دارت معارك عنيفة في سرت (وسط ليبيا) لليوم الثاني على التوالي أمس، بين ارهابيي «داعش» والقوات التابعة لحكومة الوفاق التي شنت قصفاً كثيفاً على مجمع قاعات واغادوغو للمؤتمرات في المدينة تمهيداً لاستعادته من التنظيم الإرهابي بعدما اتخذه مسلحوه معقلاً أخيراً إثر تقهقرهم في أنحاء المدينة أول من أمس، فيما طالبت حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج المجتمع الدولي بالوفاء بتعهداته معالجة جرحى القوات الحكومية الذين ناهز عددهم ال400 واكتظت بهم المستشفيات في مدينة مصراتة المجاورة. وأفادت القوات الحكومية في بيان باسم عملية «البنيان المرصوص» لتحرير سرت، نشر في موقعي «فايسبوك» و «تويتر» أمس، بأن «قواتنا تدك بالمدفعية الثقيلة تمركزات لداعش في محيط مجمع قاعات واغادوغو» في وسط المدينة الواقعة على بعد 450 كلم شرقي العاصمة طرابلس. كما استخدمت القوات الحكومية الطائرات المقاتلة والمروحية للإغارة على مواقع التنظيم. وأعلنت عملية «البنيان المرصوص» على موقعيها أنها تمكنت من «تحرير بعض المدنيين من مدينة سرت كانوا مسجونين عند التنظيم، وتظهر عليهم آثار التعذيب»، كما بينت صور نشرتها، من دون تحديد المكان الذي سجن فيه هؤلاء وتم إطلاق سراحهم منه. و مع تجدد المعارك عنيفة بعد ظهر امس، سجل سقوط قتيلين وثمانية جرحى في صفوف القوات الحكومية التي تقدمت على محورين في اتجاه وسط سرت وعملت على تفكيك سيارة مفخخة تركها الإرهابيون على جانب إحدى الطرقات. وبات عناصر «داعش» بين فكي كماشة، إذ يواجهون تقدم القوات الحكومية من الغرب، وعناصر حرس المنشآت النفطية المتحالف مع حكومة طرابلس من الشرق، وذلك بعد سيطرة عناصر الحرس سيطرة تامة على مدينة هراوة (70 كلم شرقي سرت) وتقدمها في اتجاه المدخل الشرقي للمدينة. وشددت القوات البحرية سيطرتها على ساحل سرت بالكامل، منعاً لهروب مسلحي التنظيم بحراً، فيما شكلت الحكومة قوة لحماية جبهة الجفرة- سرت، للحيلولة دون تسلل الإرهابيين جنوباً. وتوقع الناطق باسم غرفة عمليات سرت محمد الغصري، أن تحسم العمليات العسكرية للسيطرة على سرت خلال ساعات، بمجرد السيطرة على مجمع واغادوغو الذي حوصر فيه عدد كبير من مسلحي التنظيم «داعش» وحيث ينتشر عدد من القناصة التابعين للتنظيم على أسطح المباني. واعتبرت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) التقدم الذي حققته القوات الحكومية الليبية ضد الارهابيين «مشجعاً». وقال الناطق باسم «البنتاغون» بيتر كوك في مؤتمر صحافي: «نحن نراقب الوضع عن كثب وما نراه يشجعنا». واعتبر أن التقدم في سرت «يشير إلى أن حكومة الوحدة الوطنية تتقدم على غرار القوات التي تدعمها». وفي وقت اكتظت مستشفيات مصراتة المجاورة، بجرحى القوات الحكومية، دعا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المجتمع الدولي إلى الوفاء بتعهداته في توفير الدعم الطبي اللازم والعاجل للقوات التي تقاتل «داعش» في سرت. وأفاد المجلس الرئاسي في بيان بأنه «نظراً إلى سير المعارك التي تخوضها القوات لتحرير مدينة سرت من شبح الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش وما نتج عن ذلك من ارتفاع في أعداد الجرحى، والذي فاق 400 بين إصابات متوسطة وخطيرة، ندعو إلى توفير الدعم الطبي اللازم للمصابين». وأكد المجلس أنه على تواصل دائم مع عدد من الدول لتوفير كل متطلبات إسعاف الجرحى، علماً أن حجم الخسائر في الأرواح في صفوف القوات الحكومية ناهز المئة وعشرين قتيلاً منذ بدء عملية تحرير سرت في 12 أيار (مايو) الماضي.