لا تضم القائمة السنوية لأفضل مئة برنامج تلفزيوني مشاهدة خلال العام الماضي في هولندا أياً من برامج «الجزيرة» الإنكليزية التي تبث على اكثر من شركة «كيبل» هولندية. هذه القائمة لا تضم ايضاً اياً من برامج قناة «سي ان ان» الأميركية الدولية او قناة «بي بي سي» البريطانية الإخبارية او «فوكس» الأميركية او «سكاي» البريطانية او «اورونيوز» الأوروبية الإخبارية. هذه القنوات الإخبارية والمتنافسة تجاور بعضها على الكيبل الهولندي. فإذا اخترت ان تصعد بالتسلسل من قناة الى اخرى على الكيبل المحلي الخاص بك، ستمر على بعض القنوات المذكورة، قبل ان تصل الى قناة «الجزيرة» الإنكليزية. واذا كانت قوائم اكثر البرامج مشاهدة تخلو من اي حضور لبرامج من قناة «الجزيرة» الإنكليزية، فهذا لا يشير بالضرورة الى موقف اوروبي مسبق من القناة التي تحمل اسم المؤسسة الإعلامية القطرية المثيرة للجدل. فالأمر يرتبط في شكل اكبر بالسوق المحدودة والمزدحمة للقنوات الإخبارية العالمية في هولندا وبقية الدول الأوروبية. فهذه السوق المتواضعة أصلاً، آخذة في التآكل مع التقدم الكبير للقنوات الأوروبية الحكومية والخاصة، والتي تعززت مع إطلاق قنوات اخبارية محلية، لتلبي احتياج بعض المشاهدين الى متابعات مستمرة للأخبار... حتى مع الأحداث الدولية المفاجئة، طوّرت القنوات الاوروبية من هيكليتها وخططها لتغطيتها تلك الاحداث. فالوفاة المفاجئة للمطرب الراحل مايكل جاكسون، في العام الماضي، أجريت تغطيتها بأسلوب مختلف قليلاً عن ذلك الذي تقدمه «سي ان ان» او «فوكس»، على رغم ان بعض القنوات الاوروبية يستعين احياناً ببعض التغطيات من قنوات تلفزيونية اميركية، فقط لأسباب قرب الاخيرة من مواقع الأحداث. وما يزيد من صعوبة ان تحقق «الجزيرة» الإنكليزية الأثر الذي ترجوه ادارتها ب «تقديم اخبار العالم الثالث بتوازن وتركيز الى العالم الغربي»، هو المنافسة التي تواجهها من قناة «بي بي سي» الإخبارية، خصوصاً مع وجود كثير من البريطانيين في تحرير وادارة القناة القطرية. هذا التشابه انعكس على خط تحرير القناة الذي ابتعد عن الاثارة المتعمدة التي سعت اليها قناة «الجزيرة» العربية لسنوات، وما زالت تتقصده احياناً. فالتشابه واضح كثيراً بين اسلوب القناتين. صحيح ان «الجزيرة» الانكليزية تقدم برامج مركزة على اخبار وقضايا العالم العربي والاسلامي، لكن هذه البرامج لم تغب يوماً عن قناة «بي بي سي» العالمية... فلماذا يدير المشاهد الاوروبي ظهره للقناة الانكليزية الاخبارية ليختار قناة تحاول ان تستنسخها؟ على رغم ذلك، تثير حماسة «الجزيرة» الانكليزية للوصول الى المشاهد الغربي بكل الطرق الممكنة الإعجاب حقاً. فهذه القناة هي واحدة من القنوات القليلة جداً في العالم التي تقدم خدمة البث الحي من طريق الهواتف المحمولة الذكية في كل مكان في العالم. كذلك تعتبر خطوة «الجزيرة» بتقديم ساعات من بثها الحي مجاناً في بريطانيا، ليصل الى معظم البريطانيين الذين لا يملكون اشتراكات في شركات كيبل، في الاتجاه الصحيح، خصوصاً انها بلا منافسين في تلك الساحة. ف«بي بي سي» الإخبارية التي تبث على مدى الساعة لا تتوافر ضمن نظام البث المجاني الذي يضم بضع قنوات بريطانية مثل «بي بي سي الأولى والثانية»، و «اي تي في» والقناة الرابعة البريطانية.