في محاولة لإبقاء الخلاف محدوداً بعد اعتراف البرلمان الألماني ب «إبادة الأرمن» في عهد السلطنة العثمانية عام 1915، وتفادياً لتحوله الى أزمة ديبلوماسية، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس أن البلدين «حليفان مهمان جداً»، مشدداً على ان القرار، وهو غير ملزم، «لن يؤثر على العلاقات الثنائية على المدى القصير»، وهو ما أكده ايضاً شتيفن سايبرت، الناطق باسم المستشارة الألمانية، والذي قال: «ستصمد علاقة مماثلة رغم اختلاف الآراء، لأنها عميقة وتشمل قطاعات واسعة». وغداة استدعاء أنقرة التي ترفض الإقرار ب «الإبادة»، سفيرها في برلين للتشاور، ما أشاع مخاوف من تضرر العلاقات بين تركياوألمانيا في مرحلة حساسة تشهد عملهما معاً للتوصل الى اتفاق لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين الى الاتحاد الأوروبي، قال يلدريم في مؤتمر صحافي في أنقرة قبل توجهه الى اذربيجان: «يجب ألا يتوقع أحد أن تتدهور العلاقات كثيراً في شكل مفاجئ بسبب هذا القرار أو قرارات أخرى مشابهة. وهي ستستمر مع أصدقائنا وحلفائنا، لكن ذلك لا يعني اننا لن نرد على القرار الذي أضرّ بالعلاقات، او لن نقول شيئاً». وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر أول من أمس من أن اعتراف البرلمان الألماني بالإبادة الأرمنية سيؤثر في شكل كبير على العلاقات بين البلدين، مؤكداً انه سيتخذ خطوات بعد عودته من زيارة لكينيا، علماً ان تركيا تهدد بعدم تطبيق اتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول المهاجرين غير الشرغيين، إذا لم يتم اعفاء مواطنيها من تأشيرات دخول الى الاتحاد. كما أغضب القرار قادة متشددين اتراكاً، وقال برهان كوزو، عضو اللجنة التنفيذية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم أن «المانيا الكافرة تسببت في انهيار السلطنة العثمانية». وفي برلين، قال سايبرت، الناطق باسم المستشارة الألمانية: «نعمل معاً لتلبية المصالح المشتركة في مسألة اللاجئين بهدف تقاسم العبء، وتجمعنا علاقات ثقافية واقتصادية وثيقة تاريخياً، خصوصاً أن ثلاثة ملايين شخص من أصل تركي يقيمون في المانيا. وكانت المستشارة الألمانية انغيلا مركل التي لم تحضر جلسة التصويت في البرلمان، قالت إن حكومتها «ستفعل ما في وسعها لتحفيز الحوار بين أرمينياوتركيا». الأرمن في لبنان وفي ردود فعل على قرار البرلمان الألماني، صرح النائب اللبناني جان أوغاسابيان بأن «ألمانيا التي استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، تقدم دليلاً إضافياً على سياستها التي تمنح الإنسان أولوية وتحرص على عدم هدر حقوقه، وغض النظر عن ظلم لحق به لتحقيق مصالح دولية ظرفية». وزاد: «يساهم قرار البرلمان الألماني في إرساء السلام الذي تنشده الدول والشعوب، بالاعتماد على أسس العدالة الدولية. وهو يشكل مثالاً يحتذى في الحلول التي ننشدها في منطقتنا، إذ إن الاعتراف بالحقوق أولاً بدلاً من تقاسم الغنائم والثروات يكفل إنهاء الحروب». وهنأ النائب أوغاسابيان الشعب الأرمني الذي رفع لواء القضية عالياً طوال مئة وسنة من عمر «الإبادة»، معتبراً ان موقف ألمانيا «دليل ساطع على أن القضايا المحقة لا تموت أبداً في ظل محافظة أبنائها على وفائهم لها وإصرارهم عليها». كما نوّه النائب شانت جنجنيان بقرار البرلمان الألماني الذي «أكد أن أحداً لا يستطيع التنكر للحقيقة مهما طال الزمن»، شاكراً المانيا على نصرتها للحق والعدالة، ومصلحة الإنسانية». وأشار إلى أن قرار مجلس البرلمان الألماني «سيُفسح في المجال أمام الشعوب لفتح صفحة جديدة على صعيد الاعتراف بالحقيقة والخروج من حال التنكر لأبشع مجزرة عرفها التاريخ وأكبرها»، متمنياً أن تحذو كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وعلى رأسها كل من الولاياتالمتحدة، حذو ألمانيا لترسيخ الحق والعدالة.