، رئيس تحالف «بريميتف لاف»، وهو منظمة إنسانية تعمل على تقديم المساعدات للمدنيين النازحين في المنطقة: «لقد تجاهل الكل القضية (..) كانوا غير مهيئين». وتابع متسائلاً: «لماذا كانت الخيم تنتظر في الصحراء ثلاثة أسابيع خلال المعارك قبل أن ينزح نحو 60 ألف شخص خلال أيام؟». بدوره، قال عامل إغاثة ذي خبرة في مجال العمل التطوعي، إن «المجتمع الإنساني فشل في هذه القضية بشكل كبير، بسبب قصر النظر». وتابع أن «الكثير من المنظمات الدولية التي تملك مهارات مطلوبة للتصدي لأزمات كبيرة كانت غائبة والكثير منها غادر العراق قبل سنوات قليلة». وأضاف رافضاً كشف اسمه أن «هذه المنظمات تحاول الحصول على منفذ للعودة، لكن هذا يستغرق بعض الوقت». واتهم عامل إغاثة آخر الأممالمتحدة قائلاً إنها «كانت تقف على الحدود غير المناسبة في بداية المعارك». لكن ممثل المفوضية السامية رفض ذلك، مؤكداً أن المنظمة فعلت ما في وسعها، مقراً بأنها لم تكن على اطلاع على معركة الفلوجة بشكل كاف وحددت وجود خلل كبير في إدارة المخيمات. وتابع: «يجب أن أقول إن المشاكل التي واجهناها تتعلق بمهارة إدارة المخيمات... أعتقد أننا في حاجة إلى بذل المزيد من الجهود». لكن الخبير الآخر أكد أنه «لم يشاهد سابقاً سوء إدارة وانعدام تنسيق، مثلما حدث في المخيم». وأضاف «حتى المعلومات الأساسية لعدد النازحين ومواقعهم وحاجاتهم كان صعباً التوصل إليها». ويثير التقصير في عملية إغاثة نازحي الفلوجة ومحيطها القلق إزاء حجم الأزمة التي قد يخلفها الهجوم على الموصل ثانية كبريات مدن العراق والمعقل الرئيسي ل «داعش»، حيث من المتوقع أن يكون عدد النازحين عشرة أضعاف الفلوجة. وقال جيدو إن «الموصل ستكون أم كل المعارك». وبدأت القوات العراقية عمليات تمهيدية لهجوم كاسح على المدينة، حيث يعيش آلاف السكان تحت حكم «داعش». وأضاف: «علينا أن نكون واقعيين، لقد بدا واضحاً عدم إمكان إسكان 600 ألف مدني داخل مخيم».