قبل بلوغها نهائي مونديال جنوب أفريقيا، حصدت إسبانيا 10 ألقاب متنوعة خلال 12 سنة. وأظهر منتخبها الأول حقيقته الأربعاء في المباراة أمام ألمانيا. وأوضح خبراء أن العمل بدأ قبل 15 عاماً لبلورة هوية خاصة، عبر توحيد أساليب الأداء في منتخبات الفئات العمرية. وبحسب الدولي سرجيو راموس ظهير ريال مدريد، يؤدي منتخب دون ال16 سنة «بالطريقة ذاتها التي نتحرّك بها ميدانياً». وتعود البداية الفعلية لمسيرة الإصلاح إلى عام 1996، وتولاها الخبير ايناكي ساييز الذي اشرف سابقاً على مركز اتلتيكو بلباو التدريبي. وكان ضمن الجهاز الفني خافيير كلمنتي، الذي سبق له أن قاد بلباو إلى لقبين في ال»ليغا» عامي 1983 و1986، بتشكيلة من «إنتاج» النادي. حين تولّى أنخل ماريا فييار، لاعب بلباو والمنتخب سابقاً رئاسة الاتحاد الإسباني، طلب من كلمنتي وساييز إعداد خطة طويل الأمد للنهوض بالمنتخبات على غرار ما ينفّذ في بلباو، تعنى بتخريج مواهب مكتملة النمو الفني ولا تتوخى النتائج الآنية. لذا، لم تعترض هذه الخطة معوقات على رغم الإخفاق في بطولة أوروبا عام 2004 في البرتغال (خروج من الدور الأول)، إذ سارت الأندية على النهج عينه وصولاً على هوية خاصة بالكرة الإسبانية. ووفق مبدأ «أسلوب واحد لهدف واحد» تواصل تنفيذ مراحل الخطة الطموحة حتى بعد تسلّم خينيز مالنديز مهام ساييز ومسؤولياته. ولا يخف ساييز أن واضعي الخطة استلهموا ما أرساه الهولندي يوهان كرويف من تقنيات تدريبية خلال «عهده» في برشلونة، وأبرزها أسلوب الاستحواذ على الكرة قدر الإمكان والتمرير المتقن ضمن مساحات ضيقة ما يربك الخصوم وينهكهم ويفقدهم فاعلية المبادرة، علماً أن هذه الميزات تتطلب جهداً وإتقاناً تاماً لتقنياتها. ويتنوع الأسلوب بين طريقتي 4 – 2 – 3 –1 و 4 – 3 – 3، مع المحافظة دائماً على دور للجناحين. وقد عززت هذه الخطوات العملية بتنسيق وتناغم بين الجهاز الفني للمنتخب وأجهزة الأندية. ويؤكد المدير الفني ل «لا فوريا روخا» فنسنتي ديل بوسكيه، ومن خلال تجربته السابقة الناجحة في ريال مدريد، أن الأندية توفر كل ما يلزم من عناية للاعبين الصاعدين لينسجموا جيداً في برامج الإعداد. وتوسيعاً لقاعدة المواهب، شكلت ثلاثة منتخبات للفئات العمرية (دون ال14 سنة ودون ال17 سنة ودون ال18 سنة) في كل من مقاطعات إسبانيا ال19، وتدير جهة واحدة المدربين ال57 الذين ينفذون البرامج، وبالتالي يمكنهم أن يحصروا جيداً تأطير اللاعبين المميزين منذ سنواتهم الأولى وفق ستة معايير فنية وبدنية، هي: النوعية التقنية، السرعة البدنية، السرعة الذهنية، الطباع، الطموح والتوازن النفسي. وحصيلة ما تقدّم متوافرة في اللاعبين ال23 الذين اختيروا للمونديال، وتوجوا جميعهم مع منتخبات الفئات العمرية. وشعّ بريق نواة مونديال 2010 في النسخة السابقة في ألمانيا عام 2006 على رغم خروجها أمام فرنسا (1 – 3) في ربع النهائي. وحان موعد النجاح بعد عامين في بطولة أوروبا على أيدي جيل ذهبي للكرة الإسبانية، يحلم الآن بتكريس عالمي يكون ثمرة يانعة بعد 15 عاماً من الجهد والاجتهاد.