أكد الدكتور أحمد التهياني أن أكبر الصعوبات التي واجهته أثناء الاشتغال على كتابه «الشعر في عسير 1351-1430ه» كثرة الشعر والشعراء، واختلاف مذاهبهم الفنية، وتباعد مصادر استمدادهم الثقافية واللغوية، وخصوصاً في العقود الثلاثة التي تلت سنة 1400 للهجرة، «ما حتم علي عدم الالتزام بمنهج نقدي واحد، وذلك بما يتلاءم مع تباين المذاهب، ويخدم العمل العلمي الذي يؤرخ ويرصد ويُدرس فنياً وموضوعياً». وأشار في حديث ل«الحياة» إلى «صعوبة شخصية تتسم بشيء من المرارة، ويُحيط بها قدر كبير من الحب، ويُضاعفها كثير من الحرج، وتتمثل في كون أكثر شعراء هذه الدارسة من أساتذتي الفضلاء، أو أصدقائي المقربين، مما جعلني - مرات كثيرة - أقف على حواف فخ العاطفة، وهو ما أجبرني على التحوط والاحتراز غير المؤثرين على التجرد، وذلك باختيار الجُمل النقدية اختياراً حذراً يقرأ ردود أفعال الشعراء، وبالتخلي - أحياناً - عن بعض المصطلحات الجديدة، كيلا تكون النتيجة سوء فهم يخلق في الأنفس سخطاً أو عتباً أو غضباً أو حنقاً، وعلى رغم ذلك سعيت إلى الصدق، والحياد، والموضوعية، والإنصاف». ويتكون الكتاب، الذي يقع في مجلدين بعدد صفحات بلغت 1200 صفحة وصدر عن نادي أبها الأدبي، من قسمين أولها تمهيد تاريخي يحدد الإطار المكاني للدراسة، ومصادر الشعر ومواضيعه، بينما القسم الأخر تناول دراسة فنية للشعر في منطقة عسير ومن خلال أربعة محاور رئيسة هي: بناء القصيدة، ولغتها، وموسيقاها والصور الفنية. والكتاب يرصد تاريخ الشعر في منطقة عسير خلال 80 عاماً ما بين عام 1351ه إلى عام 1430ه. وحول طبع الكتاب في نادي أبها الأدبي وهو أحد أعضاء مجلس إدارته، أوضح أن الزملاء والزميلات في مجلس الإدارة «أصروا على ذلك، وأرسلوا لي خطاباً يطلبون فيه طبعه، وبوصفه كتاباً يتعلق بالشعر في عسير، فنادي أبها الأدبي أحق بطبع كتاب يتناول الشعر في عسير عبر 80 عاماً». وحول كتاب التيهاني قال الشاعر إبراهيم مضواح الألمعي إن الكتاب يستمد أهميته من جوانب عدة: أولها: الفترة الزمنة الطويلة التي تصدى لها المؤلف بين عامي 1350 و1430ه، فهي فترة طويلة زمنياً، وغزيرة من ناحية الإنتاج الشعري، وغامضة لقلة المصادر البحثية التي تناولت شعراء هذه الفترة سواء في مجموعهم أم منفردين. ثانيها: طبيعة الباحث، وكونه أحد شعراء هذه المرحلة، وأكثر أبنائها اتصالاً بمعاصريه من شعراء المنطقة، لصلته الوثيقة بالعمل الثقافي والإعلامي والأكاديمي، وارتباطه بالمنطقة وثقافتها طوال حياته. ثالثها: رصانة البحث واستيفائه للشروط العلمية وإلمامه بشعر وشعراء هذه الفترة، لكونه رسالة أكاديمية خضعت للمراجعة والمناقشة، وتعددت فيها النظرات، بعد سنوات طويلة من اشتغال الباحث على كل جزئية من مكونات الدراسة. رابعها: أن الباحث لم يُغرق في المصطلحات النقدية، بل التمس لغة متوازنة جعلت من البحث كتابًا مقروءاً لكل المهتمين وليس الأكاديميين والباحثين وحسب، قد التمس أسلوباً رفيقًا بالقارئ وبموضوع البحث، من دون إخلال بصرامة الحكم النقدي. ولفت الألمعي إلى أنه لهذه الأسباب وغيرها من عوامل التميز «فإن هذا الكتاب سيكون مرجعاً وأصلاً لكل من يتناول الجانب الشعري في منطقة عسير من بعده، بل إن في مقدماته وتمهيداته وبعض مباحثه ما سيخدم كل باحث في كل مجال يتعلق بمنطقة عسير وليس الجانب الشعري ولا الأدبي وحسب، ما جعل صدوره عن نادي أبها الأدبي في حُلَّةٍ زاهية بشرى منتظرة لكل المهتمين والمشتغلين بالشأن العلمي والثقافي».