عندما تسأل عن السياسة في شيكاغو «المدينة الفاضلة» يأتيك الجواب غامضاً، لا أحد يريد اعادة تجربة أوباما. المدينة ديموقراطية تاريخياً منذ أن أنقذ جوزيف كينيدي المبنى الأكبر في المدينة قبيل الحرب العالمية الثانية بمبلغ 13 مليون دولار في حينه وأنقذ آلاف العائلات من البطالة عندما رمم المبنى وأعاد تأهيله ليبيعه احفاده بأكثر من 670 مليون دولار في أواخر القرن الماضي. وشيكاغو المدينة الليبيرالية، التي غيرت مجرى نهرها من الشمال الى الجنوب، لم يتجاوز عدد سكانها «الشخصين» في العام 1700 ميلادية اصبحت الآن بسكانها ال2.7 مليون محبطة حالياً من سياسة الرئيس باراك أوباما على رغم انها أحتفلت بفوزه مرتين. وقالت كارا كارمايكل مديرة العلاقات العامة في مؤسسة «شووز شيكاغو» ل «الحياة» ان سكان المدينة «يؤيدون الديموقراطيين بعامة وهم الآن ينتظرون تسمية مرشحهم الجديد لانتخابات 2016» وعما اذا كانت ستنتخب هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية المقبلة اعترفت «ان هيلاري ستكون رئيسة مميزة وأكثر ليبيرالية من الرئيس الحالي». وكانت شعبية أوباما تراجعت في المدينة الى أقل نسبة لرئيس ديموقراطي في المئة عام الأخيرة ودون 35 في المئة. وقد تعود شيكاغو الى تأييد السيدة كلينتون بعدما خذلتها في الانتخابات الرئاسية العام 2008. المدينة، التي تُعتبر عاصمة الوسط الأميركي وبوابة الشمال الأميركي، مهتمة حالياً بتسويق نفسها عاصمة للفن والأدب والترفيه والمسارح. وهي ثالث أكبر مدينة أميركية والاولى التي بنت ناطحات السحاب العملاقة وفيها أكبر عدد من الابراج الضخمة وثالث أكبر برج في العالم. ووفق «وورلد بيزنس شيكاغو» تعتبر المدينة الموقع الخامس في حجم التجارة ويمر عبرها نصف واردات الولاياتالمتحدة وصادراتها وفيها أكبر شبكة للطرق السريعة في الشمال الأميركي ومطارها (اوهير) يستقبل او يودع 2900 رحلة جوية يومياً وهو مقر اثنين من كبريات شركات الطيران الأميركية ويستقبل ثلاث رحلات يومية من منطقة الخليج (الأمارات، والاتحاد، والخليج) اضافة الى رحلات عدة اسبوعية لغيرها من شركات الطيران العربية. وكلفة المعيشة في منطقة شيكاغو الكبرى (9.5 مليون نسمة) متوسطة وهي أرخص من نيويورك وواشنطن وسان فرانسيسكو ويصل تعداد القوة العاملة فيها الى4.5 مليون شخص كما فيها 1500 شركة أجنبية من 50 دولة حول العالم، اضافة الى 80 قنصلية كما عقدت توأمة مع 28 مدينة. ومن ابرز ميزاتها انها تحتل المركز السابع في قمة المشاريع الضخمة عالمياً وتحتل المركز الرابع في تجارة العقارات دولياً مع ان عقاراتها الارخص، حتى الآن في الولاياتالمتحدة والعالم، ولا تزال الضريبة على الأعمال الارخص على مستوى الولاياتالمتحدة وبين مختلف المراكز المالية الدولية. ومن بين ما يتفاخر به القيمون على المدينة، التي يمكن ان لا تسمع فيها صفارات الانذار او صافرات سيارات رجال الشرطة رغم تاريخها العريق مع عصابات المافيا والتصفيات التي ارتكبتها في العشرينات، انها تضم 400 مركز لكبريات الشركات العالمية والأميركية وهي تمنح من معاهدها 150 الف شهادة جامعية تقنية وفيها اثنتان من افضل جامعات الاعمال في الولاياتالمتحدة (شيكاغو وويسترن) وحصل 96 عالماً منها على جوائز نوبل. وفي المجال العلمي تضم المدينة 250 مركزاً للابحاث الطبية والتقنية اجتذبت ثلاثة بلايين دولار في السنوات الخمس الأخيرة كما يتم خلال بورصتها الشهيرة «سي أم اي» (CME) تداول 17 في المئة من عمليات تجارة عقود الحبوب في العالم وبنسبة 40 في المئة أكثر من بورصة نيويورك. وتصل قيمة التعاملات في البورصة الى الف تريليون دولار سنوياً ومع ان المدينة تتميز بأبراجها المميزة وعلى نهر شيكاغو 38 جسراً متحركاً وتم بناء أولها عام 1832 والجسر المتحرك الأول في عام 1834. وتمتد على شاطئ بحيرة ميشيغان المجاورة للمدينة 80 ميلاً من الشاطئ وتضم 500 حديقة عامة ابرزها «ميلينيوم بارك» الذي مول بناءه الاثرياء والشركات العملاقة وفيه مسارح تعرض عشرات المسرحيات على مدار العام. وفي المدينة وفق القيمين عليها 90 متحفاً ومركزاً فنياً تعرض مسرحيات يومياً على مدار العام، من ابرزها «آرت انستيتيوت أوف شيكاغو» الذي يؤسس حالياً متحفاً للفن الاسلامي. وقال دانيال والكر الخبير التاريخي المشرف على المتحف ل «الحياة» انه «حزين جداً لما يجري في شمال العراق وفي المدن السورية خصوصاً التدمير المبرمج للحضارات». وللمهتمين بالأزياء والموضة تضم المدينة عشرات من فروع بيوت الازياء العالمية كما المقر الوحيد لدار ازياء وفن «إكرام» التي صممت فساتين ميشال أوباما ولا تصمم أكثر من قطعة فنية واحدة للمشاهير لتبقى متميزة. وللعلم فقط يمكن للسياح القادرين الإقامة في فندق «ريتز كارلتون» للتمتع بالفخامة ومن ثم الاطلال على بحيرة ميشيغن الجميلة. كما يمكنهم، اذا كانوا من ذواقة المطبخ الأميركي تناول العشاء في اجواء ساحرة وفي احد المطاعم الكثيرة على ارتفاع عال في احد الابراج وأفضلها «سبياجا» أو في مطعم «دينر آت ال 20» المطل على احد أجمل الحدائق العامة. والنصيحة الأفضل للسياح الذين يرغبون في رؤية مختلف جسور شيكاغو عبور النهر في احدى العبارات التابعة ل «فيرست ليدي كروز» حيث يمكن لدليل متخصص ايجاز تاريخ المدينة.