اعتبر رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني أن نتائج انتخابات مجلسَي الشورى وخبراء القيادة «رسمت طريق مستقبل البلاد»، فيما اتهم شقيقه رئيس القضاء صادق لاريجاني الرئيس حسن روحاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني بخوض المعركة على «قائمة بريطانية». وأعلن وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي «انتهاء فرز الأصوات»، مشيراً إلى أن نسبة التصويت في طهران بلغت 50 في المئة، وفي البلاد 62 في المئة. وأكد أن قائمة شكّلها الإصلاحيون وأنصار روحاني فازت بكل المقاعد البرلمانية الثلاثين في طهران. لكن مكاسبهم خارج العاصمة جاءت محدودة. ومعظم النواب الذين فشلوا في الاحتفاظ بمقاعدهم، عارضوا بشدة الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، بينهم مهدي كوجك زاده الذي وصف وزير الخارجية محمد جواد ظريف بأنه «خائن»، وروح الله حسينيان الذي هدد بدفن أعضاء الوفد الإيراني الذي فاوض الدول الست، تحت إسمنت صُبَّ في قلب مفاعل «آراك» الذي يعمل بماء ثقيل، بذريعة تقديمهم «تنازلات». وأظهرت النتائج أيضاً أن نواباً أصوليين خسروا مقاعدهم، بعدما عارضوا عقوداً جديدة في قطاعَي النفط والغاز، هدفها جذب استثمارات أجنبية إلى ايران، وعارضوا إصلاحات اقتصادية اقترحتها حكومة روحاني. كما نجح الإصلاحيون وأنصار روحاني في الفوز ب15 من المقاعد ال 16 المخصصة لطهران في مجلس الخبراء. وحل رفسنجاني في الصدارة وروحاني ثالثاً، فيما قبع سكرتير مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي في المرتبة ال 16 الأخيرة، وخسر رئيس مجلس الخبراء محمد يزدي وعضو المجلس رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي. وكان الإصلاحيون شنّوا حملة لإطاحة الثلاثة من المجلس الذي يضمّ 88 عضواً والمُكلف اختيار مرشد لإيران ومراقبة عمله. ويُرجّح أن يختار المجلس الجديد المرشد المقبل خلفاً لعلي خامنئي (76 سنة)، اذ إن أعضاءه يُنتخبون لثماني سنوات. وحافظت شخصيات دينية أصولية بارزة على موقعها في مجلس الخبراء، بينها أحمد خاتمي ومحمود هاشمي شاهرودي وصادق لاريجاني. ولفت خاتمي إلى أن «أميركا وبريطانيا مارستا دعايات مكثفة» لتشويه سمعته خلال حملته الانتخابية، معتبراً أن «كل صوت أدلى به الشعب في الانتخابات، كان نعم أخرى في تأييد النظام». أما صادق لاريجاني فشكر «الشعب الإيراني الوفي لنظامه، والذي أظهر يقظته إزاء الدعايات المسمومة التي تبثّها وسائل الإعلام المعادية للثورة». وندد بمَن «حاولوا، بالتنسيق مع وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية، إقصاء بعض خدّام الشعب من مجلس الخبراء»، في إشارة إلى جنتي ويزدي ومصباح يزدي. واتهم روحاني ورفسنجاني بخوض الانتخابات على «قائمة بريطانية»، متسائلاً: «هل هذا النوع من التنسيق مع الأجانب لإطاحة هذه الشخصيات من مجلس الخبراء، هو لمصلحة النظام»؟ ويشير لاريجاني بذلك إلى اتهامات وجّهها أصوليون في الأسابيع الأخيرة، إلى لندن بالتدخل في الانتخابات، من خلال القسم الفارسي في «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي). لكن روحاني سخر من هذه الاتهامات، قائلاً: «الشعب الإيراني واعٍ، وعلى بعضهم الامتناع عن التحدث معه، في شكل يسيء إلى فهمه وإدراكه وعظمته. مُخطئٌ مَن يعمل لتضخيم الاستعمار العجوز القديم، وتحقير الشعب الإيراني». وشكر خامنئي «الشعب الإيراني الواعي، لمشاركته الواسعة في الانتخابات»، معرباً عن أمله بأن يكون «البرلمان المقبل على مقدار المسؤولية الملقاة على عاتقه». وشدد على أن «تطوّر البلاد هو هدف أساسي»، رافضاً «تطوراً شكلياً من دون استقلال وعزة وطنية». ونبّه إلى أن «التطور لا يعني الذوبان في الاستكبار العالمي». أما علي لاريجاني فاعتبر أن «نسبة المشاركة في الانتخابات، تحدد المعادلات الدولية في ما يتعلق بإيران»، مهنئاً «الشعب الإيراني الذي أخذ أوضاع البلاد بالاعتبار في شكل صحيح ودقيق، ورسم طريق مستقبلها». صحيفة «مردم سالاري» المؤيدة للإصلاحيين، والتي فاز مدير تحريرها مصطفى كواكبيان بمقعد برلماني في طهران، كتبت في افتتاحية: «هذه الانتخابات قد تكون نقطة تحوّل في تاريخ الجمهورية، وإنجازها الأكبر عودة الإصلاحيين إلى النظام الحاكم، لئلا يصفهم أحد بعد الآن بأنهم من دعاة الفتنة أو متسلّلون». في المقابل، سخر رئيس تحرير صحيفة «كيهان» المتشددة حسين شريعتمداري من «وهم النصر»، لافتاً إلى أن «هيكل النظام الحاكم في ايران يضمن ألا يغيّر فصيل سياسي، السياسات الأساسية المتجذرة في جوهر مبادئه». وتابع: «تصويت الشعب يقتصر على المسؤوليات المكفولة له في الدستور».