ودعت الجالية العربية الأميركية المفكر اللبناني كلوفيس مقصود الذي رحل إلى مثواه الأخير، في جنازة ضخمة أول من أمس ومعه علم فلسطين التي ناصرها ورفع الصوت لقضيتها عالياً في المنابر الأميركية والعربية حتى آخر رمق له ووفاته الأسبوع الماضي. وفي كنيسة القديسين بولس وبطرس في ضواحي واشنطن، أقيمت جنازة مقصود (90 عاماً) بحضور فعاليات ديبلوماسية وأكاديمية، من بينها السفيران السعودي والقطري في العاصمة الأميركية الأمير عبدالله آل سعود ومحمد الكواري، والقائمة بأعمال السفارة اللبنانية كارلا جزار، ومدير معهد العلوم السياسية في جامعة جورجتاون مايكل هادسون. وألقى سفير قطر، الذي يعتبر من أقرب الوجوه لكلوفيس منذ الثمانينات، كلمة ذكّر فيها باحتضان الراحل قضية فلسطين والعروبة، وقال: «كانت همومه همومنا... لم نعرف فقط في كلوفيس الموسوعة الديبلوماسية إلى جانب مخزونه الفكري وقدراته وطاقاته الإعلامية والثقافية والسياسية، فهو أيضاً شخصية مركبة تجمع بين إنسانيته المرهفة وظُرف طبعه وسرعة بديهته ومُتعة جلساته. بل أيضاً ترفُعه وقدرته على بناء الصداقات ونبذ الخصومات، اذ لا أعرف أنه كان يضمر الكراهية لأحد، ولا سمعت من أحد أنه يكره كلوفيس». ونقل الكواري عن مقصود ألمه وحزنه على المستوى السياسي وبعد «اصطدام قطار العروبة بداعش والمليشيات الطائفية والمذهبية». وأضاف: «لقد غادرنا كلوفيس ويا للمفارقة في اليوم الذي حلت فيه ذكرى تحوليْن تاريخييْن نذر نفسه للنضال ضدهما: الذكرى الثامنة والستين لنكبة فلسطين، والذكرى المئوية لسايكس– بيكو. وإذ رحل قبل أن ترحل عنا نكبات الماضي والحاضر، إلا أنه بقي يردد حتى يومه الأخير أن الاستقالة من الأمل ممنوعة، ووفاء له نقول أننا لن نستقيل». وكان مقصود من الأصوات الأعلى في الولاياتالمتحدة المناصرة للقضية الفلسطينية منذ أن كان سفيراً لدى الجامعة العربية في الهند بين أعوام 1961 و1966، وفي الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة بين أعوام 1979 و1990، وقدم استقالته في ذلك العام بعد الاجتياح العراق للكويت، وحتى عمله كمحاضر ومدير معهد «الجنوب العالمي» في الجامعة الأميركية في واشنطن. كما عمل مقصود صحافياً ومحرراً في صحيفتي «الأهرام» و «النهار». وهو مؤلف لكتب عدة، بينها: «أزمة اليسار العربي»، و «معنى عدم الانحياز»، و «من زوايا الذاكرة». ورحلت زوجته الناشطة والمؤلفة العربية الأميركية هالة سلام مقصود عام 2002، ولديهما ابنة واحدة تعيش في ولاية فيرجينيا.