لم يكن ينقص حكومة الرئيس تمام سلام، الذي يقر بأن حكومته «أفشل» الحكومات المضطرة للاستمرار منعاً لتعميم الفراغ على كل السلطة التنفيذية، إلا استقالة وزيري حزب الكتائب سجعان قزي (العمل) وألان حكيم (الاقتصاد) التي أعلن عنها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل مساء أمس، في خطوة تزيد من الاهتراء والتشرذم في السلطة وشلل مجلس الوزراء والبرلمان، بفعل الشغور الرئاسي، في وقت تنشغل الأوساط الحكومية السياسية والمصرفية في معالجة تداعيات التفجير الخطير الذي استهدف بنك «لبنان والمهجر» (بلوم بنك) غروب الأحد الماضي بالتزامن مع السجال على تطبيق المصارف اللبنانية قانون العقوبات الأميركية على «حزب الله». وقال الجميل: «دخلنا الحكومة حفاظاً على المؤسسات ورفضاً للفراغ، وكنا نأمل أن تكون مدتها قصيرة. فضحنا الفساد بملف النفايات وغيره، ورفضنا التلزيم بالتراضي وفرضنا منطق المناقصات ومنعنا الإعفاءات الضريبية ومزاحمة اليد العاملة السورية وأرسينا منهجية جديدة لدراسة معمقة لكل الملفات المطروحة على مجلس الوزراء». وقال: «حاولوا تطويقنا لتخطي رأينا، ولم يكن همهم أن يجدوا حلولاً للنزوح السوري وحماية القطاع المصرفي، كل همهم تمرير صفقات مشبوهة لقاء سمسرة على حساب مالية الدولة. شعرنا أنهم يحاولون تدجيننا، ولكن لا أحد يروضنا لا في الحكومة ولا خارجها. ولأننا نؤمن بأن لبنان بحاجة إلى صدمة إيجابية، قرر الحزب أن يستقيل من الحكومة». وأعلن الجميل عن الخطوة إثر لقاء قزي وحكيم مع سلام أول من أمس بعيداً من الأضواء، لإبلاغه قرار الجميل، الذي لم تنفع الجهود من غير جهة في ثنيه عنه، بما فيها محاولة سفراء عرب إقناعه بأن الخروج من الحكومة لن يعالج الثغرات، فيما أكد الوزير الحليف للكتائب رمزي جريج (الإعلام) بقاءه في الحكومة «ووضعي يشبه حال الرئيس سلام». وقالت مصادر رسمية إن سلام يئس من التلويح المستمر للجميل بالاستقالة وكذلك عدد من القادة الحلفاء للكتائب. وقالت أوساط مسيحية في قوى 14 آذار إن خطوة الكتائب «لم تلقَ ترحيباً، لأنها تزيد الشغور المسيحي في الدولة، فاستقالة وزيرين لن يحول دون استمرارها، لأن نصابها يبقى قائماً (18 وزيراً من أصل 24)، وهي مثل ضربة السيف في الماء إذا كان الهدف المنافسة على صعيد الزعامة المسيحية». وعلى صعيد التحقيقات في التفجير الذي استهدف «بلوم بنك»، علمت « الحياة» أن الأجهزة الأمنية تلاحق سيارتين يُشتبه باستخدامهما في الجريمة. واعتبرت كتلة «المستقبل» النيابية أن «الحملة الإعلامية والسياسية العنيفة التي شنها «حزب الله» واعلاميون من المقربين ضد مصرف لبنان والقطاع المصرفي، مهدت الأجواء الملائمة لارتكاب هذه الجريمة الإرهابية التي ضربت مقر بنك لبنان والمهجر». وجددت دعمها مواقف حاكمية المصرف المركزي وجمعية المصارف»، ونبهت إلى «خطورة الممارسات التي يرتكبها حزب الله الذي ورط لبنان في حروب مدمرة».