بشعار «واثق في إسلامه، ومرتاح في بريطانيته»، ومن دون حملة ترويجية كبيرة، انطلقت قناة «البريطاني المسلم» مع بداية شهر رمضان، لتصبح أول قناة تلفزيونية مُحترفة تبث على مدار الساعة برامج تتوجه إلى جمهور مسلم يعيش في دول غربية. وتتخذ القناة من الإنكليزية لغة تواصل وحيدة تربط بين الخليط المتنوع من المسلمين الذين يعيشون في بريطانيا، كما يُمكن أن تجذب مقاربة بعض برامجها المفتوحة والنقدية، جمهوراً مسلماً يعيش خارج بريطانيا، في الوقت الذي لا تغلق تلك المقاربات الأبواب أمام المشاهد غير المسلم الذي يريد الإطلاع على ما يجري داخل المجتمعات الإسلامية. ويسير اختيار أن يكون البث عبر «الكيبل» التلفزيوني البريطاني، ضد السائد في المشهد الإعلامي الغربي، فبينما تختار معظم المشاريع التلفزيونية الجديدة (وبخاصة التي تتوجه إلى الشباب وكما هي الحال مع قناة «البريطاني المسلم»)، أن تبث عبر الإنترنت حصرياً، فضلت القناة الجديدة الطريق التقليدي، مع حضور محدود في الوقت الحالي على شبكة الإنترنت، وتوقعات بأن يتوسع هذا الحضور في الفترة المقبلة، ما أن تبدأ برامجها بجذب اهتمام الجمهور. والحال أن مجموعة البرامج الجديدة للقناة تشير إلى جدية وتنوع كبيرين، فهناك إلى جانب البرامج التسجيلية المُحترفة، برامج طبخ وطعام حيوية، يتوقع أن تحظى بشعبية في بريطانيا ويمكن في خارجها أيضاً، إلى جانب برامج تغوص في إشكاليات الراهن في المجتمع الإسلامي، من التي تسأل أسئلة جدليّة. وتحظى برامج الثقافة والفن بحصة من برمجة القناة، إذ يعرض منها حالياً برنامج حواري يتناول الجديد في عالم الفن والثقافة في بريطانيا. وبينما لا يُمكن التفريق بين بعض البرامج التي تعرض على القناة الجديدة وتلك على قنوات غربية لجهة احترافيتها وتركيبتها، مثل البرنامج التسجيلي «حياة في العراق» والذي يقوم عبر حلقاته بجولة واسعة في العراق، تبقى برامج أخرى أمينة لهوية القناة. فبرامج الطبخ مثل «مطبخ حلال» و «فضولي الطعام»، يتوجهان إلى جمهور مسلم. الأول يقدم أكلات مستوحاة من تقاليد الطبخ في الدول الإسلامية، والآخر يعرف بالمطاعم التي تقدم الطعام المُعَّد على الطريقة الإسلامية في بريطانيا. كما بالغت برامج أخرى في إضفاء الهوية الدينية على طبيعتها، كبرامج الرياضة «دين ولياقة»، والذي هو في جوهره برنامج يقدم نصائح عامة حول كيفية الحفاظ على جسم صحي عبر التمرينات الرياضية. وفي مقابل البرامج التي يمكن اعتبارها عامة بتوجهاتها ومقارباتها، هناك أخرى تتوجه تحديداً إلى المسلمين الذين يعيشون في بريطانيا، منها برامج للنساء المسلمات من أعمار مختلفة كبرنامجي «وقت الشاي» و «ساعة الأخوات»، وبرنامج «مسلمو بريطانيا» الذي يقدم تجارب من حياة المسلمين الذين يعيشون في المملكة المتحدة، وبرنامج «أي جنريشين»، الذي يبحث في هواجس المسلمين الشباب. ويتوقع أن ينصب الاهتمام الجماهيري الواسع على البرامج التي تبحث في عقائد وأحكام الدين الإسلامي، مثل برنامج «أسأل عليم»، الذي يطرح أسئلة الساعة على ضيوفه من أئمة بريطانيين، وكذا الحال مع برنامجي: «أجوبة»، «حكمة وشاي»، إذ إن هذه البرامج تتحول عادة إلى مواضيع نقاش حامية أحياناً، ينتقل من التلفزيون إلى الإنترنت، وبالتحديد على شبكات التواصل الاجتماعي. دراسة أداء مشاريع إعلامية مثل القناة التلفزيونية الجديدة، سيعين كثيراً لفهم تنوع وتركيبة مسلمي الدول الغربية، وهي الفئة التي ما زالت مجهولة الأهواء وإلى حدود كبيرة، وتتهم أحياناً بانعزالها ومخاصمتها لإعلام الدول التي تعيش فيها، في حين يقطع اختيار اللغة الإنكليزية للقناة الجديدة، الجدال حول الهويات الصغيرة في المجتمع البريطاني، علماً أن استنساخ مثال القناة البريطانية في دول أوروبية أخرى لن يكون بالأمر الهين، فمكانة اللغة الإنكليزية لدى مسلمي بريطانيا، تختلف كثيراً عما تعنيه اللغات الأوروبية الأخرى لمسلمي تلك الدول.