أعلنت عشر جهات تلفزيونية هولندية، والتي تتشارك البث للتلفزيون الهولندي الحكومي، نيتها البدء بخدمة تزويد فيديو عبر الإنترنيت لبرامجها، على غرار شركة «نيتفليكس» الأميركية، تتوجه الى اللاجئين والمهاجرين في البلد. كما سيكون متاحاً لمتابعي الخدمة الجديدة التمتع بالترجمة العربية والإنكليزية للبرامج التلفزيونية الهولندية المعروضة فيها مع التركيز على عرض البرامج التي تقدم التاريخ الهولندي والعادات التجتماعية في البلد، وبرامج عن تعلم اللغة الهولندية. وسينتج التلفزيون الهولندي الحكومي برامج خاصة تتوجه الى اللاجئين الجدد، بعضها من إعداد اللاجئين أنفسهم، ذلك أن المشروع يتضمن أيضاً البحث وتدريب مواهب تلفزيونية من بينهم. وكشف المسؤولون عن المشروع في تصريحات إلى الصحافة الهولندية، إن اختيار البرامج التطبيقية على الهواتف الذكية والكمبيوترات بكل أنواعها كوسيط لعرض المحتوى التلفزيوني كمرحلة أولية في الخدمة، له علاقة بشعبية هذا الوسيط عند اللاجئين وبخاصة الشباب، وأن المشروع بحث لأشهر طويلة، اذ زار اختصاصيون مراكز لجوء، وتحدثوا الى لاجئين عن البرامج التي يمكن أن تجذبهم في التلفزيون الهولندي. كما أن هناك نيات لتوسيع المشروع في المستقبل اذا حصل على دعم إضافي من الحكومة الهولندية، ليمكن البدء عندها بقناة تلفزيونية بالخصائص ذاتها التي توفرها الخدمة الإلكترونية. تأتي الخطوة التلفزيونية الهولندية والتي من المقرر أن تكون جاهزة في نيسان (أبريل) المقبل، بعد إنطلاق القناة التلفزيونية الخاصة باللاجئين في الجارة ألمانيا، والتي هي أيضاً مبادرة من قنوات تلفزيونية ألمانية حكومية وبالتعاون مع مؤسسة «دويتشه فيله» الإعلامية. وتركز القناة الألمانية الجديدة التي تبث على مدار الساعة على شؤون اللاجئين في ألمانيا، مقدمة برامج خاصة باللغة العربية، اضافة الى عرض بعض البرامج الألمانية الحكومية مع ترجمة عربية، مع التركيز على تلك التي تساعد اللاجئ الجديد في فهم التاريخ والعادات الألمانية. وتأتي المشاريع التلفزيونية هذه، كاستجابة إعلامية لأزمة اللاجئين المتواصلة، والسعي إلى جعل التلفزيون أداة في تسهيل اندماجهم وواسطة لنقل معلومات في الأشهر والسنوات الأولى من حياتهم في بلدانهم الجديدة. فبدل الانتظار سنوات حتى يتمكن اللاجئ من الإلمام الكافي باللغات الجديدة الى الحدود التي تمكنه من الاستمتاع والإفادة مما تقدمه القنوات التلفزيونية الأوروبية، يتم انتقاء برامج معينة من هذه التلفزيونات مع ترجمة باللغة العربية - لغة غالبية اللاجئين اليوم - إضافة الى برامج خاصة عن اللاجئين أنفسهم، تقارب قضاياهم الملحة، وتعينهم على تلمس الطرق الجديدة الصعبة لمستقبلهم. وعلى رغم أن العودة لاستعمال اللغة العربية أمر جدليّ كثيراً في العديد من الدول الأوروبية، بسبب درس عقدي السبعينات والثمانيات من القرن العشرين، عندما كانت حكومات دول اوروبية توفر معلومات خدمية باللغة العربية للمهاجرين العرب، وهي الخطوة التي انتقدها بعد ذلك مراراً اختصاصيون وأحزاب يمينية على السواء، واعتبرت إحدى أسباب تعثر اندماج المهاجرين بمجتمعاتهم الجديدة، الا أن خيار العودة الى اللغة العربية يبدو اليوم لا مفر منه، لمواجهة أزمة لاجئين هي الأكبر في اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فمن دون الترجمة سيبقى معظم هؤلاء اللاجئين في عالم قنوات بلدانهم ولغاتهم الأصلية. كما تندرج هذه المشاريع الإعلامية ضمن الجهود الكبيرة التي أعلنت عنها حكومات اوروبية في بداية هذا العام للتصدي للدعايات القوية للجماعات الإسلامية المتطرفة، وما خلفته هذه الأخيرة من نتائج كتوجه مئات من الشباب الأوروبي المسلم للقتال في سورية والعراق. صحيح أن القنوات التلفزيونية الأوروبية لن تقدم دعايات غوغائية كالتي يطفح بها الإنترنيت، لكنها ستتيح الفرصة لمتابعة إعلام جديّ وشديد الرصانة... على أمل أن يكون المدخل للاجىء لفهم عادات وتقاليد البلدان التي يعيش فيها اليوم.