تساعد معادلة حسابية فريدة من نوعها شرطة ولاية شيكاغو على مكافحة العنف المسلح، من خلال تصنيف السكان الأكثر ميلاً إلى الضلوع في عمليات إطلاق نار، سواء كانوا من مدبري هذه العمليات أو من ضحاياها، وذلك في محاولة لكشف الخطر المحتمل لبعض الأشخاص. وتستند هذه المعادلة الحسابية التي صاغها مايك وورنك من معهد «إيلينوي» التقني إلى عدة عوامل، أبرزها السجل العدلي والانتماء إلى عصابة إجرامية وإصابات سابقة ناجمة عن طلقات نارية، فضلاً عن عدد عمليات التوقيف، لكن الطبيعة المحددة للمعايير وأهميتها تبقيان طي الكتمان وهما محط جدل. وتأخذ نتائج هذه التوليفات المعلوماتية شكل قاعدة بيانات تحمل اسم «ستراتيجك سابجكت ليست» أي (استراتيجية تصنيف القوائم)، والتي من المفترض أن تساعد في الحد من أعمال العنف في هذه المدينة الرازحة تحت وطأة عمليات تصفية الحسابات بين العصابات. ويشير معارضو هذا النظام إلى أنه يمس بالحريات العامة من خلال التركيز على «الميول المفترضة إلى العنف» لبعض السكان. أما الشرطة فهي تدافع عن أداتها الحسابية قائلة إنها تسمح لها بتركيز جهودها على الأشخاص المحتمل أن يكونوا خطرين والذين هم في غالب الأحيان الأكثر عرضة للقتل. ويوضح ديفيد كينيدي من جامعة «جون جاي كولدج أوف كريمينال جاستيس» في نيويورك أن «شيكاغو هي من المدن الأميركية الكبيرة الأكثر تنوعاً في الأعراق، ومشكلة العصابات فيها هي الأكثر خطورة واستدامة». وقال إيدي جونسون الرئيس الجديد لشرطة شيكاغو قبل مدة قصيرة: «تشهد شيكاغو نسبة مرتفعة من أعمال العنف، لكننا نعلم أنها ترتكب من قبل فئة صغيرة من سكان»، المدينة الكبيرة حيث تعيش 2.7 مليون نسمة. ومنذ مطلع العام 2016، قتل حوالى 250 شخصاً بأسلحة نارية وأصيب 1150 آخرون بجروح، وكانت أسماء السواد الأعظم من الضحايا واردة في هذه القائمة الشهيرة. ويسعى جونسون وهو من ذوي أصول أفريقية والذي عين نهاية آذار (مارس) إلى تحسين صورة قوى الأمن بعد حادث قتل شاب من أصوله على يد شرطي أبيض أثارت ضجة كبيرة. وبناء على توجيهات صادرة منه، أطلق قسم الشرطة في شيكاغو الأسبوع الماضي عملية لمكافحة الاتجار بالمخدرات والأسلحة وتم في إطارها توقيف 140 مشتبهاً بهم أكثر من 80 في المئة، منهم كانوا على القائمة الشهيرة. ويقول روبرت فايسبرغ الذي يدرس الحقوق قي جامعة ستانفورد إن «الشرطة الأميركية تستخدم منذ زمن بعيد تقنيات المعلوماتية وتحليل البيانات لتركيز مواردها على المناطق الأكثر تعرضا للجرائم. وهذه الوسيلة فاعلة عموماً في الحد من نسب الأعمال الجرمية»، غير أن شرطة شيكاغو تخطو، بحسب فايسبرغ «خطوة إضافية من خلال إعداد قوائم». تحدث هذه المعادلة الحسابية بانتظام منذ إطلاقها قبل ثلاث سنوات وهي تستخدم خصوصا للقيام بزيارات عند بعض الأفراد الذين تسلط تحاليلها الضوء عليهم، وتشكل هذه الزيارات التي يجريها عناصر الشرطة أو عاملون اجتماعيون فرصة لمد يد العون أو تقديم معلومات احترازية، وأظهرت دراسات بالفعل أن المجرمين يجهلون في غالب الأحيان العقوبات المفروضة على الانتهاكات، ففي شيكاغو مثلا، تفرض عقوبة سجن مدتها 15 عاما على مجرم محكوم عليه سابقاً يخرج إلى الشارع وفي حوزته مخزن مسدس. ولا ينكر البعض الميزة الاجتماعية لهذا البرنامج، لكنهم يخشون أن يؤدي إلى تشديد الملاحقات الجنائية في حق الأشخاص الواردة أسماؤهم في قاعدته، أو حتى تشديد العقوبات المفروضة عليهم، وينتقد البعض الآخر ضبابية هذه الآلية، مشككين في فاعليتها الإحصائية. ويختم ديفيد كينيدي قائلاً: «نجهل تماماً ما هي عناصر التحليل المعتمدة لإدراج الأشخاص في هذه اللائحة التي تقدم من أوساط جامعية في شيكاغو لم تكشف عن قاعدة حساباتها، في حين يسود القلق في شأن شفافية الحسابات والصور النمطية الكامنة خلف هذه المعادلة».