تعهد وزير النقل والاتصالات بن علي يلدرم الذي خلف أحمد داود أوغلو رسمياً في زعامة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، ورئاسة الحكومة، بالسير على نهج الرئيس رجب طيب أردوغان الذي كلفه تشكيل الحكومة أمس، والسعي إلى تحقيق حلمه في تحويل النظام رئاسياً. أتى اختيار يلدرم، وهو من مؤسسي الحزب والقوة الدافعة وراء مشاريع ضخمة للبنية التحتية أطلقها أردوغان، خلال مؤتمر طارئ عقده «العدالة والتنمية» في أنقرة، بعدما طلب الرئيس من داود أوغلو التنحي عن منصبيه، إثر خلافهما على الصلاحيات. وأكد داود أوغلو في كلمة وداعية أن استقالته لم تكن «خياره»، متحدثاً عن «تضحيته بالمنصب خشية انقسام الحزب». وتابع: «ليس هناك شخص لا يمكن الاستغناء عنه في هذه الحركة». واعتبر أنه نجح في قيادته الحزب الذي «تتجاوز شعبيته 55 في المئة»، والحكومة التي «نفّذت كل وعودها الانتخابية». وشدد على زعامة أردوغان، لكنه لم يشكره في نهاية خطابه، مكتفياً بأن تمنى النجاح ليلدرم في قيادة الحزب. وقدّم داود أوغلو لاحقاً استقالته رسمياً إلى الرئيس الذي قَبِلها، ممهداً لتكليف يلدرم تشكيل الحكومة. يلدرم الذي حصل على شبه إجماع لدى مندوبي الحزب (1405 من 1470)، اختار جميع أعضاء اللجنة التنفيذية الموالية لأردوغان، بعد تغيير 23 اسماً من 50. إذ استبعد كل الأسماء المحسوبة على داود أوغلو، أو التي يجمعها ودّ مع الرئيس السابق عبدالله غل، في إطار تصفية جديدة لجميع مَن لا يتبع الرئيس مباشرة، علماً أنه ترك الحزب بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، وفق الدستور. وغادرت اللجنة المركزية أسماء مهمة، مثل نائب رئيس الوزراء نعمان كورطولمش، ونائب رئيس الوزراء مسؤول الملف الكردي يالتشن أكدوغان، والنائبَين السابقين لرئيس الوزراء محمد علي شاهين وجميل شيشيك. وكان لافتاً أن كلمة غل خلال المؤتمر لقيت تجاهلاً وعدم تصفيق، أثناء تلاوتها. وعلى رغم غيابه عن المؤتمر، كان أردوغان حاضراً بقوة، إذ وقف مندوبو الحزب، خلال تلاوة كلمة للرئيس، مكرراً رغبته في صوغ دستور جديد وتصحيح نظام إداري «مشوّه». وأضاف: «قد تكون روابطي القانونية بالحزب انقطعت، يوم أديت القسم الدستوري رئيساً، لكن روابط القلب لم ولن تنقطع أبداً». وألقى يلدرم (60 سنة) كلمة عاطفية بعد انتخابه رئيساً للحزب الحاكم، إذ وصف أردوغان بأنه «رجل الشعب» و»مهندس تركيا»، وزاد: «قلنا دوماً بفخر إننا رفاق رجب طيب أردوغان، وإننا نتقاسم مصيراً مشتركاً وشغفاً مشتركاً. السيد الرئيس، نعدكم بأن شغفكم سيكون شغفنا، وقضيتكم ستكون قضيتنا، ومساركم مسارنا». وشدد على «أولية إضفاء شرعية على الوضع القائم، لإنهاء الارتباك من خلال تغيير الدستور. رئيسنا يحمل مسؤولية شعبنا والدستور الجديد سيكون من أجل نظام رئاسي تنفيذي». وتعهد متابعة «عمليات مكافحة الإرهاب» ضد «حزب العمال الكردستاني»، كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى «وضع حد للغموض» حول عضوية تركيا. وتتطلّع الأنظار الآن إلى الانطلاقة الثالثة لحزب «العدالة والتنمية»، تحت قيادة يلدرم، والتعديلات الحكومية التي قد يجريها، تبعاً لتوجيهات أردوغان. ورجّح بعضهم حدوث تغيير تدريجي في السياسة الخارجية للحكومة الجديدة، من خلال تحسين علاقات أنقرة مع الخارج، والابتعاد عن الجماعات الإسلامية والدينية في المنطقة، من دون قطع حبل الوصل معها أو رفع الحماية عنها. ويترقّب الجميع مصير رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان الذي اعتبره بعضهم محسوباً على داود أوغلو في الآونة الأخيرة، وكذلك وكيل وزارة الخارجية فريدون سينيرلي أوغلو، العقل المفكر في الوزارة.