تجاوز مجلس الوزراء اللبناني أمس، قطوع ملف جهاز «أمن الدولة»، بإرجاء البحث فيه إلى الجلسة المقبلة التي حددت عصر الإثنين على أن يكون بنداً أول على جدول الأعمال، علماً أنه تم إقرار نقل الاعتمادات الواردة في جدول أعمال الجلسة باستثناء تلك الخاصة بقوى الأمن الداخلي والأمن العام، بسبب ربطها من عدد من الوزراء بإقرار اعتمادات «أمن الدولة». كما تجاوز بنجاح قضية «أمن المطار» وكلف وزارة الأشغال استدراج العروض لتجهيزه. وعلمت «الحياة» أنه تم التوصل إلى مخرج بحث بند مخصصات جهاز أمن الدولة في الجلسة المقبلة، على أن يكون الأول في جدول الأعمال، هو نتيجة شعور معظم الوزراء بأن لا مجال لتعطيل الدولة ورهن الأمور بهذا البند وحده. وقال مصدر وزاري ل «الحياة» إن الرئيس سلام أوضح في مطلع الجلسة وعند البحث في البند المتعلق بصرف الاعتمادات المخصصة للمصاريف السرية والسفر والتدريب لمديريتي قوى الأمن الداخلي والأمن العام، أنه لا يقبل إلا أن يبحث البنود وفق ورودها على جدول الأعمال، وكان البند 41 المتعلق بقوى الأمن والأمن العام قيد البحث. إلا أن وزير الخارجية جبران باسيل اعترض على صرف نفقات قوى الأمن والأمن العام، وكذلك وزير الاقتصاد ألان حكيم، ربطاً ببحث البند المتعلق بمخصصات جهاز أمن الدولة. (البند 65) ورد سلام داعياً إلى عدم الربط بين البندين، لأن حل مشكلة أمن الدولة موضوع آخر. كما دعا إلى «عدم توريط أنفسنا بالوقوف وراء من يجيش في هذا الملف بطريقة طائفية. والفريق المعني بالأزمة ويجيش طائفياً أصبح أسير هذا التجييش». وأضاف: «تصلني أصداء عما يقوله رئيس جهاز أمن الدولة وحديث عن الانتصارات التي يحققها وعن إعطاء الطابع الطائفي للمشكلة. وهذا لا يجوز، لأني حاولت حل الخلاف بين المدير العام للجهاز (اللواء جورج قرعة) وبين نائبه (العميد محمد الطفيلي) وجمعتهما في مكتبي، لكن الأول لم يحترم رئيس الحكومة أثناء وجوده مع نائبه عندي». واقترح وزير الدولة محمد فنيش (حزب الله) الدخول في البنود وفق التسلسل، وليعترض من يعترض ثم نتابع، إلا أن باسيل رد على سلام قائلاً: «نحن لم نحرض طائفياً والمسألة قضية صلاحيات» رافعاً صوته، إلا أن فنيش ووزير الشباب والرياضة عبدالمطلب حناوي أوضحا له أن سلام لم يقصد الوزراء بل رئيس جهاز أمن الدولة. وأوضح المصدر الوزاري ل «الحياة» أنه تمّ تجاوز موضوع مخصصات قوى الأمن والأمن العام نتيجة اعتراض باسيل وحكيم استناداً الى آلية اتخاذ القرارات التي تقول بتأجيل البند الذي يحصل خلاف في شأنه. وعندما وافق سلام على ترحيل البت بتحويل الاعتمادات لمصلحة قوى الأمن الداخلي والأمن العام إلى الجلسة المقبلة قال وزير الداخلية نهاد المشنوق: «أمر معيب ربط بنود المؤسسات الأمنية ببعضها بعضاً وهذا يعرض البلد للخطر»، مشيراً الى أنه «إذا كان هناك مشكلة حول جهاز معين لا يجوز ترك الأجهزة الأخرى». وغادر الجلسة لمتابعة تفاصيل الانفجار الذي أودى بالمسؤول في حركة «فتح» فتحي زيدان في صيدا. وأضاف المصدر الوزاري: «إلا أنه تمّ إقرار صرف الاعتمادات المطلوبة في شأن تعزيز أمن المطار، وهي عبارة عن إضافات مالية على كلفة بناء سور المطار وتركيب أجهزة جر الحقائب والكاميرات والسكانير». ثم طرح سلام البند المتعلق بأمن الدولة «وفق ما وعدتكم بمناقشته عندما نصل إليه»، فقال وزير الصناعة حسين الحاج حسن (حزب الله) إن المرسوم المطروح في شأنه ويقضي بتشكيل مجلس قيادة له (لحل الإشكاليات في اتخاذ قرارات الجهاز) خاطئ قانونياً لأن تشكيل مجلس القيادة يتطلب تعديل القانون. وأعلن عدم الموافقة على تعديل المرسوم. وقال إن المرسوم واضح لجهة الصلاحيات. وتلا مواد منه تحدد المجالات التي بإمكان رئيس الجهاز صرف الأموال بتوقيع منفرد من قبله، وعدد المواضيع التي يفرض المرسوم أن يشترك نائب رئيس الجهاز في التوقيع عليها ومنها مخصصات السفر للتدريب، والنفقات السرية... الخ. واقترح الحاج حسن في حال عدم حل الخلاف تغيير رئيس الجهاز ونائبه سوية. إلا أن وزير الإعلام رمزي جريج ووزير السياحة ميشال فرعون اقترحا الموافقة على صرف المخصصات لأمن الدولة. وتحفظ فرعون عن بند التمويل لقوى الأمن والأمن العام، قائلاً: «لا مشكلة لدينا في موضوع المطار ولن نعترض عليه، لكن اعتراضنا هو على عدم ربط المؤسسات ببعضها». وقال الوزير رشيد درباس: «هذه المؤسسات ليست طائفية ولا مذهبية، ولا يجوز أن نذهب بهذه الأمور إلى هذا المنحى». ورد فرعون بأن هذه الأمور لا علاقة لها بالمذهبية. ودفع الخلاف على أمن الدولة سلام إلى تأجيل البت به إلى جلسة الإثنين المقبل ليكون بنداً أول. وكان وزير الاتصالات بطرس حرب ركّز على ضرورة المعالجة القانونية السياسية الهادئة تأكيداً لدور المؤسسات والأجهزة الأمنية، وقبل أن يغادر لارتباط سابق، طلب إليه الوزير فنيش البقاء لأنه يريد أن يدلي بمداخلة في موضوع شبكات الإنترنت غير الشرعية. وبعد أن أكد فنيش خطورة هذه الشبكات، قال حرب إن الحكومة تسهم في طمس إنجازاتها. فوزارة الاتصالات كشفت الشبكات غير الشرعية للانترنت. وكشفت وزارة الداخلية شبكة الدعارة والاتجار بالبشر، وهذا إنجاز للحكومة يجب عدم التقليل من شأنه بل يجب تعميمه والسير فيه إلى النهاية لتأخذ العدالة مجراها. وأكد الحاج حسن ما قاله حرب مشيراً إلى أن وزارة الاتصالات هي من أبلغ لجنة الاتصالات النيابية بفضيحة الانترنت. وأثار عدد من الوزراء ملف النفايات، وسألوا عن الحلول الدائمة لهذا الموضوع، وما هو المخطط مستقبلاً، وهل هناك من تلزيم أم لا؟ وإثر انتهاء الجلسة، تلا وزير الإعلام رمزي جريج المقررات، فأشار إلى أن المجلس واصل البحث في بنود جدول أعمال الجلسة السابقة، فتمت مناقشتها وأبدى الوزراء وجهات نظرهم بصددها. وبنتيجة التداول، اتخذ المجلس القرارات اللازمة في شأنها، وأهمها: الموافقة على مشاريع مراسيم ترمي إلى نقل اعتمادات من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة بعض الوزارات على أساس القاعدة الاثني عشرية من أجل تأمين بعض نفقاتها وحاجاتها، الموافقة على التقرير الفني للجنة المشكلة بموجب قرار الحكومة والذي حدد الحاجات المتعلقة برفع مستوى الحماية الأمنية في مطار رفيق الحريري الدولي وبما لا يتعارض مع الأشغال التي قررت سابقاً وتكليف وزارة الأشغال القيام باستدراج عروض وفق دفتر الشروط الذي أعدته اللجنة نفسها عبر إدارة المناقصات وفق تقصير المهل حتى 15 يوماً واعتماد أعضاء في لجنة فض العروض ممثلي الوزارات والأجهزة التي شاركت في اللجنة المذكورة. كما وافق المجلس على طلب تجديد مفاعيل المرسوم المجدد سابقاً بموجب قرار مجلس الوزراء لمدة 5 سنوات إضافية والمتعلق بقبول هبة محطة أرضية مقدمة من شركة «نايل سات» والترخيص لها باستقبال وإعادة البث. وبعد الانتهاء من البنود المذكورة، تطرق مجلس الوزراء إلى ملفي الإنترنت والإتجار بالبشر، فأكد مطالبة القضاء المختص بالإسراع في متابعة التحقيقات وتحديد المسؤوليات تمهيداً لاتخاذ أقصى العقوبات بحق المتورطين. وسيتابع المجلس الملفين لتحديد المسؤوليات. وغاب عن الجلسة وزير الدفاع سمير مقبل الذي غادر على رأس وفد عسكري الى لندن للقاء نظيره البريطاني.